حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ ، يَقُولُ : ثنا عُبَيْدٌ الْبُسْرِيُّ ، قَالَ : " سَأَلْتُ رَجُلا بِاللِّكَامِ : مَا الَّذِي أَجْلَسَكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ؟ قَالَ : وَمَا سُؤَالُكَ عَنْ شَيْءٍ إِنْ طَلَبْتَهُ لَمْ تُدْرِكْهُ ، وَإِنْ لَحِقْتَهُ لَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ ؟ قُلْتُ : تُخْبِرُنِي مَا هُوَ ؟ قَالَ : عِلْمِي بِأَنَّ مُجَالَسَةَ اللَّهِ تَسْتَغْرِقُ نُعَيْمَ الْجِنَّانِ كُلِّهَا ، قُلْتُ : بِمَ ؟ قَالَ : أَوَّاهُ قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ نَفْسِي ظَفِرَتْ ، وَمِنَ الْخَلْقِ هَرَبَتْ ، فَإِذَا أَنَا كَذَّابٌ فِي مَقَامِي لَوْ كُنْتُ مُحِبًّا لِلَّهِ صَادِقًا مَا اطَّلَعَ عَلَيَّ أَحَدٌ , فَقُلْتُ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُحِبِّينَ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ ، مُسْتَأْنِسُونَ بِخَلْقِهِ يَبْعَثُهُمْ عَلَى طَاعَتِهِ , قَالَ : فَصَاحَ بِي صَيْحَةً ، وَقَالَ : يَا مَخْدُوعُ , لَوْ شَمَمْتَ رَائِحَةَ الْحُبِّ ، وَعَايَنَ قَلْبُكَ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْبِ وَمَا احْتَجْتَ أَنْ تَرَى فَوْقَ مَا رَأَيْتَ , ثُمَّ قَالَ : يَا سَمَاءُ , وَيَا أَرْضُ اشْهَدَا عَلَى أَنَّهُ مَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِي ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ قَطُّ ، وَإِنْ كُنْتُ صَادِقًا فَأَمِتْنِي , فَوَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ لَهُ كَلامًا بَعْدَهَا وَخِفْتُ أَنِ يَسْبِقَ إِلَيَّ الظَّنُّ مِنَ النَّاسِ فِي قَتْلِهِ ، فَتَرَكْتُهُ وَمَضَيْتُ ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ إِذَا أَنَا بِجَمَاعَةٍ ، فَقَالُوا : مَا فَعَلَ الْفَتَى ؟ فَكَنَّيْتُ عَنْ ذَلِكَ , فَقَالُوا : ارْجِعْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ قَبَضَهُ فَصَلَّيْتُ مَعَهُمْ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : مَنْ هَذَا الرَّجُلُ ؟ وَمَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : وَيْحَكَ هَذَا رَجُلٌ بِهِ كَانَ يُمْطِرُ الْمَطَرُ , قَلْبُهُ عَلَى قَلْبِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلامُ , أَمَا رَأَيْتَهُ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّ ذِكْرَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِهِ قَطُّ ، فَهَلْ كَانَ أَحَدٌ هَكَذَا إِلا إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ؟ قُلْتُ : فَمَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ السَّبْعَةُ الْمَخْصُوصُونَ مِنَ الأَبْدَالِ ، قُلْتُ : عَلِّمُونِي شَيْئًا ، قَالُوا : لا تُحِبَّ أَنْ تُعْرَفَ وَلا تُحِبَّ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّكَ مِمَّنْ لا يُحِبُّ أَنْ يُعْرَفَ " .