يحيى بن معاذ


تفسير

رقم الحديث : 15079

وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ ، يَقُولُ : قَالَ عُتْبَةُ الْغُلامُ : " مَنْ عَرَفَ اللَّهَ أَحَبَّهُ ، وَمَنْ أَحَبَّ اللَّهَ أَطَاعَهُ ، وَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ أَكْرَمَهُ ، وَمَنْ أَكْرَمَهُ أَسْكَنَهُ فِي جِوَارِهِ ، وَمَنْ أَسْكَنَهُ فِي جِوَارِهِ فَطُوبَاهُ وَطُوبَاهُ ، وَالْمُحِبُّ الصَّادِقُ إِذَا اسْتَنَارَ قَلْبُهُ بِنُورِ حُبِّ الْوِدَادِ نَحَلَ جِسْمُهُ لأَنَّ قَلِيلَ الْمَحَبَّةِ يَبِينُ عَلَى صَاحِبِهَا كَثِيرُ النُّحُولِ ، فَإِذَا وَرَدَتْ خَطَرَاتُ الشَّوْقِ عَلَيْهِ عَلِمَ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خِلالٍ أَرْبَعٍ : إِمَّا أَنْ يَتَقَبَّلَ طَاعَتَهُ فَيَفُوزَ بِثَوَابِهَا ، وَإِمَّا أَنْ يَشْغَلَهُ فِي الدُّنْيَا بِطَاعَتِهِ عَنِ الآثَامِ فَتَقِلَّ خَطَايَاهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَتَدَارَكَهُ بِنَظَرِهِ فَيُلْحِقَهَ بِدَرَجَةِ الْمُحِبِّينَ تَفَضُّلا ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ ذَلِكَ فَإِنْ فَاتَتْهُ الثَّلاثُ لَمْ يَفُتْهُ الرَّابِعُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثَوَابَ النَّصَبِ لِلَّهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ قَلِيلَ الْقُرْبَةِ عِنْدَ الْكَرِيمِ يُعْتِقَ بِهَا الرِّقَابَ مِنَ النَّارِ ، فَمَنْ نَجَا مِنَ النَّارِ فَمَا لَهُ مَنْزِلَةٌ غَيْرُ الْجَنَّةِ ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ سورة الشورى آية 7 ، فَهَلْ تَرَى لأَحَدٍ مَنْزِلَةً بَيْنَهُمَا ، وَمَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي عِزِّ الْمَحَبَّةِ فَعَلَيْهِ بِمُفَارَقَةِ الأَحْبَابِ وَالْخَلْوَةِ بِرَبِّ الأَرْبَابِ ، فَإِنْ قِيلَ : فَمِنْ أَيْنَ قُلْتَ ذَلِكَ ؟ فَقَدْ حَدَّثَنِي بَعْضُ الْعُلَمَاءِ ، قَالَ : قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ لأَخٍ لَهُ فِي اللَّهِ : إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ لِلَّهِ وَلِيًّا وَهُوَ لَكَ مُحِبًّا ، فَدَعِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ وَلا تَرْغَبَنَّ فِيهِمَا ، وَفَرِّغْ نَفْسَكَ مِنْهُمَا ، وَأَقْبِلْ بِوَجْهِكَ عَلَى اللَّهِ يُقْبِلِ اللَّهُ بِوَجْهِهِ عَلَيْكَ وَيَلْطُفْ ، بِكَ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلامُ : يَا يَحْيَى ، إِنِّي قَضَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لا يُحِبَّنِي عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي أَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ ، إِلا كُنْتُ سَمْعَهَ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَلِسَانَهُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ ، وَقَلْبَهُ الَّذِي يَفْهَمُ بِهِ ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ بَغَّضْتُ إِلَيْهِ الاشْتِغَالَ بِغَيْرِي وَأَدَمْتُ فِكْرَتَهُ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَهُ وَأَظْمَأْتُ نَهَارَهُ ، يَا يَحْيَى ، أَنا جَلِيسُ قَلْبِهِ ، وَغَايَةُ أُمْنِيَّتِهِ ، وَأَمَلِهِ أَهَبُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ ، وَسَاعَةٍ فَيَتَقَرَّبُ مِنِّي وَأَتَقَرَّبُ مِنْهُ أَسْمَعُ كَلامَهُ وَأُجِيبُ تَضَرُّعَهُ ، فَوَعِزَّتِي وَجَلالِي لأَبْعَثَنَّهُ مَبْعَثًا يَغْبِطُهُ بِهِ النَّبِيُّونَ وَالْمُرْسَلُونَ ، ثُمَّ آمُرُ مُنَادِيًا يُنَادِي هَذَا فُلانُ ابْنُ فُلانٍ وَلِيُّ اللَّهِ وَصَفِيُّهُ ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ دَعَاهُ إِلَى زِيَارَتِهِ لِيَشْفِيَ صَدْرَهُ مِنَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ ، فَإِذَا جَاءَنِي رَفَعْتُ الْحِجَابَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، فَنَظَرَ إِلَيَّ كَيْفَ شَاءَ وَأَقُولُ : أَبْشِرْ فَوَعِزَّتِي وَجَلالِي لأَشْفِيَنَّ صَدْرَكَ مِنَ النَّظَرِ إِلَيَّ ، وَلأَجُدِّدَنَّ كَرَامَتَكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَسَاعَةٍ ، فَإِذَا تَوَجَّهَتِ الْوفُودُ إِلَيْهِ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : أَيُّهَا الْمُتَوَجِّهُونَ إِلَى مَا ضَرَّكُمْ مَا فَاتَكُمْ مِنَ الدُّنْيَا إِذَا كُنْتُ لَكُمْ حَظًّا ، وَمَا ضَرَّكُمْ مَنْ عَادَاكُمْ إِذَا كُنْتُ لَكُمْ سِلْمًا " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.