حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , حدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ ، قَالَ قَرَأْتُ عَلَى سَهْلِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ , حدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ الْجَصَّاصُ ، قَالَ : قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : " طُوبَى لِمَنْ حَذِرَ سَكَرَاتِ الْهَوَى وَثَوْرَةَ الْغَضَبِ وَالْفَرَحِ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا فَصَبَرَ عَلَى مُرَارَةِ التَّقْوَى ، وَطُوبَى لِمَنْ لَزِمَ الْجَادَّةَ بِالانْكِمَاشِ وَالْحَذَرِ ، وَتَخَلَّصَ مِنَ الدُّنْيَا بِالثَّوَابِ وَالْهَرَبِ كَهَرَبِهِ مِنَ السَّبْعِ الْكَلْبِ ، طُوبَى لِمَنِ اسْتَحْكَمَ أُمُورَهُ بِالاقْتِصَادِ وَاعْتَقَدَ الْخَيْرَ لِلْمَعَادِ وَجَعَلَ الدُّنْيَا مَزْرَعَةً وَتَنَوَّقَ فِي الْبَذْرِ لَيَفْرَحَ غَدًا بِالْحَصَادِ ، طُوبَى لِمَنِ انْتَقَلَ بِقَلْبِهِ مِنْ دَارِ الْغُرُورِ وَلَمْ يَسَعَ لَهَا سَعْيَهَا فَيَبْرُزُ مِنْ حَظَوَاتِ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا مِنْهُ عَلَى بَالٍ ، اضْطَرَبَتْ عَلَيْهِ الأَحْوَالُ ، مَنْ تَرَكَ الدُّنْيَا لِلآخِرَةِ رَبِحَهُمَا وَمَنْ تَرَكَ الآخِرَةَ لِلدُّنْيَا خَسِرَهُمَا وَكُلُّ أُمٍّ يَتْبَعُهَا بَنُوهَا ، بَنُو الدُّنْيَا تُسْلِمُهُمْ إِلَى خِزْيٍ شَدِيدٍ وَمَقَامِعَ مِنْ حَدِيدٍ وَشَرَابِ الصَّدِيدِ ، وَبَنُو الآخِرَةِ تُسْلِمُهُمْ إِلَى عَيْشٍ رَغَدٍ وَنَعِيمِ الأَبَدِ فِي ظِلٍّ مَمْدُودٍ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ وَأَنْهَارٍ تَجْرِي بِغَيْرِ أُخْدُودٍ ، وَكَيْفَ يَكُونُ حَكِيمًا مَنْ هُوَ لَهَا يَهْوَى رَكُونٌ ؟ وَكَيْفَ يَكُونُ رَاهِبًا مَنْ يَذْكُرُ مَا أَسْلَفَتْ يَدَاهُ وَلا يَذُوبُ ، الْفِكْرُ فِي الدُّنْيَا حِجَابٌ عَنِ الآخِرَةِ وَعُقُوبَةٌ لأَهْلِ الْوَلايَةِ ، وَالْفِكْرَةُ فِي الآخِرَةِ تُورِثُ الْحِكْمَةَ وَتُحْيِي الْقَلْبَ ، وَمَنْ نَظَرَ إِلَى الدُّنْيَا مُوَلِّيَةً صَحَّ عِنْدَهُ غُرُورُهَا وَمَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا مُقْبِلَةً بِزِينَتِهَا شَابَ فِي قَلْبِهِ حُبُّهَا ، وَمَنْ تَمَّتْ مَعْرِفَتُهُ اجْتَمَعَ هَمُّهُ فِي أَمْرِ اللَّهِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ شُغْلَهُ " , أَسْنَدَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْقَلِيلَ فَمِنْ مَفَارِيدِهِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |