الفصل الخامس عشر ذكر اخذ القران ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم بالقلوب حتى دخل كثير م...


تفسير

رقم الحديث : 197

حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ ، قَالَ : ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا غِفَارٍ ، وَكَانُوا يَحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ، قَالَ : فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي أُنَيْسٌ وَأُمُّنَا ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا فَحَسَدَنَا قَوْمُنَا ، قَالُوا لَهُ : إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ أَهْلِكَ خَالَفَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسٌ ، فَجَاءَ خَالُنَا فَثَنَّى عَلَيْنَا مَا قِيلَ لَهُ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ ، فَقَدْ كَدَّرْتَ وَلا جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ ، قَالَ : فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا ، وَتَغَطَّى خَالُنَا بِثَوْبِهِ يَبْكِي ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ ، وَقَدْ صَلَّيْتُ يَا ابْنَ أَخِي قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاثِ سِنِينَ ، فَقُلْتُ : لِمَنْ ؟ فَقَالَ : لِلَّهِ ، قُلْتُ : أَيْنَ تَوَجَّهُ ؟ قَالَ : أَتَوَجَّهُ حَيْثُ وَجَّهَنِي اللَّهُ ، أُصَلِّي عِشَاءً ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ السَّحَرِ أُلْقِيتُ كَأَنِّي خِفَاءٌ ، يَعْنِي خِبَاءً حَتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ ، فَقَالَ أُنَيْسٌ : إِنَّ لِي حَاجَةً بِمَكَّةَ فَاكْفِنِي حَتَّى آتِيَكَ ، فَانْطَلَقَ أُنَيْسٌ فَرَاثَ عَلَيَّ ، يَعْنِي أَبْطَأَ ، ثُمَّ جَاءَ ، فَقُلْتُ لَهُ : مَا حَبَسَكَ ؟ قَالَ : لَقِيتُ رَجُلا بِمَكَّةَ عَلَى دِينِكَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : فَمَا يَقُولُ النَّاسُ لَهُ ؟ قَالَ : يَقُولُونَ : شَاعِرٌ ، كَاهِنٌ ، سَاحِرٌ ، وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ ، قَالَ أُنَيْسٌ : وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ ، وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشُّعَرَاءِ فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ يُقْرِي أَنَّهُ شِعْرٌ ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ، فَقُلْتُ : اكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ ، قَالَ : نَعَمْ ، وَكُنْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى حَذَرٍ ، فَإِنَّهُمْ قَدْ شَنِفُوا لَهُ وَقَدْ تَجَهَّمُوا لَهُ ، قَالَ : فَانْطَلَقْتُ وَقَدِمْتُ مَكَّةَ ، فَاسْتَضْعَفْتُ رَجُلا مِنْهُمْ ، فَقُلْتُ : أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَهُ الصَّابِئَ ؟ فَأَشَارَ إِلَيَّ وَقَالَ : الصَّابِئَ ؟ قَالَ : فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلِّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ ، فَخَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ ، فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ ، فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا وَغَسَلْتُ عَنِّي الدِّمَاءَ ، فَلَبِثْتُ بِهَا يَا ابْنَ أَخِي ثَلاثِينَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَا لِي طَعَامٌ إِلا مَاءُ زَمْزَمَ ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي ، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ ، فَبَيْنَا أَهْلُ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ إِضْحِيَانٍ ، إِذْ ضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَسْمِخَتِهِمْ ، فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرُ امْرَأَتَيْنِ ، فَأَتَتَا عَلَيَّ وَهُمَا تَدْعُوَانِ إِسَافًا وَنَائِلَةَ ، قَالَ : قُلْتُ : أَنْكِحَا أَحَدَهُمَا الأُخْرَى ، قَالَ : فَمَا تَنَاهَتَا عَنْ قَوْلِهِمَا ، قَالَ : فَأَتَتَا عَلَيَّ ، فَقُلْتُ : هَنٌ مِثْلُ الْخَشَبَةِ ، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَكْنِ ، فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلانِ وَتَقُولانِ : لَوْ كَانَ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ أَنْفَارِنَا ؟ فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا هَابِطَانِ مِنَ الْجَبَلِ ، فَقَالَ : مَا لَكُمَا ؟ قَالَتَا : الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا ، قَالَ : فَمَا قَالَ لَكُمَا ؟ قَالَتَا : قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلأُ الْفَمَ ، قَالَ : فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ ، فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ ، فَأَتَيْتُهُ حِينَ قَضَى صَلاتَهُ ، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ ، قَالَ : وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، مِمَّنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : مِنْ غِفَارٍ ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى جَبْهَتِهِ هَكَذَا ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : كَرِهَ أَنِ انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ ، فَذَهَبْتُ لآخُذَ يَدَهُ ، فَدَفَعَنِي عَنْهُ صَاحِبُهُ وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي ، فَقَالَ : مَتَى كُنْتَ هَاهُنَا ؟ فَقُلْتُ : كُنْتُ هَاهُنَا مُنْذُ ثَلاثِينَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، قَالَ : فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ ؟ قُلْتُ : مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلا مَاءَ زَمْزَمَ فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي وَمَا وَجَدْتُ عَلَى بَطْنِي سُخْفَةَ جُوعٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي فِي طَعَامِهِ اللَّيْلَةَ . قَالَ : فَفَعَلَ ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا ، فَفَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَابًا ، فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ : فَذَلِكَ أَوَّلُ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بِهَا ، قَالَ : فَغَبَرْتُ مَا غَبَرْتُ ، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنِّي وُجِّهْتُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ ، وَلا أَحْسَبُهَا إِلا يَثْرِبَ ، فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ ، عَسَى أَنْ يَنْفَعَهُمُ اللَّهُ بِكَ وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ ؟ قَالَ : فَانْطَلَقْتُ حَتَّى لَقِيتُ أَخِي أُنَيْسًا ، فَقَالَ : مَا صَنَعْتَ ؟ قُلْتُ : صَنَعْتُ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ . قَالَ أُنَيْسٌ : مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ ، فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ . قَالَ : فَأَتَيْنَا أُمَّنَا ، فَقَالَتْ : مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا ، فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ . قَالَ : فَاحْتَمَلْنَا ، فَأَتَيْنَا قَوْمَنَا ، فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدُمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ، وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ إِيمَاءُ بْنُ رَحَضَةَ وَكَانَ سَيِّدَهُمْ ، وَقَالَ بَقِيَّتُهُمْ : إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْلَمْنَا ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ بَقِيَّتُهُمْ ، وَجَاءَتْ أَسْلَمُ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ إِخْوَانُنَا ، فَأَسْلَمُوا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : غِفَارٌ ، غَفَرَ اللَّهُ لَهَا ، وَأَسْلَمُ ، سَالَمَهَا اللَّهُ ، وَفِي رِوَايَةِ عَبَّاسٍ : فَخَرَجَ فَنَادَى : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : صَبَأَ الرَّجُلُ ، صَبَأَ الرَّجُلُ ، فَضَرَبُوهُ حَتَّى سَقَطَ ، فَمَرَّ بِهِ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، إِنَّكُمْ تُجَّارٌ ، وَإِنَّ طَرِيقَكُمْ عَلَى غِفَارٍ تُرِيدُونَ أَنْ تُقْطَعَ الطَّرِيقُ عَلَيْكُمْ ؟ فَأَمْسَكُوا عَنْهُ ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي عَادَ لِمِثْلِ مَقَامِهِ ، فَعَادُوا لِضَرْبِهِ ، فَمَرَّ عَلَيْهِ الْعَبَّاسُ ، فَقَالَ لَهُمْ : تِلْكَ ، فَأَمْسَكُوا " . قَالَ الشَّيْخُ : فَسَّرَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَغَيْرُهُ غَرِيبَ الأَلْفَاظِ : قَوْلُهُ : أُلْقِيتُ كَأَنِّي خِفَاءٌ : يَعْنِي كِسَاءً غَلِيظًا يُتَّخَذُ مِنْ وَبَرٍ ، شَنِفُوا : أَبْغَضُوا ، وَتَجَهَّمُوا : أَسْمَعُوهُ مَا يَكْرَهُ ، وَالنُّصُبُ : حَجَرٌ يَذْبَحُونَ عَلَيْهِ سُخْفَةُ جُوعٍ ، خَفْتُهُ . الصَّابِئُ : الَّذِي لا عَقْلَ لَهُ ، الأَنْفَارُ : جَمْعُ نَفَرٍ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ

صحابي

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ

ثقة

حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ

ثقة

سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ

ثقة ثقة

أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ

ثقة

بِشْرُ بْنُ مُوسَى

الإمام الحافظ الثقة

أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ

ثقة مأمون

Whoops, looks like something went wrong.