صفة الغسل الواجب في كل ما ذكرنا


تفسير

رقم الحديث : 218

عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ حَدَّثَنَا ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، ثنا سُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لْيَسْتَنْثِرْ " . وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا ، وَمِنْ طَرِيقِ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ عَلِيٌّ : قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ : لَيْسَ الاسْتِنْشَاقُ وَالاسْتِنْثَارُ فَرْضًا فِي الْوُضُوءِ وَلا فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : هُمَا فَرْضٌ فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَلَيْسَا فَرْضًا فِي الْوُضُوءِ ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُدُ : الاسْتِنْشَاقُ وَالاسْتِنْثَارُ فَرْضَانِ فِي الْوُضُوءِ وَلَيْسَا فَرْضَيْنِ فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ ، وَلَيْسَتِ الْمَضْمَضَةُ فَرْضًا لا فِي الْوُضُوءِ وَلا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ . وَمِمَّنْ صَحَّ عَنْهُ الأَمْرُ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ . رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْثُرْ فَأَذْهِبْ مَا فِي الْمَنْخَرَيْنِ مِنَ الْخُبْثِ ، وَعَنْ شُعْبَةَ : قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ فِيمَنْ نَسِيَ أَنْ يُمَضْمِضَ وَيَسْتَنْشِقَ ، قَالَ : يَسْتَقْبِلُ . وَعَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ فِيمَنْ صَلَّى وَقَدْ نَسِيَ أَنْ يُمَضْمِضَ وَيَسْتَنْشِقَ ، قَالَ : " أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ يَعْنِي الصَّلاةَ " ، وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مُجَاهِدٍ : " الاسْتِنْشَاقُ شَطْرُ الْوُضُوءِ " ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى ، قَالا جَمِيعًا : " إِذَا نَسِيَ الْمَضْمَضَةَ وَالاسْتِنْشَاقَ فِي الْوُضُوءِ أَعَادَ " يَعْنُونَ الصَّلاةَ ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ : " مَنْ نَسِيَ الْمَضْمَضَةَ وَالاسْتِنْشَاقَ فِي الْوُضُوءِ أَعَادَ " يَعْنِي الصَّلاةَ ، وَعَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ وَالاسْتِنْثَارِ وَغَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ : " ثِنْتَانِ تَجْزِيَانِ وَثَلاثٌ أَفْضَلُ " . قَالَ عَلِيٌّ : وَشَغَبَ قَوْمٌ بِأَنَّ الاسْتِنْشَاقَ وَالاسْتِنْثَارَ لَيْسَا مَذْكُورَيْنِ فِي الْقُرْآنِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لا تَتِمُّ صَلاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى " . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا لا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ سورة النساء آية 80 فَكُلُّ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِهِ . وَأَمَّا قَوْلُنَا فِي الْوَجْهِ ، فَإِنَّهُ لا خِلافَ فِي أَنَّ الَّذِي قُلْنَا فَرْضُ غَسْلِهِ قَبْلَ خُرُوجِ اللِّحْيَةِ ، فَإِذَا خَرَجَتِ اللِّحْيَةُ فَهِيَ مَكَانُ مَا سَتَرَتْ ، وَلا يَسْقُطُ غَسْلُ شَيْءٍ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَجْهِ بِالدَّعْوَى ، وَلا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ بِالرَّأْيِ فَرْقٌ بَيْنَ مَا يَغْسِلُ الأَمْرَدُ مِنْ وَجْهِهِ وَالْكَوْسَجُ وَالأَلْحَى . وَأَمَّا مَا انْحَدَرَ عَنِ الذَّقَنِ مِنَ اللِّحْيَةِ وَمَا انْحَدَرَ عَنْ مَنَابِتِ الشَّعْرِ مِنَ الْقَفَا وَالْجَبْهَةِ ، فَإِنَّمَا أَمَرَنَا عَزَّ وَجَلَّ بِغَسْلِ الْوَجْهِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ وَبِالضَّرُورَةِ يَدْرِي كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ رَأْسَ الإِنْسَانِ لَيْسَ فِي قَفَاهُ ، وَأَنَّ الْجَبْهَةَ مِنَ الْوَجْهِ الْمَغْسُولِ ، لا حَظَّ فِيهَا لِلرَّأْسِ الْمَمْسُوحِ ، وَأَنَّ الْوَجْهَ لَيْسَ فِي الْعُنُقِ وَلا فِي الصَّدْرِ فَلا يَلْزَمُ فِي كُلِّ ذَلِكَ شَيْءٌ ، إِذْ لَمْ يُوجِبْهُ قُرْآنٌ وَلا سُنَّةٌ . وَأَمَّا قَوْلُنَا فِي غَسْلِ الذِّرَاعَيْنِ وَمَا تَحْتَ الْخَاتَمِ وَالْمِرْفَقَيْنِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ سورة المائدة آية 6 فَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا وَلَوْ قَدْرَ شَعْرَةٍ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِغُسْلِهِ فَلَمْ يَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَمَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَلَمْ يَتَوَضَّأْ أَصْلا ، وَلا صَلاةَ لَهُ فَوَجَبَ إِيصَالُ الْمَاءِ بِيَقِينٍ إِلَى مَا سَتَرَ الْخَاتَمَ مِنَ الأُصْبُعِ ، وَأَمَّا الْمَرَافِقُ فَإِنَّ " إِلَى " فِي لُغَةِ الْعَرَبِ الَّتِي بِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ تَقَعُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ ، تَكُونُ بِمَعْنَى الْغَايَةِ ، وَتَكُونُ بِمَعْنَى مَعَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ سورة النساء آية 2 بِمَعْنَى مَعَ أَمْوَالِكُمْ ، فَلَمَّا كَانَتْ تَقَعُ " إِلَى " عَلَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ وُقُوعًا صَحِيحًا مُسْتَوِيًا ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْتَصِرَ بِهَا عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ تَخْصِيصًا لِمَا تَقَعُ عَلَيْهِ بِلا بُرْهَانٍ ، فَوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَ غَسْلُ الذِّرَاعَيْنِ إِلَى أَوَّلِ الْمِرْفَقَيْنِ بِأَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ ، فَيُجْزِئُ ، فَإِنْ غَسَلَ الْمَرَافِقَ فَلا بَأْسَ أَيْضًا . وَأَمَّا قَوْلُنَا فِي مَسْحِ الرَّأْسِ فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا ، فَقَالَ مَالِكٌ بِعُمُومِ مَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَمْسَحُ مِنَ الرَّأْسِ فَرْضًا مِقْدَارَ ثَلاثِ أَصَابِعَ ، وَذُكِرَ عَنْهُ تَحْدِيدُ الْفَرْضِ مِمَّا يُمْسَحُ مِنَ الرَّأْسِ بِأَنَّهُ رُبْعُ الرَّأْسِ ، وَإِنَّهُ إِنْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِأُصْبُعَيْنِ أَوْ بِأُصْبُعٍ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ ، فَإِنْ مَسَحَ بِثَلاثِ أَصَابِعَ أَجْزَأَهُ . وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : يُجْزِئُ مِنَ الرَّأْسِ مَسْحُ بَعْضِهِ وَلَوْ شَعْرَةً وَاحِدَةً ، وَيُجْزِئُ مَسْحُهُ بِأُصْبُعٍ وَبِبَعْضِ أُصْبُعٍ ، وَحَدَّ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ مَا يُجْزِئُ مِنْ مَسْحِ الرَّأْسِ بِشَعْرَتَيْنِ ، وَيُجْزِئُ بِأُصْبُعٍ وَبِبَعْضِ أُصْبُعٍ ، وَأَحَبُّ ذَلِكَ إِلَى الشَّافِعِيِّ الْعُمُومُ بِثَلاثِ مَرَّاتٍ . وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : يُجْزِئُ الْمَرْأَةُ أَنْ تَمْسَحَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهَا ، وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ : يُجْزِئُ مَسْحُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ فَقَطْ وَمَسْحُ بَعْضِهِ كَذَلِكَ ، وَقَالَ دَاوُدُ : يُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ مَسْحٍ . وَكَذَلِكَ بِمَا مَسَحَ مِنْ أُصْبُعٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، وَأَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُمُومُ ثَلاثًا ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ، وَأَمَّا الاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ الرَّأْسِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ سورة المائدة آية 6 وَالْمَسْحُ فِي اللُّغَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ هُوَ غَيْرُ الْغُسْلِ بِلا خِلافٍ ، وَالْغُسْلُ يَقْتَضِي الاسْتِيعَابَ وَالْمَسْحُ لا يَقْتَضِيهِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي هُرَيْرَةَ

صحابي

الأَعْرَجِ

ثقة ثبت عالم

أَبِي الزِّنَادِ

إمام ثقة ثبت

سُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ

ثقة حافظ حجة

مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ

ثقة

أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ

ثقة ثبت حافظ

مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ

ثقة

عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ

ثقة