وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : " لَكَ الْحَمْدُ يَا ذَا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ وَالآلاءِ وَالسَّعَةِ ، إِلَيْكَ تَوَجَّهْنَا وَبِفِنَائِكَ أَنَخْنَا ، وَلَمْعُرُوفِكَ تَعَرَّضْنَا ، وَبُقْرِبَكَ نَزَلْنَا ، يَا حَبِيبَ التَّائِبِينَ ، وَيَا سُرُورَ الْعَابِدِينَ ، وَيَا أَنِيسَ الْمُنَفِّرِينَ , وَيَا حِرْزَ اللاجِئِينَ , وَيَا ظَهْرَ الْمُنْقَطِعِينَ ، وَيَا مَنْ حَبَّبَ إِلَيْهِ قُلُوبَ الْعَارِفِينَ وَبِهِ آنَسَتْ أَفْئِدَةُ الصِّدِّيقِينَ ، وَعَلَيْهِ عَطَفَتْ رَهْبَةُ الْخَائِفِينَ ، يَا مَنْ أَذَاقَ قُلُوبَ الْعَابِدِينَ لَذِيذَ الْحَمْدِ وَحَلاوَةَ الانْقِطَاعِ إِلَيْهِ ، يَا مَنْ يَقْبَلُ مَنْ تَابَ , وَيَعْفُو عَمَّنْ أَنَابَ ، وَيَدْعُو الْمُوَلِّينَ كَرَمًا , وَيَرْفَعُ الْمُقْبِلِينَ إِلَيْهِ تَفَضُّلا ، يَا مَنْ يَتَأَنَّى عَلَى الْخَاطِئِينَ , وَيَحْلُمُ عَنِ الْجَاهِلِينَ ، وَيَا مَنْ حَلَّ عُقْدَةَ الرَّغْبَةِ مِنْ قُلُوبِ أَوْلِيَائِهِ ، وَمَحَا شَهْوَةَ الدُّنْيَا عَنْ فِكْرِ قُلُوبِ خَاصَّتِهِ وَأَهْلِ مَحَبَّتِهِ ، وَمَنَحَهُمْ مَنَازِلَ الْقُرْبِ وَالْوِلايَةِ ، وَيَا مَنْ لا يُضَيِّعُ مُطِيعًا , وَلا يَنْسَى صَبِيًّا ، يَا مَنْ مَنَحَ بِالنَّوَالِ ، وَيَا مَنْ جَادَ بِالاتِّصَالِ ، يَا ذَا الَّذِي اسْتَدْرَكَ بِالتَّوْبَةِ ذُنُوبَنَا , وَكَشَفَ بِالرَّحْمَةِ غُمُومَنَا وَصَفَحَ عَنْ جُرْمِنَا ، بَعْدَ جَهْلِنَا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا بَعْدَ إِسَاءَتِنَا ، يَا أُنْسَ وَحْشَتِنَا , وَيَا طَبِيبَ سَقَمِنَا ، يَا غِيَاثَ مَنْ أُسْقِطَ بِيَدِهِ ، وَتَمَكَّنَ حَبْلُ الْمَعَاصِي ، وَأَسْفَرَ خِدْرُ الْحَيَا عَنْ وَجْهِهِ ، هَبْ خُدُودَنَا لِلتُّرَابِ بَيْنَ يَدَيْكَ , يَا خَيْرَ مَنْ قَدَرَ وَأَرْأَفَ مَنْ رَحِمَ وَعَفَا " .