حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، ثنا أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بْنُ رَوْحٍ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُبَيْقٍ ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : كُنْتُ فِي مَجْلِسِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَقَدْ نَفِدَ بَعْضُ نَفَقَتِي فِي بَعْضِ الأَسْفَارِ ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الحديث : مَنْ تُؤَمِّلُ لِمَا نَزَلَ بِكَ ؟ قُلْتُ : يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : إِذًا لا تُقْضَى حَاجَتُكَ وَلا تَنْجَحُ طِلْبَتُكَ ، قَالَ : وَمَا عِلْمُكَ ؟ قَالَ : لأَنِّي قَرَأْتُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : " وَعِزَّتِي وَجَلالِي ، وَجُودِي ، وَكَرَمِي ، وَارْتِفَاعِي فِي مَكَانِي ، لأَقْطَعَنَّ أَمَلَ كُلِّ مُؤَمَّلٍ يُؤَمِّلُ غَيْرِي بِالإِيَاسِ ، وَلأَكْسُوَنَّهُ ثَوْبَ الْمَذَلَّةَ عِنْدَ النَّاسِ ، وَلأُنَحِّيَنَّهُ مِنْ قُرْبِي ، وَلأُبْعِدَنَّهُ مِنْ وَصْلِي أَيُؤَمِّلُ غَيْرِي فِي الشَّدَائِدِ ، وَالشَّدَائِدُ بِيَدِي وَيَرْجُو غَيْرِي ، وَيَقْرَعُ بِالْفَقْرِ بَابَ غَيْرِي وَبِيَدِي مَفَاتِيحُ الأَبْوَابِ ، وَهِيَ مُغْلَقَةٌ ، وَبَابِي مَفْتُوحٌ لِمَنْ دَعَانِي مَنْ ذَا الَّذِي أَمَّلَنِي لِنَوَائِبِهِ فَقَطَعْتُ بِهِ دُونَهَا ، وَمَنْ ذَا الَّذِي رَجَانِي لَعَظِيمِ جُرْمِهِ فَقَطَعْتُ رَجَاءَهُ ، وَمَنْ ذَا الَّذِي دَعَانِي فَلَمْ أَفْتَحْ لَهُ جَعَلْتُ آمَالَ عِبَادِي مُتَّصِلَةً بِي فَقُطِعَتْ مِنْ غَيْرِي ، وَجَعَلْتُ رَجَاءَهُمْ مُدَّخَرًا عِنْدِي فَلَمْ يَرْضَوْا بِحِفْظِي ، وَمَلأْتُ سَمَاوَاتِي مِمَّنْ لا يَمَلُّونَ مِنْ تَسْبِيحِي ، وَأَمَرْتُهُمْ أَلا يُغْلِقُوا الأَبْوَابَ بَيْنِي وَبَيْنَ عِبَادِي فَلَمْ يَثِقُوا بِقَوْلِي ، أَلَمْ يَعْلَمْ مَنْ طَرَقَتْهُ نَائِبَةٌ مِنْ نَوَائِبِي أَنَّهُ لا يَمْلِكُ كَشْفَهَا أَحَدٌ إِلا بِإِذْنِي فَمَالِي أَرَاهُ بِآمَالِهِ مُعْرِضًا عَنِّي ؟ وَمَالِي أَرَاهُ لاهِيًا عَنِّي ؟ أَعْطَيْتُهُ بِجُودِي مَا لَمْ يَسْأَلْنِي ثُمَّ انْتَزَعْتُهُ مِنْهُ وَلَمْ يَسْأَلْنِي رَدَّهُ وَسَأَلَ غَيْرِي ، أَنَا أَبْدَأُ بِالْعَطِيَّةِ قَبْلَ أَنْ أُسْأَلَ ، ثُمَّ أُسْأَلُ فَلا أُخَيِّبُ سَائِلِي ، أَبَخِيلٌ أَنَا فَيُبَخِّلْنِي عِبَادِي ؟ أَوَلَيْسَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ لِي ؟ أَوَلَيْسَ الْفَضْلُ وَالرَّحْمَةُ بِيَدِي ؟ أَوَلَيْسَ الْجُودُ وَالْكَرَمُ لِي ؟ أَوَلَيْسَ أَنَا مَحَلُّ الآمَالِ ؟ فَمَنْ يَقْطَعُهَا دُونِي ، أَوَمَا يُحْسِنُ الْمُؤَمِّلُونَ أَنْ يُؤَمِّلُونِي ؟ وَلَوْ جَمَعْتُ أَهْلَ سَمَاوَاتِي وَأَرْضِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنَ الْفِكْرِ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتُ الْجَمِيعَ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : أَمِّلُونِي فَأَمَّلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَسْأَلَتَهُ لَمْ يَنْقُصْ مِمَّا عِنْدِي عُضُوَّ ذَرَّةٍ ، وَكَيْفَ يَنْقُصُ مُلْكٌ أَنا قَيِّمُهُ ؟ فَيَا بُؤْسًا لِلْقَانِطِينَ مِنْ رَحْمَتِي ، وَيَا سَوْأَةَ مَنْ عَصَانِي فَلَمْ يُرَاقِبْنِي " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |