ابو محمد الجريري


تفسير

رقم الحديث : 15762

وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ مُحَمَّدًا ، يَقُولُ : سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ الْخَوَّاصَ ، يَقُولُ : " مِنْ صِفَةِ الْفَقِيرِ أَنْ تَكُونَ أَوْقَاتُهُ مُسْتَوِيَةً فِي الانْبِسَاطِ لِفَقْرِهِ صَائِنًا لَهُ مُحْتَالا لا تَظْهَرُ عَلَيْهِ فَاقَةٌ وَلا تَبْدُو مِنْهُ حَاجَةٌ ، أَقَلُّ أَخْلاقِهِ الصَّبْرُ وَالْقَنَاعَةُ رَاحَتُهُ فِي الْقِلَّةِ ، وَتَعْذِيبُهُ فِي الْكَثْرَةِ ، مَسْتَوْحِشٌ مِنَ الرَّفَاهَاتِ مُتَنَعِّمٌ بِالْخُشُونَاتِ ، فَهُوَ بِضِدِّ مَا فِيهِ الْخَلِيقَةُ يَرَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مُعْتَمَدَهُ ، وَإِلَيْهِ مُسْتَرَاحُهُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ ، وَلا سَبَبٌ مَعْرُوفٌ ، فَلا تَرَاهُ إِلا مَسْرُورًا بِفَقْرِهِ ، فَرِحًا بِضُرِّهِ مُؤْنَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ ثَقِيلَةٌ وَعَلَى غَيْرِهِ خَفِيفَةٌ ، يُعِزُّ الْفَقْرَ وَيُعَظِّمُهُ وَيُخْفِيهِ بِجَهْدِهِ وَيَكْتُمُهُ حَتَّى عَنْ أَشْكَالِهِ يَسْتُرُهُ ، قَدْ عَظُمَتْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِيهِ الْمِنَّةُ وَجَلَّ قَدْرُهَا فِي قَلْبِهِ مِنْ نِعْمَةٍ فَلَيْسَ يُرِيدُ بِمَا اخْتَارَ اللَّهُ لَهُ بَدَلا وَلا يَبْغِي عَنْهُ حِوَلا فَمِنْ نُعُوتِهِمِ اثْنَتَا عَشْرَةَ خَصْلَةً : أَوَّلُهَا أَنَّهُمْ كَانُوا بُوعْدِ اللَّهِ مُطْمَئِنَّيْنَ ، وَالثَّانِيَةُ مِنَ الْخَلْقِ آيِسِينَ ، وَالثَّالِثَةُ عَدَاوَتُهُمْ لِلشَّيَاطِينِ ، وَالرَّابِعَةُ كَانُوا مِنْ حَيْثُ الْحَقُّ فِي الأَشْيَاءِ خَارِجَيْنِ ، وَالْخَامِسَةُ كَانُوا عَلَى الْخَلْقِ مُشْفِقِينَ ، وَالسَّادِسَةُ كَانُوا لأَذَى النَّاسِ مُحْتَمِلِينَ ، وَالسَّابِعَةُ كَانُوا لِمَوَاضِعِ الْعَدَاوَةِ لا يَدْعُونَ النَّصِيحَةَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَالثَّامِنَةُ كَانُوا فِي مَوَاطِنِ الْحَقِّ مُتَوَاضِعِينَ ، وَالتَّاسِعَةُ كَانُوا بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ مُشْتَغِلِينَ ، وَالْعَاشِرَةُ كَانُوا الدَّهْرَ عَلَى الطَّهَارَةِ ، وَالْحَادِيَةَ عَشْرَةَ كَانَ الْفَقْرُ رَأْسَ مَالِهِمْ ، وَالثَّانِيَةَ عَشْرَةَ كَانُوا فِي الرِّضَا فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَأَحَبُّوا أَوْ كَرِهُوا عَنِ اللَّهِ وَاحِدًا ، فَهَذِهِ جُمْلَةٌ مِنْ صِفَاتِهِمْ يَقْصُرُ وَصْفُ الْوَاصِفِينَ عَنْ أَسْبَابِهِمْ ، وَكَانَ يَقُولُ : أَرْبَعُ خِصَالٍ عَزِيزَةٌ : عَالِمٌ مُسْتَعْمِلٌ لَعِلْمِهِ ، وَعَارِفٌ يَنْطِقُ عَنْ حَقِيقَةِ فَعْلِهِ ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ لِلَّهِ بِلا سَبَبٍ ، وَمُرِيدٌ ذَاهِبٌ عَنِ الطَّمَعِ ، وَقَالَ : الْحِكْمَةُ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فَلا تَسْكُنُ قَلْبًا فِيهِ أَرْبَعَةٌ : الرُّكُونُ إِلَى الدُّنْيَا ، وَهَمُّ غَدٍ ، وَحُبُّ الْفُضُولِ ، وَحَسَدُ أَخٍ ، قَالَ : وَلا يَصِحُّ الْفَقْرُ لِلْفَقِيرِ حَتَّى تَكُونُ فِيهِ خَصْلَتَانِ : إِحْدَاهُمَا الثِّقَةُ بِاللَّهِ ، وَالأُخْرَى الشُّكْرُ لِلَّهِ ، فِيمَا زَوَى عَنْهُ مِمَّا ابْتَلَى بِهِ غَيْرَهُ مِنَ الدُّنْيَا ، وَلا يَكْمُلُ الْفَقِيرُ حَتَّى يَكُونَ نَظَرُ اللَّهِ لَهُ فِي الْمَنْعِ أَفْضَلَ مِنْ نَظَرِهِ لَهُ فِي الْعَطَاءِ ، وَعَلامَةُ صِدْقِهِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَجِدَ لِلْمَنْعِ مِنَ الْحَلاوَةِ مَا لا يَجِدُ لِلْعَطَاءِ ، لا يَعْرِفُهُ غَيْرُ بَارِئِهِ الَّذِي خَصَّهُ بِمَعْرِفَتِهِ وَأَيَادِيهِ ، فَهُوَ لا يَرَى سِوَى مَلِيكِهِ وَلا يَمْلِكُ إِلا مَا كَانَ مِنْ تَمْلِيكِهِ فَكُلُّ شَيْءٍ لَهُ تَابِعٌ وَكُلُّ شَيْءٍ لَهُ خَاضِعٌ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.