محمد بن الفضل


تفسير

رقم الحديث : 15574

سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّمْسَارَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : " اعْلَمْ يَا أَخِي ، أَنَّ الْوُصُولَ إِذَا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مَفَاوِزُ مُهْلُكَةٌ وَمَنَاهِلُ مُتْلِفَةٌ لا تُسْلَكُ إِلا بِدَلِيلٍ ، وَلا تُقْطَعُ إِلا بِدَوَامِ رَحِيلٍ وَأَنَا وَاصِفً لَكَ مِنْهَا مَفَازَةً وَاحِدَةً فَافْهَمْ مَا أَنْعَتُهُ لَكَ مِنْهَا وَقِفْ عِنْدَمَا أُشِيرُ لَكَ فِيهَا وَاسْتَمِعْ لِمَا أَقُولُ وَافْهَمْ مَا أَصِفُ : اعْلَمْ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْكَ مَفَازَةً إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ أُرِيدَ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَأَسْتَوْدِعَكَ اللَّهَ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يَجْعَلَ عَلَيْكَ وَاقِيَةً بَاقِيَةً ، فَإِنَّ الْخَطَرَ فِي سُلُوكِهَا عَظِيمٌ وَالأَمْرَ الْمَشَاهَدَ فِي الْمَمَرِّ بِهَا جَسِيمٌ ، فَإِنَّ مِنْ أَوَائِلِهَا أَنْ يُوغَلَ بِكَ فِي فَيْحِ بَرْزَخٍ لا أَمَدَ لَهُ إِيغَالا وَيُدْخَلَ بِكَ بِالْهُجُومِ فِيهِ إِدْخَالا وَتُرْسَلَ فِي جُوَيْهِنَتِهِ إِرْسَالا ، ثُمَّ تَتَخَلَّى مِنْكَ لَكَ وَيَتَخَلَّى مِنْكَ لَهُ فَمَنْ أَنْتَ حِينَئِذٍ ؟ وَمَاذَا يُرَادُ بِكَ ؟ وَمَاذَا يُرَادُ مِنْكَ وَأَنْتَ حِينَئِذٍ فِي مَحَلٍّ أَمْنُهُ رَوْعٌ ، وَأُنْسُهُ وَحْشَةٌ وَضِيَاؤُهُ ظُلْمَةٌ ، وَرَفَاهِيَتُهُ شِدَّةٌ ، وَشَهَادَتُهُ غِيبَةٌ ، وَحَيَاتُهُ مَيْتَةٌ لا دَرْكَ فِيهِ لِطَالِبٍ ، وَلا مُهِمَّةَ فِيهِ لِسَارِبٍ وَلا نَجَاةَ فِيهِ لِهَارِبٍ وَأَوَائِلُ مُلاقَاتِهِ اصْطِلامٌ وَفَوَاتِحُ بَدَائِعِهِ احْتِكَامٌ وَعَوَاطِفُ مَمَرِّهِ احْتِرَامٌ ، فَإِنْ غَمَرَتْكَ غَوَامِرُهُ انْتَسَفَتْكَ بَوَادِرُهُ وَذَهَبَ بِكَ فِي الارْتِمَاسُ ، وَأَغْرَقَتْكَ بِكَثِيفِ الانْطِمَاسِ فَذَهَبْتَ سِفَالا فِي الانْغِمَاسِ إِلَى غَيْرِ دَرْكِ نِهَايَةٍ ، وَلا مُسْتَقَرٍ لِغَايَةٍ ، فَمَنِ الْمُسْتَنْفِذُ لَكَ مِمَّا هُنَالِكَ ؟ وَمَنِ الْمُسْتَخْرِجُ لَكَ مِنْ تِلْكِ الْمَهَالِكِ وَأَنْتَ فِي فَرْطِ الإِيَاسِ مِنْ كُلِّ فَرَجٍ مُشَوَّهٍ بِكَ فِي إِغْرَاقِ لُجَّةِ اللُّجَجِ ؟ فَاحْذَرْ ثُمَّ احْذَرْ فَكَمْ مِنْ مُتَعَرِّضٍ اخْتُطِفَ وَمُتَكَلِفٍّ انْتُسِفَ ، وَأَتْلَفَ بِالْغِرَّةِ نَفْسَهُ وَأَوْقَعَ بِالسُّرْعَةِ حَتْفَهُ جَعَلْنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنَ النَّاجِينَ وَلا حَرَمَنَا وَإِيَّاكَ مَا خَصَّ بِهِ الْعَارِفِينَ ، وَاعْلَمْ يَا أَخِي ، أَنَّ الَّذِي وَصَفْتُهُ لَكَ مِنْ هَذِهِ الْمَفَاوِزِ وَعَرَّضْتُ بِبَعْضِ نَعْتِهِ ، إِشَارَةً إِلَى عِلْمٍ لَمْ أَصِفْهُ ، وَكَشْفُ الْعِلْمِ بِهَا يُبْعِدُ وَالْكَائِنُ بِهَا يَفْقِدُ ، فَخُذْ فِي نَعْتِ مَا تَعْرِفُهُ مِنَ الأَحْوَالِ وَمَا يَبْلُغُهُ النَّعْتُ وَالسُّؤَالُ وَيوجَدُ فِي الْمُقَارِبِينَ وَالأَشْكَالِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ بِظَفَرِكَ لِظَفَرِكَ وَأَبْعَدُ مِنْ حَظِّكَ لِحَظِّكَ ، وَاحْذَرْ مِنْ مُصَادَمَاتِ مُلاقَاةِ الأَبْطَالِ وَالْهُجُومِ عَلَى حِينِ وَقْتِ النَّزَالِ وَالتَّعَرُّضِ لأَمَاكِنِ أَهْلِ الْكَمَالِ قَبْلَ أَنْ تُمَاتَ مِنْ حَيَاتِكَ ، ثُمَّ تُحْيَا مِنْ وَفَاتِكَ وَتُخْلَقَ خَلْقًا جَدِيدًا وَتَكُونَ فَرِيدًا وَحِيدًا ، وَكُلُّ مَا وَصَفْتُهُ لَكَ إِشَارَةٌ إِلَى عِلْمِ مَا أُرِيدُهُ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.