أنا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْعُذْرِيُّ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْكَسَائِيُّ ، أنا عَلِيُّ بْنُ غَيْلانَ الْحَرَّانِيُّ ، أنا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أنا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ ، ثنا أَبُو قُرَّةَ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ ، أَوْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ : فَاقْتُلُوهُ وَلا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ أَحَدًا ، يَعْنِي بِالنَّارِ " . وَنَهَى عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَنِ الْمُثْلَةِ . قَالُوا : وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُثْلَةِ ثَابِتٌ مِنْ طُرُقٍ . قَالُوا : وَقَدْ رُوِّيتُمْ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ، أنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، أنا هَمَّامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، فَذَكَرَ حَدِيثَ الَّذِينَ قَتَلُوا الرُّعَاءَ وَقَدْ أَوْرَدْنَاهُ آنِفًا . قَالَ قَتَادَةُ : فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْحُدُودِ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَمْ نُخَالِفْهُمْ قَطُّ فِي أَنَّ الْمُثْلَةَ لا تَحِلُّ ، لَكِنْ قُلْنَا : إِنَّهُ لا مُثْلَةَ إِلا مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَمَّا مَا أَمَرَ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ مُثْلَةً . لَيْتَ شِعْرِي : مَا الْفَرْقُ عِنْدَ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ ، بَيْنَ مَنْ قَتَلَ عَامِدًا ظَالِمًا بِالْحِجَارَةِ ، فَقُتِلَ هُوَ كَذَلِكَ ؟ فَقَالُوا : هَذِهِ مُثْلَةٌ ؟ وَبَيْنَ مَنْ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ فَقُتِلَ بِالْحِجَارَةِ ؟ فَقَالُوا : لَيْسَ هُوَ مُثْلَةً ، أَلا يَسْتَحِي ذُو دِينٍ مِنْ هَذَا الْكَلامِ الظَّاهِرِ فَسَادُهُ ؟ ! فَإِنْ قَالُوا : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِالرَّجْمِ فِي الزِّنَى ، وَالإِحْصَانِ ، وَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قُلْنَا : وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمَرَ بِالاعْتِدَاءِ عَلَى الْمُعْتَدِي بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى بِهِ ، وَبِالْمُعَاقَبَةِ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ظَالِمًا ، وَقَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشَّدْخِ بِالْحَجَرِ مَنْ قَتَلَ ظَالِمًا كَذَلِكَ ، فَهَلْ مِنْ فَرْقٍ ؟ وَلَيْتَ شِعْرِي : عَلَى مَا يَعْهَدُ النَّاسُ أَيَكُونُ مُثْلَةٌ أَعْظَمَ مِنْ قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلافٍ ، وَفَقْءِ الْعَيْنَيْنِ ، وَجَدْعِ الأَنْفِ ، وَالأُذُنَيْنِ ، وَبَرْدِ الأَسْنَانِ ، وَقَطْعِ الشَّفَتَيْنِ ، وَهُمْ مُوَافِقُونَ لَنَا عَلَى أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَنْ يُفْعَلَ بِمَنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِهِ ظَالِمًا ، فَلَوْ تَرَكُوا التَّحَكُّمَ لَكَانَ أَوْلَى ، وَلَقَدْ قَالُوا : إِنَّ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلافٍ ، فَإِنْ قَطَعَ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّرِيقَ لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ الثَّانِيَةُ وَلا رِجْلُهُ . وَنَظُنُّ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : إِنَّهُ مَنْ قَطَعَ يَدَ آخَرَ وَرِجْلَهُ : أَنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ وَرِجْلُهُ فَإِنْ قَالُوا ذَلِكَ ، لاحَ تَنَاقُضُهُمْ ، وَإِنْ لَمْ يَقُولُوهُ زَادُوا فِي الْبَاطِلِ وَمَنْعِ الْحَقِّ . وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ : كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الْحُدُودِ فَخَطَأٌ ، وَكَلامُ مَنْ لَمْ يَحْضَرْ تِلْكَ الْمَشَاهِدَ ، وَلا ذَكَرَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ مَنْ شَهِدَهَا : فَهُوَ لا شَيْءٌ . وَحَدِيثُ أَنَسٍ الَّذِي مَوَّهُوا بِهِ لَمْ يُسْمَعْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ يَخْطُبُ إِلا نَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ أَعْظَمُ حُجَّةٍ عَلَيْهِمْ فِي كَذِبِهِمْ أَنَّهُ نَاسِخٌ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بِالْذَيِنَ َقتَلُوا الرُّعَاءَ ؛ لأَنَّ أَنَسًا صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلازَمَهُ خَادِمًا لَهُ مِنْ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ السَّلامُ الْمَدِينَةَ إِلَى حِينِ مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَحَّ يَقِينًا قَطْعًا بِلا شَكٍّ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسٌ خُطْبَتَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، وَنَهْيُهُ عَنِ الْمُثْلَةِ قَبْلَ فِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بِالَّذِينَ قَتَلُوا الرُّعَاءَ ، فَبَطَلَ ضَرُورَةً أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَدِّمُ نَاسِخًا لِلْمُتَأَخِّرِ ، وَبِاللَّهِ إِنَّ ضَرْبَ الْعُنُقِ بِالسَّيْفِ لأَعْظَمُ مُثْلَةً ، وَلَقَدْ شَاهَدْنَاهُ فَرَأَيْنَاهُ مَنْظَرًا وَحْشًا ، وَكَأَنَّهُ جَسَدٌ بِأَرْبَعَةِ أَفْخَاذٍ . فَظَهَرَ فَسَادُ احْتِجَاجِهِمْ بِالْمُثْلَةِ ، وَصَحَّ أَنَّ كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، فَلَيْسَ هُوَ مُثْلَةً ، إِنَّمَا الْمُثْلَةُ مَنْ فَعَلَ مَا نَهَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مُتَعَدِّيًا وَلا مَزِيدَ . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إِنَّ فِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ : " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى مَاتَ " . فَلا شَكَّ ، وَلا خِلافَ ، فِي أَنَّ تِلْكَ الرِّوَايَاتِ كُلَّهَا هِيَ فِي قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ ، فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ ، فِي إِنْسَانٍ وَاحِدٍ ، فَقَوْلُ أَيُّوبَ : عَنْ أَبِي قِلابَةَ ، عَنْ أَنَسٍ : فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ . وَقَوْلُ شُعْبَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ : " فَأَمَرَ بِهِ فَرَضَّ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ " . وَقَوْلُ هَمَّامٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ : " فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُرَضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ الْحِجَارَةِ " : أَخْبَارٌ عَنْ عَمَلٍ وَاحِدٍ ، وَإِذَا رُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَقَدْ رُضَّ بِالْحِجَارَةِ ، وَقَدْ رَجِمَ رَأْسُهُ حَتَّى مَاتَ . فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِاخْتِلافِ أَلْفَاظِ الرُّوَاةِ ، إِذْ كُلُّهَا مَعْنًى وَاحِدٌ ، وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ ، وَكُلُّهُمْ ثِقَةٌ ، وَإِنَّمَا هَذَا تَعَلُّلٌ فِي مُخَالَفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَاطِلِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنِ عَبَّاسٍ | عبد الله بن العباس القرشي / توفي في :68 | صحابي |
عِكْرِمَةَ | عكرمة مولى ابن عباس / ولد في :20 / توفي في :104 | ثقة |
أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ | أيوب السختياني | ثقة ثبتت حجة |
مَعْمَرٍ | معمر بن أبي عمرو الأزدي / ولد في :96 / توفي في :154 | ثقة ثبت فاضل |
إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ | إسماعيل بن علية الأسدي | ثقة حجة حافظ |
ابْنِ جُرَيْجٍ | ابن جريج المكي / ولد في :74 / توفي في :150 | ثقة |
أَبُو قُرَّةَ | موسى بن طارق اليماني / توفي في :203 | ثقة |
عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ | علي بن زياد اللحجي / توفي في :248 | ثقة |
الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ | المفضل بن محمد الشعبى / توفي في :308 | ثقة |
عَلِيُّ بْنُ غَيْلانَ الْحَرَّانِيُّ | علي بن الحسن الباهلي / توفي في :355 | ثقة حافظ نبيل |
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْكَسَائِيُّ | أحمد بن علي الكسائي | مجهول الحال |
أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْعُذْرِيُّ | أحمد بن عمر الأندلسي | حافظ محدث متقن |