وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : " تُرْبَةُ الْمَعَاصِي الأَمَلُ ، وَبِذْرُهَا الْحِرْصُ ، وَمَاؤُهَا الْجَهْلُ ، وَصَاحِبَهَا الإِصْرَارُ ، وَتُرْبَةُ الطَّاعَةِ الْمَعْرِفَةُ ، وَبِذْرُهَا الْيَقِينُ ، وَمَاؤُهَا الْعِلْمُ ، وَصَاحِبَهَا السَّعِيدُ الْمُفَوِّضُ أُمُورِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَالَ : مَنْ ظَنَّ ظَنَّ السُّوءِ حُرِمَ الْيَقِينَ ، وَمَنْ تَكَلَّمَ فِيمَا لا يَعْنِيهِ حُرِمَ الصِّدْقَ ، وَمَنِ اشْتَغَلَ بِالْفُضُولِ حُرِمَ الْوَرَعُ ، فَإِذَا حُرِمَ هَذِهِ الثَّلاثَةَ هَلَكَ وَهُوَ مَثْبَتٌ فِي دِيوَانِ الأَعْدَاءِ ، وَقَالَ : مَنْ خَدَمَ وَمَعْنَاهُ مَنْ تَرَكَ التَّدْبِيرَ وَالاخْتِيَارَ وُفِّقَ ، وَمَنْ لَمْ يُوَفَّقْ لَمْ يَتْرُكِ التَّدْبِيرَ فَإِنَّ الْفَرَجَ كُلَّهُ فِي تَدْبِيرِ اللَّهِ لَنَا بِرِضَاهُ ، وَالشَّقَاءَ كُلَّهُ فِي تَدْبِيرِنَا ، وَلا نَجِدُ السَّلامَةَ حَتَّى نَكُونَ فِي التَّدْبِيرِ كَأَهْلِ الْقُبُورِ ، وَقَالَ : لِسَانُ الإِيمَانِ التَّوْحِيدُ ، وَفَصَاحَتُهُ الْعِلْمُ وَصِحَّةُ بَصَرِهِ الْيَقِينُ مَعَ الْعَقْلِ , وَقَالَ : النِّيَّةُ اسْمُ الأَسَامِي ، وَالطَّاعَاتُ أَسَامِي ، وَالنِّيَّةُ الإِخْلاصُ ، وَكَمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الظَّاهِرِ بِالْفِعْلِ ، كَذَلِكَ يَثْبُتُ حُكْمُ السِّرِّ بِالنِّيَّةِ ، وَمَنْ لا يَعْرِفُ نِيَّتَهُ لا يَعْرِفُ دِينَهُ ، وَمَنْ ضَيَّعَ نِيَّتَهُ فَهُوَ حَيْرَانُ ، وَلا يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ عِلْمِ النِّيَّةِ حَتَّى يُدْخِلَهُ اللَّهُ فِي دِيوَانِ أَهْلِ الصِّدْقِ ، وَيَكُونَ عَالِمًا بِعِلْمِ الْكِتَابِ ، وَعِلْمِ الآثَارِ ، وَعِلْمِ الاقْتِدَاءِ ، وَقَالَ : الْمُؤْمِنُ مَنْ رَاقَبَ رَبَّهُ ، وَحَاسَبَ نَفْسَهُ ، وَتَزَوَّدَ لِمَعَادِهِ ، وَقَالَ : الْهِجْرَةُ فَرْضٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ : مِنَ الْجَهْلِ إِلَى الْعِلْمِ ، وَمِنَ النِّسْيَانِ إِلَى الذِّكْرِ ، وَمِنَ الْمَعْصِيَةِ إِلَى الطَّاعَةِ ، وَمِنَ الإِصْرَارِ إِلَى التَّوْبَةِ ، وَقَالَ : مَنِ اشْتَغَلَ بِمَا لا يَعْنِيهِ نَالَ الْعَدُوُّ مِنْهُ حَاجَتَهُ فِي يَقَظَتِهِ وَمَنَامِهِ ، وَقَالَ : أَلَمْ أَقُلْ لَكَ دَعْ دُنْيَاكَ عِنْدَ أَعْدَائِكَ وَضَعْ سَرَّكَ عِنْدَ أَحِبَّائِكَ ؟ وَقَالَ : لَيْسَ مَنْ عَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ صَارَ حَبِيبَ اللَّهِ ، وَلَكِنْ مَنِ اجْتَنَبَ مَا نَهَى عَنْهُ اللَّهُ صَارَ حَبِيبَ اللَّهِ ، وَلا يَجْتَنِبُ الآثَامَ إِلا صِدِّيقٌ مُقَرَّبٌ ، وَأَمَّا أَعْمَالُ الْبِرِّ يَعْمَلُهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ " .