أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْقَلانِسِيُّ : فَرَّقَ رَجُلٌ بِبَغْدَادَ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، فَقَالَ لِي سَمْنُونٌ : " يَا أَبَا أَحْمَدَ ، مَا تَرَى مَا أَنْفَقَ هَذَا وَما قَدْ عَمِلَهُ ، نَحْنُ مَا نَرْجِعُ إِلَى شَيْءٍ نُنْفِقُهُ فَامْضِ بِنَا إِلَى مَوْضِعٍ نُصَلِّي فِيهِ بِكُلِّ دِرْهَمٍ أَنْفَقَهُ رَكْعَةً فَذَهَبْنَا إِلَى الْمَدَائِنِ فَصَلَّيْنَا أَرْبَعِينَ أَلْفَ رَكْعَةٍ وَزُرْنَا قَبْرَ سَلْمَانَ وَانْصَرَفْنَا ، وَكَانَ يَقُولُ : أَوَّلُ وَصْلُ الْعَبْدِ هُجْرَانُهُ لِنَفْسِهِ ، وَأَوَّلُ هُجْرَانِ الْعَبْدِ لِلْحَقِّ تَعَالَى مُوَاصَلَتُهُ لِنَفْسِهِ ، وَكَانَ يَقُولُ : مَضَى الْوَقْتُ فَصَارَ الْوَقْتُ مَقْتًا وَقْتُكَ خَرَابٌ وَقَلْبُكَ فِي الْمِحْرَابِ وَمَنْ كَانَتْ عِبَادَتُهُ عَنَاءً كَانَتْ ثَمَرَتُهُ ضَنَاءً " ، وَمِنْهُمُ الْمَشْهُورِينَ بِالنُّسُكِ وَالتَّعَبُّدِ السَّالِكُونَ مَسْلَكَ أَوْلِيَائِهِمْ مِنَ الْمُتَعَبِّدِينَ الَّذِينَ تَخَرَّجُوا عَلَى الْمُتَحَقِّقِينَ وَرَاضُوا أَنْفُسَهُمْ رِيَاضَةَ الْعُلَمَاءِ الْمُتَّقِينَ ، كَعَلِيِّ بْنِ الْمُوَفَّقِ ، وَأَبِي عُثْمَانَ الْوَرَّاقِ ، وَأَيُّوبَ الْحَمَّالِ ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَلاءِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ كَانَتْ بَوَاطِنُهُمْ بِالْمُشَاهَدَةِ عَامِرَةً وَظَوَاهِرُهُمْ عَنِ الْمُنَاظَرَةِ وَالْمُذَاكَرَةِ شَاغِلَةٌ ، فَلَمْ يَنْقَلْ عَنْهُمْ غَيْرُ الأَحْوَالِ الْمَكِينَةِ اللَّطِيفَةِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |