قَالَ الْكَلْبِيُّ : وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعَامِرِيُّ ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ ، قَالُوا : " أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِسُوقِ عُكَاظٍ ، فَقَالَ : مِمَّنِ الْقَوْمُ ؟ قُلْنَا : مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ ، قَالَ : مِنْ أَيِّ بَنِي عَامِرٍ ؟ قُلْنَا : بَنُو كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ . قَالَ : وَكَيْفَ الْمَنَعَةُ فِيكُمْ ؟ قُلْنَا : لا يُرَامُ مَا قِبَلَنَا وَلا يُصْطَلَى بِنَارِنَا ، قَالَ : فَقَالَ لَهُمْ : إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، فَإِنْ أَتَيْتُكُمْ تَمْنَعُونِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي ، وَلَمْ أُكْرِهْ أَحَدًا مِنْكُمْ عَلَى شَيْءٍ ؟ قَالُوا : وَمِنْ أَيِّ قُرَيْشٍ أَنْتَ ؟ قَالَ : مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ . قَالُوا : فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ؟ قَالَ : هُمْ أَوَّلُ مَنْ كَذَّبَنِي وَطَرَدَنِي . قَالُوا : وَلَكِنَّا لا نَطْرُدُكَ وَلا نُؤْمِنُ بِكَ وَنَمْنَعُكَ حَتَّى تُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّكَ ، قَالَ : فَنَزَلَ إِلَيْهِمُ الْقَوْمُ يَتَسَوَّقُونَ إِذْ أَتَاهُمْ بَجَرَةُ بْنُ قَيْسٍ الْقُشَيْرِيُّ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا الَّذِي أَرَاهُ عِنْدَكُمْ أُنْكِرُهُ ؟ قَالُوا : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ ، قَالَ : مَا لَكُمْ وَلَهُ ؟ قَالُوا : زَعَمَ لَنَا أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ يَطْلُبُ إِلَيْنَا أَنْ نَمْنَعَهُ حَتَّى يُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ ، قَالَ : فَمَاذَا رَدَدْتُمْ عَلَيْهِ ؟ قَالُوا : قُلْنَا فِي الرَّحْبِ وَالسَّعَةِ ، نُخْرِجُكَ إِلَى بِلادِنَا وَنَمْنَعُكَ مِمَّا نَمْنَعُ بِهِ أَنْفُسَنَا ، قَالَ بَجَرَةُ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ السُّوقِ يَرْجِعُ بشَيْءٍ أَشَرَّ مِنْ شَيْءٍ تَرْجِعُونَ بِهِ ، بَدَأْتُمْ لِتَنَابُذِ النَّاسِ وَتَرْمِيكُمُ الْعَرَبُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدٍ ، قَوْمُهُ أَعْلَمُ بِهِ ، لوْ آنَسُوا مِنْهُ خَيْرًا لَكَانُوا أَسْعَدَ النَّاسِ بِهِ ، تَعْمِدُونَ إِلَى رَهِيقِ قَوْمٍ قَدْ طَرَدَهُ قَوْمُهُ وَكَذَّبُوهُ ، فَتُؤْوُونَهُ وَتَنْصُرُونَهُ ؟ فَبِئْسَ الرَّأْيُ رَأَيْتُمْ . ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : قُمْ فَالْحَقْ بِقَوْمِكَ ، فَوَاللَّهِ لَوْلا أَنَّكَ عِنْدَ قَوْمِي لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ . قَالَ : فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى نَاقَتِهِ فَرَكِبَهَا ، فَغَمَزَ الْخَبِيثُ بَجَرَةُ شَاكِلَتَهَا ، فَقَمَصَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْقَتْهُ ، وَعِنْدَ بَنِي عَامِرٍ يَوْمَئِذٍ ضُبَاعَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ قُرْطٍ ، كَانَتْ مِنَ النِّسْوَةِ اللاتِي أَسْلَمْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ ، جَاءَتْ زَائِرَةً إِلَى بَنِي عَمِّهَا ، فَقَالَتْ : يَا آلَ عَامِرٍ وَلا عَامِرَ لِي ، أَيُصْنَعُ هَذَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لا يَمْنَعُهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ ؟ فَقَامَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِنْ بَنِي عَمِّهَا إِلَى بَجَرَةَ ، وَاثْنَانِ أَعَانَاهُ ، فَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ رَجُلا ، فَجَلَدَ بِهِ الأَرْضَ ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ ، ثُمَّ عَلَوْا وُجُوهَهُمْ لَطْمًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى هَؤُلاءِ وَالْعَنْ هَؤُلاءِ . قَالَ : فَأَسْلَمَ الثَّلاثَةُ الَّذِينَ نَصَرُوهُ فَقُتِلُوا شُهَدَاءَ ، وَهَلَكَ الآخَرُونَ لَعْنًا ، وَاسْمُ الثَّلاثَةِ نَفَرٍ الَّذِينَ نَصَرُوا بَجَرَةَ : فِرَاسٌ وَحَزْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عُبَادَةَ ، وَأَمَّا الثَّلاثَةُ الَّذِينَ نَصَرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَغِطْرِيفٌ وَغَطَفَانُ ابْنَا سَهْلٍ وَعُرْوَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ " . أُخْبِرْنَاهُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ صَاعِدٍ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ ، وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ : قَالَ : حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ : " فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ ، رَجَعَتْ بَنُو عَامِرٍ إِلَى شَيْخٍ لَهُمْ قَدْ كَانَ أَدْرَكَتْهُ السِّنُّ حَتَّى لا يَقْدِرَ أَنْ يُوَافِيَ مَعَهُمُ الْمَوْسِمَ ، فَكَانُوا إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِ حَدَّثُوهُ بِمَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْمَوْسِمِ ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ، سَأَلَهُمْ عَمَّا كَانَ فِي مَوْسِمِهِمْ ، قَالُوا : جَاءَنَا فَتًى مِنْ قُرَيْشٍ ، ثُمَّ حَدَّثَ أَنَّهُ أَحَدُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ يَدْعُونَا إِلَى أَنْ نَمْنَعَهُ وَنَقُومَ مَعَهُ وَنَخْرُجَ بِهِ مَعَنَا إِلَى بِلادِنَا ، قَالَ : فَوَضَعَ الشَّيْخُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا بَنِي عَامِرٍ ، هَلْ لَهَا مِنْ تَلافٍ ؟ هَلْ لِذُنَابَاهَا مِنْ مُطَّلِبٍ ؟ فَوَالَّذِي نَفْسُ فُلانٍ بِيَدِهِ ، مَا يَقُولُهَا إِسْمَاعِيلِيٌّ قَطُّ ، أَلا إِنَّهَا الْحَقُّ فَأَيْنَ كَانَ رَأْيُكُمْ ؟ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ | حماد بن السائب الكلبي / توفي في :146 | متهم بالكذب |
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ | يحيى بن سعيد الأموي / ولد في :114 / توفي في :194 | ثقة |
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ | إبراهيم بن سعيد الجوهري | ثقة حافظ |
أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ | اسم مبهم | |
عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعَامِرِيُّ | عبد الرحمن بن ماعز الأنصاري | ثقة |
يَحْيَى بْنِ صَاعِدٍ | محمد بن يحيى البغدادي / ولد في :228 / توفي في :318 | ثقة ثبت حافظ فقيه واسع الرحلة |