باب من الكلام في شبه العمد وهو عمد الخطا


تفسير

رقم الحديث : 1333

حَدَّثَكُمْ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ، أَنْبَأَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ ، يَقُولُ : حَدَّثَنِي أَبُو لَيْلَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ رِجَالٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ : " أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ ، وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْا ، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ ، فَأَخْبَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي عَيْنٍ ، أَوْ فَقِيرٍ ، فَأَتَى يَهُودَ ، فَقَالَ : أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ ؟ قَالُوا : وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ ، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ ، ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ ، فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُحَيِّصَةَ : " كُبْرَ كُبْرَ يُرِيدُ السِّنَّ " ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ ، فَقَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِمَّا أَنْ يَدُّوا صَاحِبَكُمْ ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ " ، وَذَكَرَ بَاقِي الْخَبَرِ . فَهَذَا قَتْلُ كَافِرٍ لِمُؤْمِنٍ وَفِيهِ الدِّيَةُ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : فَجَوَابُنَا ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ ، أَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ وَلِلَّهِ الْحَمْدِ ، مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُلْزِمُ أَحَدًا دِيَةً إِلاَّ قَاتِلا عَمْدًا ، أَوْ عَاقِلَةَ قَاتِلِ خَطَأٍ ، أَوْ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ عَمَّنْ لا عَاقِلَةَ لَهُ ، فَإِلْزَامِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ الْيَهُودَ الدِّيَةَ لا يَخْلُو بِيَقِينٍ لا إِشْكَالَ فِيهِ مَعَ أَحَدِ وَجْهَيْنِ لا ثَالِثَ لَهُمَا : إِمَّا أَنْ يَكُونُوا قَاتِلِي عَمْدٍ ، أَوْ إِمَّا أَنْ يَكُونُوا عَاقِلَةَ قَاتِلِي خَطَأٍ ، هَذَا مَا لا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سِوَاهُ ، فَوَجَبَ أَنْ يَنْظُرَ أَيَّ الْوَجْهَيْنِ هُوَ الْمُرَادُ فِي هَذَا الْمَكانِ ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا حُكْمَ قَاتِلِ الْعَمْدِ بَيَان مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمهُ عِنْدَ غَيْرِنَا الْقَوَدَ ، أَوِ الْعَفْو فَقَطْ ، أَوْ مَا تَصَالَحُوا بِهِ ، وَحُكْمُهُ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَيْضًا بِتَخْيِيرِ الْوَلِيِّ بَيْنَ الْقَوَدِ ، أَوِ الْعَفْوِ ، أَوِ الدِّيَةِ ، وَحُكْمُهُ عِنْدَنَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْقَوَدِ ، أَوِ الْعَفْوِ ، أَوِ الدِّيَةِ ، أَوْ مَا تَصَالَحُوا عَلَيْهِ ، فَالْقَوَدُ عَلَى كُلِ هَذِهِ الأَقْوَالِ حُكْمُ قَتْلِ الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ بِلا خِلافٍ فِيهِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ ، وَحُكْمُ قَاتِلِ الْخَطَأِ الدِّيَةُ ، أَوِ الْعَفْو عَنْهَا فَقَطْ . فَلَمَّا وَجَدْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ قَوَدًا أَصْلا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، وَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَغْفَلَ حَقَّا لِلْحَارِثِيِّينَ إِلاَّ وَيَذْكُرهُ لَهُمْ ، وَلا يَسْكُتَ عَنْهُ فَيُبْطَلُ حَقُّهُمْ ؟ عَلِمْنَا أَنَ حُكْمَهُ بِالدِّيَةِ بِذَلِكَ لا يَخْلُو مِنْ أَحْدِ وَجْهَيْنِ : مِنْ أَنْ يَكُونَ قَتْلُ عَمْدٍ وَلا يُعْرَفْ قَاتِلُهُ ، فَيَحْكُمْ فِيهِ بِحُكْمِ نَاقِضِ الذِّمَّةِ ، أَوْ قَتْلُ خَطَأٍ ، فَإِنْ كَانَ قَتْلُ عَمْدٍ لا يُعْرَفُ قَاتِلُهُ ، فَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لا يُلْزِمُهُمْ دِيَةً لا تَجِبُ عَلَيْهِمْ . وَلا خِلافَ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ مِنْ خُصُومِنَا فِي أَنَّ الْعَاقِلَةَ لا تُؤَدَّى عَنْ قَاتِلِ عَمْدٍ ، وَلا أَوْجَبَ ذَلِكَ نَصٌّ ، فَبَطَلَ هَذَا الْحُكْمُ . وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَنَّهُ الْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ قَتْلُ الْخَطَأِ ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ ، لأَنَّ الْقَتْلَ قَدْ صَحَّ بِلا شَكٍ ، وَمُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِقَصْدٍ ، وَمُمْكِنُ أَنْ لا يَكُونَ بِقَصْدٍ ، فَلا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ قَصَدُوهُ إِلاَّ بِبُرْهَانٍ مِنْ بَيَّنَةٍ ، أَوْ إِقْرَارٍ ، أَوْ نَصٍّ مُوجِبٍ لِذَلِكَ ، فَبَقَيِ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْصُدُوهُ ، وَهَذَا هُوَ الْخَطَأُ نَفْسُهُ . ثُمَّ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَإِمَّا أَنْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ " دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُمْ بِخُرُوجِهِمِ ْعَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ يَنْقُضُونَ الذِّمَّةَ ، وَيَعُودُونُ حَرْبَيِّينِ . قَالَ عَلِيٌّ : فَبَيَّنَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَ الْخَطَأِ فِي الْقَتْلِ الْمَوْجُودِ إِنِ اعْتَرَفُوا بِذَلِكَ ، ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ حُكْمَ الْعَمْدِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ حَلِفُوا عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أسلَمَ إِلَيْهِمْ وَلاحَ وَجْهُ الْحَدِيثِ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
رِجَالٍ

سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ

صحابي صغير

أَبُو لَيْلَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ

ثقة

مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ

رأس المتقنين وكبير المتثبتين

بِشْرُ بْنُ عُمَرَ

ثقة

إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ

ثقة ثبت

مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ

ثقة حافظ إمام

أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ

مجهول الحال

أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ

صدوق حسن الحديث

عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى

ثقة

أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ

ثقة

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

صدوق حسن الحديث

Whoops, looks like something went wrong.