محمد بن الفضل


تفسير

رقم الحديث : 15585

حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ وَسَأَلَهُ جَعْفَرٌ : مَا تَقُولُ أَكْرَمَكَ اللَّهُ فِي الذِّكْرِ الْخَفِيِّ ؟ مَا هُوَ الَّذِي لا تَعْلَمُهُ الْحَفَظَةُ ؟ وَمِنْ أَيْنَ زَادَ عَمَلُ السِّرِّ عَلَى عَمَلِ الْعَلانِيَةِ سَبْعِينَ ضِعْفًا ؟ فَأَجَابَهُ فَقَالَ : " وَفَقَّنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ لأَرْشَدِ الأُمُورِ وَأَقْرَبِهَا إِلَيْهِ ، وَاسْتَعْمَلَنَا وَإِيَّاكُمْ بِأَرْضَى الأُمُورِ وَأَحَبِّهَا إِلَيْهِ وَخَتَمَ لَنَا وَلَكُمْ بِخَيْرٍ ، فَأَمَّا الذِّكْرُ الَّذِي يَسْتَأْثِرُ اللَّهُ بِعِلْمِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَهُوَ مَا اعْتَقَدَتْهُ الْقُلُوبُ ، وَطُوِيَتْ عَلَيْهِ الضَّمَائِرُ مِمَّا لا تُحَرَّكُ بِهِ الأَلْسِنَةُ وَالْجَوَارِحُ ، وَهُوَ مِثْلُ الْهَيْبَةِ لِلَّهِ وَالتَّعْظِيمِ لِلَّهِ وَالإِجْلالِ لِلَّهِ وَاعْتِقَادِ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِيمَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ لا يَعْلَمُهُ إِلا مَنْ يَعْلَمُ الْغَيْبَ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ سورة القصص آية 69 ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ وَهَذِهِ أَشْيَاءُ امْتِدِحَ اللَّهُ بِهَا فَهِيَ لَهُ وَحْدَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ، وَأَمَّا مَا تَعْلَمُهُ الْحَفَظَةُ فَمَا وُكِّلَتْ بِهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ سورة ق آية 18 ، وَقَوْلُهُ كِرَامًا كَاتِبِينَ { 11 } يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ { 12 } سورة الانفطار آية 11-12 ، فَهَذَا الَّذِي وُكِّلَ بِهِ الْمَلائِكَةُ الْحَافِظُونَ مَا لَفِظَ بِهِ وَمَا بَدَا مِنْ لِسَانِهِ ، وَمَا يُعْلِنُونَ وَيَفْعَلُونَ هُوَ مَا ظَهَرَ بِهِ السَّعْيُ ، وَمَا أَضْمَرَتْهُ الْقُلُوبُ مِمَّا لَمْ يَظْهَرْ عَلَى الْجَوَارِحِ وَمَا تَعْتَقِدُهُ الْقُلُوبُ فَذَلِكَ يَعْلَمُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ، وَكُلُّ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ مَا عُقِدَ لا يُجَاوِزُ الضَّمِيرَ فَهُوَ مِثْلُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَمَا رُوِيَ فِي الْخَبَرِ مِنْ فَضْلِ عَمَلِ السِّرِّ عَلَى عَمَلِ الْعَلانِيَةِ ، وَأَنَّ عَمَلَ السِّرِّ يَزِيدُ عَلَى عَمَلِ الْعَلانِيَةِ سَبْعِينَ ضِعْفًا ، فَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لأَنَّ مَنْ عَمِلَ لِلَّهِ عَمَلا فَأَسَرَّهُ ، فَقَدْ أَحَبَّ أَنْ يَنْفَرِدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعِلْمِ ذَلِكَ الْعَمَلِ مِنْهُ وَمَعْنَاهُ أَنْ يسْتَغْنَى بِعِلْمِ اللَّهِ فِي عَمَلِهِ عَنْ عِلْمِ غَيْرِهِ ، وَإِذَا اسْتَغْنَى الْقَلْبُ بِعِلْمِ اللَّهِ أَخْلَصَ الْعَمَلَ فِيهِ ، وَلَمْ يَعْرُجْ عَلَى مَنْ دُونَهُ ، فَإِذَا عَلِمَ جَلَّ ذِكْرُهُ بِصِدْقِ قَصْدِ الْعَبْدِ إِلَيْهِ وَحْدَهُ ، وَسَقَطَ عَنْ ذِكْرِ مَنْ دُونَهُ أَثْبَتَ ذَلِكَ الْعَمَلَ فِي أَعْمَالِ الْخَالِصِينَ الصَّالِحِينَ الْمُؤْثِرِينَ لِلَّهِ عَلَى مَنْ سِوَاهُ ، وَجَازَاهُ اللَّهُ بِعِلْمِهِ بِصِدْقِهِ مِنَ الثَّوَابِ سَبْعِينَ ضِعْفًا عَلَى مَنْ عَمِلَ مَنْ لا يَحِلُّ مَحَلَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.