ابو سليمان الداراني


تفسير

رقم الحديث : 14466

حَدَّثَنَا أَبِي , قَالَ : سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ يُوسُفَ ، يَقُولُ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الأَنْطَاكِيُّ : " اسْتَكْثِرْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَفْسِكَ قَلِيلَ الرِّزْقِ تَخَلُّصًا إِلَى الشُّكْرِ وَاسْتَقْلِلْ مِنْ نَفْسِكَ لِلَّهِ كَثِيرَ الطَّاعَةِ ازْدِرَاءً عَلَى النَّفْسِ وَتَعَرُّضًا لِلْعَفْوِ ، وَارْفَعْ عَنْكَ حَاضِرًا لَيْسَ بِحَاضِرِ الْعِلْمِ بِخَالِصِ الْعَمَلِ ، وَتَحَرَّزْ فِي خَالِصِ الْعَمَلِ مِنْ عَظِيمِ الْغَفْلَةِ بِشِدَّةِ التَّيَقُّظِ ، وَاسْتَجْلِبْ شِدَّةَ التَّيَقُّظِ بِشِدَّةِ الْخَوْفِ ، وَاحْذَرْ خَفِيَّ التَّزَيُّنِ بِحَاضِرِ الْحَيَاءِ ، وَاتَّقِ مُجَازَفَةَ الْهَوَى بِدَلالَةِ الْعَقْلِ ، وَقِفْ عِنْدَ غَلَبَتِهِ عَلَيْكَ لاسْتِرْشَادِ الْعِلْمِ وَاسْتَبْقِ خَالِصَ الأَعْمَالِ لِيَوْمِ الْجَزَاءِ وَانْزِلْ بِسَاحَةِ الْقَنَاعَةِ بِاتِّقَاءِ الْحِرْصِ ، وَارْفَعْ عَظِيمَ الْحِرْصِ بِإِيثَارِ الْقَنَاعَةِ ، وَاسْتَجْلِبْ حَلاوَةَ الزُّهْدِ بِقِصَرِ الأَمَلِ ، وَاقْطَعْ أَسْبَابَ الطَّمَعِ بِصِحَّةِ الإِيَاسِ ، وَتَخَلَّصْ إِلَى رَاحَةِ الْقَلْبِ بِصِحَّةِ التَّفْوِيضِ ، وَأَطْفِئْ نَارَ الطَّمَعِ بِبَرْدِ الإِيَاسِ ، وَسُدَّ سَبِيلَ الْعُجْبِ بِمَعْرِفَةِ النَّفْسِ ، وَاطْلُبْ رَاحَةَ الْبَدَنِ بِإِجْمَامِ الْقَلْبِ ، وَتَخَلَّصْ إِلَى إِجْمَامِ الْقَلْبِ بِقِلَّةِ الْخَطَأِ وَتَرْكِ الطَّلَبِ ، وَتَعَرَّضْ لِرِقَّةِ الْقَلْبِ بِدَوَامِ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الذِّكْرِ مِنْ أَهْلِ الْعُقُولِ ، وَاسْتَجْلِبْ نُورَ الْقَلْبِ بِدَوَامِ الْحُزْنِ ، وَاسْتَفْتِحْ بَابَ الْحُزْنِ بِطُولِ الْفِكْرِ ، وَالْتَمِسْ وُجُودَ الْفِكْرِ فِي مَوَاطِنِ الْخَلَوَاتِ وَتَحَرَّزْ مِنْ إِبْلِيسَ بِالْخَوْفِ الصَّادِقِ بِمُخَالَفَةِ هَوَاكَ ، وَإِيَّاكَ وَالرَّجَاءَ الْكَاذِبَ فَإِنَّهُ يُوقِعُكَ فِي الْخَوْفِ الْكَاذِبِ ، وَامْزُجِ الرَّجَاءَ الصَّادِقَ بِالْخَوْفِ الصَّادِقِ ، وَتَزَيَّنْ لِلَّهِ بِالصِّدْقِ فِي الأَعْمَالِ ، وَتَحَبَّبْ إِلَيْهِ بِتَعْجِيلِ الانْتِقَالِ ، وَإِيَّاكَ وَالتَّسْوِيفَ فَإِنَّهُ بَحْرٌ يَغْرَقَ فِيهِ الْهَلْكَى ، وَإِيَّاكَ وَالْغَفْلَةَ فَمِنْهَا سَوَّادُ الْقَلْبِ ، وَإِيَّاكَ وَالتَّوَانِيَ فِيمَا لا عُذْرَ فِيهِ فَإِلَيْهِ مَلْجَأُ النَّادِمِينَ ، وَاسْتَرْجِعْ بِسَالِفِ الذُّنُوبِ شِدَّةَ النَّدَمِ وَكَثْرَةَ الاسْتِغْفَارِ ، وَتَعَرَّضْ لِعَفْوِ اللَّهِ بِحُسْنِ الْمُرَاجَعَةِ وَاسْتَعِنْ عَلَى حُسْنِ الْمُرَاجَعَةِ بِخَالِصِ الدُّعَاءِ وَالْمُنَاجَاةِ ، وَتَخَلَّصْ إِلَى عَظِيمِ الشُّكْرِ بِاسْتِكْثَارِ قَلِيلِ الرِّزْقِ وَاسْتِقْلالِ كَثِيرِ الطَّاعَةِ ، وَاسْتَجْلِبِ زِيَادَةَ النِّعَمِ بِعَظِيمِ الشُّكْرِ ، وَاسْتَدِمْ عَظِيمَ الشُّكْرِ بِخَوْفِ زَوَالِ النِّعَمِ ، وَاطْلُبْ بِهَا الْعِزَّ بِإِمَاتَةِ الطَّمَعِ ، وَادْفَعْ ذُلَّ الطَّمَعِ بِعِزِّ الإِيَاسِ ، وَاسْتَجْلِبْ عِزَّ الإِيَاسِ بِبُعْدِ الْهِمَّةِ ، وَاسْتَعِنْ عَلَى بُعْدِ الْهِمَّةِ بِقِصَرِ الأَمَلِ ، وَبَادِرْ بِانْتِهَازِ الْبُغْيَةِ عِنْدَ إِمْكَانِ الْفُرْصَةِ بِخَوْفِ فَوَاتِ الإِمْكَانِ ، وَلا إِمْكَانَ كَالأَيَّامِ الْخَالِيَةِ مَعَ صِحَّةِ الأَبْدَانِ ، وَأُحَذِّرُكَ سَوْفَ فَإِنَّ دُونَهُ مَا يَقْطَعُ بِكَ عَنْ بُغْيَتِكَ ، وَإِيَّاكَ وَالثِّقَةَ بِغَيْرِ الْمَأْمُونِ , فَإِنَّ لِلشَّرِّ ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْغِذَاءِ ، وَلا عَمَلَ كَطَلَبِ السَّلامَةِ ، وَلا سَلامَةَ كَسَلامَةِ الْقَلْبِ ، وَلا عَقْلَ كَمُخَالَفَةِ الْهَوَى ، وَلا عِزَّ كَعِزِّ الْيَأْسِ ، وَلا خَوْفَ كَخَوْفٍ حَاجِزٍ , وَلا رَجَاءَ كَرَجَاءٍ مُعِينٍ ، وَلا فَقْرٍ كَفَقْرِ الْقَلْبِ ، وَلا غِنًى كَغِنَى النَّفْسِ ، وَلا قُوَّةَ كَغَلَبَةِ الْهَوَى ، وَلا نُورَ كَنُورِ الْيَقِينِ ، وَلا يَقِينَ كَاسْتِصْغَارِكَ الدُّنْيَا ، وَلا مَعْرِفَةَ كَمَعْرِفَةِ نَفْسِكَ ، وَلا نِعْمَةَ كَالْعَافِيَةِ ، وَلا عَافِيَةَ كَمُسَاعَدَةِ التَّوْفِيقِ ، وَلا شَرَفَ كَبُعْدِ الْهِمَّةِ ، وَلا زُهْدَ كَقِصَرِ الأَمَلِ ، وَلا حِرْصَ كَالْمُنَافَسَةِ فِي الدَّرَجَاتِ ، وَلا عَدْلَ كَالإِنْصَافِ ، وَلا تَعَدِّيَ كَالْجَوْرِ ، وَلا جَوْرَ كَمُوَافَقَةِ الْهَوَى ، وَلا طَاعَةَ كَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ ، وَلا مُصِيبَةَ كَعَدَمِ الْعَقْلِ ، وَلا عَدَمَ عَقْلٍ كَقِلَّةِ الْيَقِينِ ، وَلا قِلَّةَ يَقِينٍ كَفَقْدِكَ الْخَوْفَ ، وَلا فَقْدَ خَوْفٍ كَقِلَّةِ الْحُزْنِ عَلَى فَقْدِكَ الْخَوْفَ ، وَلا مُصِيبَةَ كَاسْتِهَانَتِكَ بِذَنْبِكَ وَرِضَاكَ بِالْحَالَةِ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا ، وَلا مُشَاهَدَةَ كَالْيَقِينِ ، وَلا فَضِيلَةَ كَالْجِهَادِ ، وَلا جِهَادَ كَمُجَاهَدَةِ هَذِهِ النَّفْسِ ، وَلا غَلَبَةَ كَغَلَبَةِ الْهَوَى , وَلا قُوَّةَ كَرَدِّ الْغَضَبِ , وَلا مَعْصِيَةَ كَحُبِّ الْبَقَاءِ ، وَإِنَّ حُبَّ الدُّنْيَا لِمَنْ أَحَبَّ الْبَقَاءَ , وَلا ذُلَّ كَالطَّمَعِ ، وَإِيَّاكَ وَالتَّفْرِيطَ عِنْدَ إِمْكَانِ الْفُرْصَةِ , فَإِنَّهُ مَيْدَانٌ يَجْرِي لأَهْلِهِ بِالْحَسَرَاتِ ، وَالْعُقُولُ مَعَادِنُ لِلرَّأْيِ ، وَالْعِلْمُ دَلالَةٌ عَلَى اخْتِيَارِ عَوَاقِبِ الأُمُورِ بِإِقْبَالِ مَوَارِدِهَا وَتَصَرُّفِ مَصَادِرِهَا ، وَالتَّزَيُّنُ اسْمٌ لِمَعَانٍ ثَلاثَةٍ : فَمُتَزَيِّنٌ بِعِلْمٍ وَمُتَزَيِّنٌ بِجَهْلٍ ، وَمُتَزَيِّنٌ بِتَرْكِ التَّزَيُّنِ وَهُوَ أَعْمَقُهَا وَأَحَبُّهَا إِلَى إِبْلِيسَ مِنَ الْعَالِمِ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.