وَقَالَ ذُو النُّونِ : " النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا وَحُسَّادُ مَا مُنْعُوا مِنْ جُهِلَ قَدْرُهُ هُتِكَ سِتْرُهُ ، قَالَ : وَأَتَاهُ رَجُلٌ يَوْمًا ، فَقَالَ : يَا أَبَا الْفَيْضِ أَوْصِنِي ، فَقَالَ : بِمَ أُوصِيكَ إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ قَدْ أُيِّدْتَ مِنْهُ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ بِصِدْقِ التَّوْحِيدِ فَقَدْ سَبَقَ لَكَ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا دُعَاءُ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَذَلِكَ خَيْرٌ مِنْ وَصِيَّتِي ، وَإِنْ يَكُنْ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَنْ يَنْفَعَكَ النِّدَاءُ ، قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : اسْتَعَبْدَنَا بِالْعَنَاءِ فَلا بُدَّ مِنَ الانْقِيَادِ لَهُ ، قَالَ : وَسُئِلَ : لِمَ أَحَبَّ النَّاسُ الدُّنْيَا ؟ قَالَ : لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الدُّنْيَا خِزَانَةَ أَرْزَاقِهِمْ فَمَدُّوا أَعْينَهُمْ إِلَيْهَا قَالَ : الْحَبِيبُ يَسْبِقُ الاغْتِفَارَ قَبْلَ الاعْتِذَارِ ، وَقَالَ : مَنْ يَسْكُنْ قَلْبُكَ عَلَيْهِ فَلا تُفْشِ سَرَّكَ إِلَيْهِ وَسُئِلَ : مَنْ دُونَ النَّاسِ غَمًّا ؟ قَالَ : أَسْوَؤُهُمْ خُلُقًا ، قِيلَ : وَمَا عَلامَةُ سُوءِ الْخُلُقِ ؟ قَالَ : كَثْرَةُ الْخِلافِ ، وَقَالَ : صُدُورُ الأَحْرَارِ قُبُورُ الأَسْرَارِ وَسُئِلَ يَوْمًا : فِيمَ يَجِدُ الْعَبْدُ الْخَلاصَ ؟ قَالَ : الْخَلاصُ فِي الإِخْلاصِ فَإِذَا أَخْلَصَ تَخَلَّصَ ، قِيلَ : فَمَا عَلامَةُ الإِخْلاصِ ؟ قَالَ : إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي عَمَلِكَ مَحَبَّةُ حَمْدِ الْمَخْلُوقِينَ وَلا مَخَافَةُ ذَمِّهْمِ ، فَأَنْتَ مُخْلِصٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ " .