حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ الرَّقِّيُّ ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ هُوَ ابْنُ جَابِرٍ ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَتِي فَتَجْمَعَ حُزَمًا مِنْ حَطَبٍ ، ثُمَّ آتِيَ قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ ، فَأُحَرِّقَهَا عَلَيْهِمْ " . قَالَ يَزِيدُ : فَقُلْتُ لِيَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ : يَا أَبَا عَوْفٍ ، الْجُمُعَةَ عَنَى ، أَوْ غَيْرَهَا ؟ قَالَ : صُمَّتَا أُذُنَايَ ، إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَا ذَكَرَ جُمُعَةً ، وَلَا غَيْرَهَا . قَالَ عَلِيٌّ : وَقَدْ أَقْدَمَ قَوْمٌ عَلَى الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهَارًا ، فَقَالَ : إِنَّمَا عَنَى الْمُنَافِقِينَ ! ! وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِنَ الْمُحَالِ الْبَحْتِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ السَّلامُ يُرِيدُ الْمُنَافِقِينَ ، فَلَا يَذْكُرُهُمْ وَيَذْكُرُ تَارِكِي الصَّلَاةِ ، وَهُوَ لَا يُرِيدُهُمْ ! فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَابْنِ عُمَرَ ، كِلَاهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، " إِنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً " . قُلْنَا : هَذَانِ خَبَرَانِ صَحِيحَانِ ، وَقَدْ صَحَّتِ الْأَخْبَارُ الَّتِي صَدَّرْنَاهَا ، وَثَبَتَ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمُتَخَلِّفٍ عَنِ الْجَمَاعَةِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْذُورًا ، فَوَجَبَ اسْتِعْمَالُ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ عَلَى مَا قَدْ صَحَّ هُنَالِكَ ، لَا عَلَى التَّعَارُضِ ، وَالتَّنَاقُضِ الْمُبْعَدَيْنِ عَنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَصَحَّ أَنَّ هَذَا التَّفَاضُلَ : إِنَّمَا هُوَ عَلَى صَلَاةِ الْمَعْذُورِ الَّتِي تَجُوزُ ، وَهِيَ دُونَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْفَضْلِ ، كَمَا أَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلامُ . وَمَنْ حَمَلَ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا حَصَلَ عَلَى خِلَافِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ ، وَعَلَى تَكْذِيبِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي قَوْلِهِ : أَنْ لَا صَلَاةَ فِي غَيْرِ الْجَمَاعَةِ ، إِلَّا لِمَعْذُورٍ ، وَاسْتَخَفَّ بِوَعِيدِهِ ، وَعَصَى أَمْرَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي إِجَابَةِ النِّدَاءِ ، وَبِأَنْ يَؤُمَّ الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا أَحَدُهُمَا ، وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا . وَهَذَا الَّذِي قُلْنَا : هُوَ مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا { 95 } دَرَجَاتٍ مِنْهُ سورة النساء آية 95-96 " . فَنَصَّ تَعَالَى : عَلَى أَنَّ الْمُتَخَلِّفَ عَنِ الْجِهَادِ بِغَيْرِ عُذْرٍ ، مَذْمُومٌ أَشَدَّ الذَّمِّ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ : مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ { 38 } إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ سورة التوبة آية 38-39 فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا . ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى ، أَنَّ الْمُجَاهِدِينَ مُفَضَّلُونَ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَدَرَجَاتٍ ، فَصَحَّ أَنَّهُ إِنَّمَا عَنَى الْقَاعِدِينَ الْمَعْذُورِينَ الَّذِينَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ وَعْدِ اللَّهِ الْحُسْنَى وَالْأَجْرُ ، لَا الَّذِينَ تُوُعِّدُوا بِالْعَذَابِ ! ؟ وَكَمَا أَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، أَنَّ صَلَاةَ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا مَعَنَا فِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ قَاعِدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا أَجْرَ لَهُ ، وَلَا نَصِيبَ مِنَ الصَّلَاةِ ، فَصَحَّ أَنَّ النِّسْبَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنَ الْفَضْلِ ، إِنَّمَا هِيَ بَيْنَ الْمُبَاحِ لَهُ الصَّلَاةُ قَاعِدًا لِعُذْرٍ مِنْ خَوْفٍ ، أَوْ مَرَضٍ ، أَوْ فِي نَافِلَةٍ ! ؟ فَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَخُصُّوا بِذَلِكَ النَّافِلَةَ فَقَطْ ، سَأَلْنَاهُمُ الدَّلِيلَ عَلَى ذَلِكَ ؟ وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَيْهِ ، إِلَّا بِدَعْوَى فِي أَنَّ الْمَعْذُورَ فِي الْفَرِيضَةِ صَلَاتُهُ كَصَلَاةِ الْقَائِمِ ، وَهَذِهِ دَعْوَى كَاذِبَةٌ مُخَالِفَةٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ : " صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ " ، دُونَ تَخْصِيصٍ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبَا هُرَيْرَةَ | أبو هريرة الدوسي / توفي في :57 | صحابي |
يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ | يزيد بن الأصم العامري / ولد في :28 / توفي في :101 | ثقة |
يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ هُوَ ابْنُ جَابِرٍ | يزيد بن يزيد الأزدي / ولد في :73 / توفي في :133 | ثقة فقيه صالح |
أَبُو الْمَلِيحِ هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ الرَّقِّيُّ | الحسن بن عمر الفزاري | ثقة |
النُّفَيْلِيُّ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ | عبد الله بن محمد القضاعي / توفي في :234 | ثقة حافظ |
أَبُو دَاوُدَ | أبو داود السجستاني | ثقة حافظ |
ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ | أحمد بن محمد العنزي | ثقة حافظ |
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ | محمد بن إسحاق القاضي / ولد في :302 / توفي في :367 | صدوق حسن الحديث |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ | عبد الله بن ربيع التميمي / ولد في :330 / توفي في :415 | ثقة |