حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، ثنا شُعَيْبُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّارِعِيُّ ، ثنا الْخَلِيلُ أَبُو عَمْرٍو ، وَعِيسَى بْنُ الْمُسَاوِرِ ، قَالا : ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، ثنا قِنَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النِّهْمِيُّ ، عَنِ ابْنِ ظَبْيَانَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " سَمِعْتُ كَلامًا فِي السَّمَاءِ ، فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا مُوسَى ، قُلْتُ : وَمَنْ يُنَاجِي ؟ قَالَ : رَبَّهُ ، قُلْتُ : وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَى رَبِّهِ ؟ قَالَ : إِنَّهُ قَدْ عَرَفَ لَهُ حِدَّتَهُ " ، وَمِنْ أَجْوِبَتِهِ فِيمَا سُئِلَ عَنِ السَّكَرِ ، فَقَالَ : غَلَيَانُ الْقَلْبِ عِنْدَ مُعَارَضَاتِ ذِكْرِ الْمَحْبُوبِ ، وَقَالَ : الْخَوْفُ اضْطِرَابُ الْقَلْبِ مِمَّا عَلِمَ مِنْ سَطْوَةِ الْمَعْبُودِ ، وَسُئِلَ عَنِ الرِّيَاضَةِ ؟ فَقَالَ : كَسْرُ النُّفُوسِ بِالْخِدْمَةِ ، وَمَنْعُهَا عَنِ الْفَتْرَةِ ، وَقَالَ : التَّقْوَى مُجَانَبَةُ مَا يُبْعِدُكَ عَنِ اللَّهِ ، وَقَالَ : التَّوَكُّلُ الاكْتِفَاءُ بِضَمَانِهِ وَإِسْقَاطُ التُّهْمَةِ عَنْ قَضَائِهِ ، وَقَالَ : الْيَقِينُ تَحْقِيقُ الأَسْرَارِ بِأَحْكَامِ الْمُغِيبَاتِ ، وَقَالَ : الْمُشَاهَدَةُ اطِّلاعُ الْقُلُوبِ بِصَفَاءِ الْيَقِينِ إِلَى مَا أَخْبَرَ الْحَقُّ مِنَ الْغُيوبِ ، وَقَالَ : الْمَعْرِفَةُ مُطَالَعَةُ الْقُلُوبِ لإِفْرَادِهِ عَنْ مُطَالَعَةِ تَعْرِيفِهِ ، وَقَالَ : التَّوْحِيدُ تَحْقِيقُ الْقُلُوبِ بِإِثْبَاتِ الْمُوَحِّدِ بِكَمَالِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ ، وَوُجُودِ التَّوْحِيدِ مُطَالَعَةُ الأَحَدِيَّةِ عَلَى أَرْضَاتِ السَّرْمَدِيَّةِ ، وَالإِيمَانُ تَصْدِيقُ الْقُلُوبِ بِمَا أَعْلَمَهُ الْحَقُّ مِنَ الْغُيوبِ ، وَمَوَاهِبُ الإِيمَانِ بَوَادِي أَنْوَارِهِ وَالْمَلْبَسُ لأَسْرَارِهِ ، وَظَاهِرُ الإِيمَانِ النُّطْقُ بِأُلُوهِيَّتِهِ عَلَى تَعْظِيمِ أَحَدِيَّتِهِ ، وَأَفْعَالُ الإِيمَانِ الْتِزَامُ عُبُودِيَّتِهِ وَالانْقِيَادُ لِقَوْلِهِ ، وَالإِنَابَةُ الْتِزَامُ الْخِدْمَةِ وَبَذْلُ الْمُهْجَةِ ، وَالرَّجَاءُ ارْتِيَاحُ الْقُلُوبِ لِرُؤْيَةِ كَرَمِ الْمُوجِدِ ، وَحَقِيقَةُ الرَّجَاءِ الاسْتِبْشَارُ لِوُجُودِ فَضْلِهِ وَصِحَّةِ وَعْدِهِ ، وَالزُّهْدُ سُلُوُّ الْقَلْبِ عَنِ الأَسْبَابِ ، وَنَفْضُ الأَيْدِي عَنِ الأَمْلاكِ ، وَحَقِيقَةُ الزُّهْدِ التَّبَرُّمُ بِالدُّنْيَا وَوُجُودُ الرَّاحَةِ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا ، وَالْقَنَاعَةُ الاكْتِفَاءُ بِالْبُلْغَةِ ، وَحَقِيقَةُ الْقَنَاعَةِ تَرْكُ التَّشَوُّفِ إِلَى الْمَفْقُودِ وَالاسْتِغْنَاءُ بِالْمَوْجُودِ وَسُئِلَ عَنِ الذِّكْرِ ؟ فَقَالَ : اعْلَمْ أَنَّ الْمَذْكُورَ وَاحِدٌ ، وَالذِّكْرَ مُخْتَلِفٌ ، وَمَحَلُّ قُلُوبِ الذَّاكِرِينَ مَتُفَاوِتَةٌ ، فَأَصِلُ الذِّكْرِ إِجَابَةُ الْحَقِّ مِنْ حَيْثُ اللَّوَازِمُ ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : " مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهَ ، وَإِنْ قَلَّتْ صَلاتُهُ وَصِيَامُهُ وَتِلاوَتُهُ " ، ثُمَّ يَنْقَسِمُ الذِّكْرُ قِسْمَيْنِ : ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ ، فَأَمَّا الظَّاهِرُ فَالتَّهْلِيلُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّمْجِيدُ وَتِلاوَةُ الْقُرْآنِ ، وَأَمَّا الْبَاطِنُ فَتَنْبِيهُ الْقُلُوبِ عَلَى شَرَائِطِ التَّيَقُّظِ عَلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَعَلَى أَفْعَالِهِ ، وَنَشْرِ إِحْسَانِهِ وَإِمْضَاءِ تَدْبِيرِهِ وَنَفَاذِ تَقْدِيرِهِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ ، ثُمَّ يَقَعُ تَرْتِيبُ الأَذْكَارِ عَلَى مِقْدَارِ الذَّاكِرِينَ ، فَيَكُونُ ذِكْرُ الْخَائِفِينَ عَلَى مِقْدَارِ قَوَارِعِ الْوَعِيدِ ، وَذِكْرُ الرَّاجِينَ عَلَى مَا اسْتَبَانَ لَهُمْ مِنْ مَوْعِدِهِ ، وَذِكْرُ الْمُجْتَنِبِينَ عَلَى قَدْرِ تَصَفُّحِ النُّقَبَاءِ ، وَذِكْرُ الْمُرَاقِبِينَ عَلَى قَدْرِ الْعِلْمِ بِاطِّلاعِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ ، وَذِكْرُ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَى قَدْرِ مَا انْكَشَفَ لَهُمْ مِنْ كِفَايَةِ الْكَافِي لَهُمْ ، وَذَلِكَ مِمَّا يَطَوُلُ ذِكْرُهُ وَيَكْثُرُ شَرْحُهُ ، فَذِكْرُ اللَّهِ مُنْفَرِدٌ وَهُوَ ذِكْرُ الْمَذْكُورِ بِانْفِرَادِ أَحَدِيَّتِهِ عَلَى كُلِّ مَذْكُورٍ سِوَاهُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي " ، وَالثَّانِي إِفْرَادُ النُّطْقِ بِأُلُوهِيَّتِهِ ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : " أَفْضَلُ الذِّكْرِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ " ، قَالَ الشَّيْخُ : سَأَلْتُمْ عَنْ إِيدَاعِ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ نُسَّاكِ بَلَدِنَا وَعُبَّادِهِمْ لِيَكُونَ الْكِتَابُ مَخْتُومًا بِذِكْرِهِمْ ، وَنَشْرِ أَحْوَالِهِمْ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ طَرِيقَةَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ نُسَّاكِ بَلَدِنَا الْقُدْوَةُ وَالاتِّبَاعِ لِمُتَقَدِّمِيهِمْ مِنَ الْعُمَّالِ وَالْعُلَمَاءِ الَّذِينَ لَحِقُوا الأَئِمَّةَ وَالأَعْلامَ ، وَقَدْ ذَكَرْتُ جَمَاعَةً مِنْهُمْ فِي كِتَابِنَا بِطَبَقَاتِ الْمُحْدَثِينَ مِنَ الرُّوَاةِ مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا : مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْمَعْدَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِعَرُوسِ الزُّهَّادِ وَمَنْ يَنْحُو نَحْوَهُ فِي التَّنَسُّكِ وَالتَّعَبُّدِ ، وَالْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهِمُ اغْتِنَامُ الْوَقْتِ وَعِنَايَتُهُ بِجَمْعِ الْهَمِّ ، وَمُحَافَظَةُ الأَوْرَادِ وَالتَّشَمُّرِ لِلارْتِيَادِ ، وَالتَّسَارُعِ إِلَى الاسْتِبَاقِ ، فَأَمَّا بَسْطُ الْكَلامِ فِي الأَحْوَالِ وَالْمَقَامَاتِ قَوْلا بِلا فِعْلٍ فَيَرَوْنَهُ دَعَاوَى لا حَقِيقَةَ لَهَا يَحْتَرِزُونَ مِنْهَا غَايَةَ التَّحَرُّزِ ، لا يُرِيدُونَ عَمَّا حَوَالَيْهِمْ بَدَلا وَلا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا ، كَانُوا كَمَا وَصَفَهُمْ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ أَحْوَالِ الْمُخْتَارِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالسَّالِكِينَ طَرِيقَتَهُ مِنَ التَّابِعِينَ ، فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ نَوْفٌ الْبِكَالِيُّ ، وَكُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ وَغَيْرُهُمَا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِيهِ | عبد الله بن مسعود / توفي في :32 | صحابي |
أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ | أبو عبيدة بن عبد الله الهذلي / توفي في :82 | ثقة |
ابْنِ ظَبْيَانَ | الحصين بن جندب المذحجي | ثقة |
قِنَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النِّهْمِيُّ | قنان بن عبد الله النهمي | مقبول |
مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ | مروان بن معاوية الفزاري / توفي في :193 | ثقة حافظ وكان يدلس أسماء الشيوخ |
وَعِيسَى بْنُ الْمُسَاوِرِ | عيسى بن المساور الجوهري / توفي في :244 | صدوق حسن الحديث |
الْخَلِيلُ أَبُو عَمْرٍو | الخليل بن عمرو الثقفي | ثقة |
شُعَيْبُ بْنُ أَحْمَدَ | شعيب بن محمد الذراع | ثقة |
الْقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ | محمد بن أحمد الأصبهاني / ولد في :269 / توفي في :349 | حافظ متقن |