مَا ناه حَمَامُ بْنُ أَحْمَدَ ، أنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، أنا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ ، عَنْ مُحُمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ ، عَنِ الْقَعْقَاعِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ ، قَالَ : " بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُطُمٍ ، فَلَقِينَا عَامِرَ بْنَ الأَضْبَطِ هُوَ أَشْجَعِيٌّ ، فَحَيَّانَا بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ ، فَقَامَ إِلَيْهِ الْمُلْجَمُ بْنُ جَثَّامَةَ : هُوَ لَيْثِيٌّ كِنَانِيٌّ ، فَقَتَلَهُ ثُمَّ سَلَبَهُ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْنَاهُ ، فَنَزَلَتْ : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا سورة النساء آية 94 " . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كُلُّ هَذِهِ الأَخْبَارِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ ؛ لأَنَّ خَالِدًا لَمْ يَقْتُلْ بَنِي جُذَيْمَةَ إِلا مُتَأَوِّلا أَنَّهُمْ كُفَّارٌ ، وَلَمْ يَعْرِفْ أَنَّ قَوْلَهُمْ : صَبَأْنَا ، صَبَأْنَا - إِسْلامٌ صَحِيحٌ ، وَكَذَلِكَ أُسَامَةُ بِلا شَكٍّ ، وَحَسْبُكَ بِمُرَاجَعَتِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ، وَقَوْلِهِ : إِنَّمَا قَالَهَا مِنْ خَوْفِ السِّلاحِ ، وَهُوَ وَاللَّهِ الثِّقَةُ الصَّادِقُ الَّذِي ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِلا مَا فِي نَفْسِهِ . وَكَذَلِكَ السَّرِيَّةُ الَّتِي أَسْرَعَتْ بِالْقَتْلِ فِي خَثْعَمٍ : وَهُمْ مُعْتَصِمُونَ بِالسُّجُودِ ، وَإِذْ هُمْ مُتَأَوِّلُونَ فَهُمْ قَاتِلُو خَطَأٍ بِلا شَكٍّ ، فَسَقَطَ الْقَوَدُ . ثُمَّ نَظَرْنَا فِيهِمْ فَوَجَدْنَاهُمْ كُلَّهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي قَوْمٍ عَدُوٍّ لَنَا ، فَسَقَطَتِ الدِّيَةُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ ، وَلَمْ يَبْقَ إِلا الْكَفَّارَةُ ، فَلا بُدَّ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ ضَرُورَةً : إِمَّا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أَمَرَهُمْ بِهَا فَسَكَتَ الرَّاوِي عَنْ ذَلِكَ . وَإِمَّا أَنَّ الآيَةَ الَّتِي فِيهَا : فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ سورة النساء آية 92 . لَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ بَعْدُ ، فَلا شَيْءَ عَلَيْهِمْ إِلا الاسْتِغْفَارُ وَالدُّعَاءُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَطْ . فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَقُولُ مُتَأَوِّلا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ فِعْلِهِ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَدْ بَرِئَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُلِّ خَطَأٍ خَالَفَ الْحَقَّ ، وَنَحْنُ نَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فَاعِلُهُ مَأْجُورًا أَجْرًا وَاحِدًا ، وَلَمْ يَبْرَأْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَالِدٍ قَطُّ ، إِنَّمَا بَرِئَ مِنْ فِعْلِهِ ، وَهَكَذَا نَقُولُ نَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ كُلِّ تَأْوِيلٍ أَخْطَأَ فِيهِ الْمُتَأَوِّلُ ، وَلا نَبْرَأُ مِنَ الْمُتَأَوِّلِ ، وَلَوْ بَرِئَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ مِنْ خَالِدٍ لَمَا أَمَرَهُ بَعْدَهَا ، فَصَحَّ قَوْلُنَا . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . فَإِنْ قِيلَ : فَمَا وَجْهُ إِعْطَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَثْعَمًا نِصْفَ الدِّيَةِ ؟ قُلْنَا : فَعَلَ ذَلِكَ تَفَضُّلا ، وَصِلَةً وَاسْتِئْلافًا عَلَى الإِسْلامِ فَقَطْ ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَهُمْ دِيَةٌ لَمَا مَنَعَهُمْ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ مِنْهَا وَبْرَةً فَمَا فَوْقَهَا . فَلَمَّا بَطَلَ احْتِجَاجُ الْحَنَفِيِّينَ لِقَوْلِهِمُ الْخَبِيثِ بِهَذِهِ الأَخْبَارِ فِي إِسْقَاطِ الْقَوَدِ ، وَالدِّيَةُ عَمَّنْ تَعَمَّدَ قَتْلَ مُسْلِمٍ يَدْرِي أَنَّهُ مُسْلِمٌ : وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا فِي أَرْضِ الْحَرْبِ ، وَفِي إِسْقَاطِهِمُ الْقَوَدَ فَقَطْ عَنِ الْمُتَعَمِّدِ قَتْلَ الْمُسْلِمِ فِي عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، إِذْ قَدْ صَحَّ أَنَّهَا كُلُّهَا قَتْلُ خَطَأٍ لا قَتْلُ عَمْدٍ ، فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ بِيَقِينٍ . فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ بَرِئَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ سَكَنَ بَيْنَ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ ، قُلْنَا : لَوْ كَانَ هَذَا مُبِيحًا لِتَعَمُّدِ قَتْلِهِ لَبَطَلَ قَوْلُكُمْ فِي إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ فِي ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ : أَنَّهُ جَانٍ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ ، فَإِنْ قَتَلَهُ مَنْ لا يَدْرِي أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَلا قَوَدَ ، وَلا دِيَةَ ، إِنَّمَا فِيهِ الْكَفَّارَةُ فَقَطْ ؛ بِنَصِّ الْقُرْآنِ . ثُمَّ زَادُوا ضَلالا فَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِخَبَرٍ سَاقِطٍ مَوْضُوعٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لا تُقْطَعُ الأَيْدِي فِي السَّفَرِ " فَكَانَ هَذَا عَجَبًا ؛ لأَنَّهُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لِهَذَا الْخَبَرِ ، فَيَقْطَعُونَ الأَيْدِيَ فِي السَّفَرِ ، فَلا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ تَخْصِيصُ دَارِ الْحَرْبِ بِذَلِكَ ؟ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَهُمْ ذَلِكَ لَكَانَ إِسْقَاطُهُمُ الْقَوَدَ ، وَالدِّيَةَ ، أَوِ الْقَوَدَ فَقَطْ عَلَى تَرْكِ قَطْعِ الأيَدْيِ هَوَسًا ظَاهِرًا ، وَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ مِنْ أَنْ يُرِيدَ النَّهْيَ عَنِ الْقَوَدِ ، وَالدِّيَةُ فِي قَتْلِ نَفْسِ الْمُسْلِمِ عَمْدًا فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَيَدَعُ ذِكْرَ ذَلِكَ وَيَقْتَصِرُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ قَطْعِ الأَيْدِي فِي السَّفَرِ ، هَذَا لا يُضِيفُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا كَذَّابٌ مَلْعُونٌ مُتَعَمِّدُ الْكَذِبِ عَلَيْهِ : عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ | عبد الله بن سلامة الأسلمي / توفي في :71 | صحابي |
الْقَعْقَاعِ | القعقاع بن أبي حدرد الأسلمي | مختلف في صحبته |
يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ | يزيد بن قسيط الليثي / ولد في :32 / توفي في :122 | ثقة |
مُحُمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ | سليمان بن حيان الجعفري | صدوق حسن الحديث |
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ | ابن أبي شيبة العبسي / توفي في :235 | ثقة حافظ صاحب تصانيف |
أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ | أحمد بن أبي خيثمة النسائي | ثقة حافظ |
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ | محمد بن عبد الملك القرطبي / توفي في :330 | ثقة ثقة |
عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ | العباس بن أصبغ | مجهول الحال |
حَمَامُ بْنُ أَحْمَدَ | حمام بن أحمد القرطبي | ثقة |