سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ هَارُونَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : " اعْلَمْ أَنَّ الْمُنَاصَحَةَ ، مِنْكَ لِلْخَلْقِ وَالإِقْبَالَ عَلَى مَا هُوَ أَوْلَى بِكَ فِيكَ وَفِيهِمْ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ لَكَ فِي حَيَاتِكَ وَأَقْرَبُهَا إِلَى أَوْلِيَائِكِ فِي وَقْتِكَ , وَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً وَأَعْظَمَهُمْ دَرَجَةً فِي كُلِّ وَقْتٍ وَزَمَنٍ وَفِي كُلِّ مَحَلٍّ وَوَطَنٍ أَحْسَنُهُمْ إِحْكَامًا لِمَا عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ ، وَأَسْبَقُهُمْ بِالْمُسَارَعَةِ إِلَى اللَّهِ فِيمَا يُحِبُّهُ ، وَأَنْفَعُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لِعِبَادِهِ فَخُذْ بِالْحَظِّ الْمُوفَرِ لِنَفْسِكَ ، وَكُنْ عَاطِفًا بِالْمَنَافِعِ عَلَى غَيْرِكَ وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تَجِدَ سَبِيلا تَسْلُكُهُ إِلَى غَيْرِكَ ، وَعَلَيْكَ بَقِيَّةٌ مُفْتَرَضَةٌ مِنْ حَالِكِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَهَّلِينَ لِلرِّعَايَةِ إِلَى سَبِيلِ الْهِدَايَةِ وْالْمُرَادِينَ لِمَنَافِعِ الْخَلِيقَةِ وَالْمُرَتَّبِينَ لِلنَّذَارَةِ وَالْبِشَارَةِ أُيِّدُوا بِالتَّمْكِينَ وَأُسْعِدُوا بِرَاسِخِ عِلْمِ الْيَقِينِ ، وَكُشِفَ لَهُمْ غَوَامِضُ مَعَالِمِ الدِّينِ ، وَفُتِحَ لَهُمْ فِي فَهْمِ الْكِتَابِ الْمُسْتَبِينِ ، فَبَلَغُوا مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ فَضْلِهِ وَجَادَ بِهِ مِنْ عَظِيمِ أَمْرِهِ إِحْكَامَ مَا بِهِ أُمِرُوا ، وَالْمُسَارَعَةَ إِلَى مَا إِلَيْهِ نُدِبُوا ، وَالدِّعَايَةَ إِلَى اللَّهِ بِمَا بِهِ مُكِّنُوا ، وَهَذِهِ سِيرَةُ الأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِيمَنْ بُعِثُوا إِلَيْهِمْ مِنَ الأُمَمِ ، وَسِيرَتُهُمْ فِي تَأْدِيَةِ مَا عَلِمُوهُ مِنَ الْحِكَمِ ، وَسِيرَةُ الْمُتَّبِعِينَ لآثَارِهِمْ مِنَ الأَوْلِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَسَائِرِ الدُّعَاةِ إِلَى اللَّهِ مِنْ صَالِحِي الْمُؤْمِنِينَ " .