كتاب الصيام


تفسير

رقم الحديث : 1116

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ ، نا خَالِدُ هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ ، نا شُعْبَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ سَالِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلا الْعُمْرَةَ وَلا الظَّعْنَ قَالَ : فَحِجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ " . فَهَذَا أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَدَاءِ فَرْضِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عَمَّنْ لا يُطِيقُهُمَا ، فَهَذَا حُكْمٌ زَائِدٌ وَشَرْعٌ وَارِدٌ ، وَكَانَتْ تَكُونُ تِلْكَ الْأَحَادِيثُ مُوَافِقَةً لِمَعْهُودِ الْأَصْلِ ، فَإِِنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ قَدْ كَانَا بِلا شَكٍّ تَطَوُّعًا لا فَرْضًا ، فَإِِذَا أَمَرَ بِهِمَا اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَدْ بَطَلَ كَوْنُهُمَا تَطَوُّعًا بِلا شَكٍّ وَصَارَا فَرْضَيْنِ ، فَمَنِ ادَّعَى بُطْلانَ هَذَا الْحُكْمِ وَعَوْدَةَ الْمَنْسُوخِ فَقَدْ كَذَبَ وَأَفِكَ وَافْتَرَى ، وَقَفَا مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ ، فَبَطَلَ كُلُّ خَبَرٍ مَكْذُوبٍ مَوَّهُوا بِهِ لَوْ صَحَّ ، فَكَيْفَ وَكُلُّهَا بَاطِلٌ ؟ . وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّ إِخْبَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدُخُولِ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ ، وَبِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمَرْءِ إِلَّا حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا فَهَذَيَانٌ لا يُعْقَلُ ، بَلْ هَذَا بُرْهَانٌ وَاضِحٌ فِي كَوْنِ الْعُمْرَةِ فَرْضًا ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ أَخْبَرَ بِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ ، وَلا يَشُكُّ ذُو عَقْلٍ فِي أَنَّهَا لَمْ تَصِرْ حَجَّةً ، فَوَجَبَ أَنَّ دُخُولَهَا فِي الْحَجِّ إِنَّمَا هُوَ مِنْ وَجْهَيْنِ فَقَطْ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ يُجْزِئُ لَهُمَا عَمَلٌ وَاحِدٌ فِي الْقِرَانِ . وَالثَّانِي : دُخُولُهَا فِي أَنَّهَا فَرْضٌ كَالْحَجِّ . فَإِِنْ قَالُوا : قَدْ جَاءَ أَنَّهَا الْحَجُّ الْأَصْغَرُ ؟ . قُلْنَا : لَوْ صَحَّ هَذَا لَكَانَ حُجَّةً لَنَا ، لِأَنَّ الْقِرَانَ قَدْ جَاءَ بِإِِيجَابِ الْحَجِّ ، فَكَانَتْ حِينَئِذٍ تَكُونُ فَرْضًا بِنَصِّ قَوْلِهِ تَعَالَى : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا سورة آل عمران آية 97 لَكِنَّا لا نَسْتَحِلُّ التَّمْوِيهَ بِمَا لا يَصِحُّ ، مَعَ أَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي ذَكَرُوا ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ، لِأَنَّ رَاوِيَهُ أَبُو سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ ، وَقَدْ قَالَ فِيهِ عُقَيْلٌ : سِنَانٌ هُوَ مَجْهُولٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ ، وَأَيْضًا : فَإِِنَّهُمْ كَذَبُوا فِيهِ وَحَرَّفُوهُ وَأَوْهَمُوا أَنَّ فِيهِ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ " لَيْسَ عَلَى الْمَرْءِ إِلَّا حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ " ولَيْسَ هَذَا فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ أَصْلًا ، وَإِِنَّمَا فِيهِ أَنَّ الْحَجَّ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ ، وَهَذَا لا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الْعُمْرَةِ : إِمَّا مَعَ الْحَجِّ مَقْرُونَةٌ ، وَإِِمَّا مَعَهُ فِي عَامٍ وَاحِدٍ ، فَصَارَ حُجَّةً لَنَا عَلَيْهِمْ . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَمَرَ بِإِِتْمَامِهَا مَنْ دَخَلَ فِيهَا لا بِابْتِدَائِهَا ، وَأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَرَأَ : وَالْعُمْرَةُ لِلَّهِ بِالرَّفْعِ فَقَوْلٌ كُلُّهُ بَاطِلٌ ، لِأَنَّهَا دَعْوَى بِلا بُرْهَانٍ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ سورة البقرة آية 196 لا يَقْتَضِي مَا قَالُوا وَإِِنَّمَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْمَجِيءِ بِهِمَا تَامَّيْنِ وَحَتَّى لَوْ صَحَّ مَا قَالُوهُ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الدَّاخِلُ فِيهَا مَأْمُورًا بِإِِتْمَامِهَا فَقَدْ صَارَتْ فَرْضًا مَأْمُورًا بِهِ ، وَهَذَا قَوْلُنَا لا قَوْلُهُمُ الْفَاسِدُ الْمُتَخَاذِلُ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ

صحابي

عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ

ثقة

النُّعْمَانَ بْنَ سَالِمٍ

ثقة

شُعْبَةَ

ثقة حافظ متقن عابد

خَالِدُ هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ

ثقة ثبت

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ

ثقة

أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ

ثقة ثبت حافظ

مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ

ثقة

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.