مسالة التعريض هل فيه حد او تحليف ام لا حد فيه ولا تحليف


تفسير

رقم الحديث : 1575

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ نا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : " اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ ، فَقَالَ سَعْدٌ : أَوْصَانِي أَخِي عُتْبَةُ إذَا قَدِمْتُ مَكَّةَ فَأَنْظُرُ ابْنَ أَمَةِ زَمْعَةَ فَهُوَ ابْنِي ، وَقَالَ عَبْدٌ : هُوَ ابْنُ أَمَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي ؟ فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ " . فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَشَارَ إشَارَةً لَمْ يَقْطَعْ بِهَا ، بَلْ خَالَفَ وَظَنَّ أَنَّهُ مِنْ مَاءِ عُتْبَةَ ، وَلَمْ يَرَ حَدًّا عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، إذْ نَسَبَ وَلَدَ زَمْعَةَ إلَى أَخِيهِ . فَهَذِهِ آثَارٌ رَوَاهَا مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ جَمَاعَةٌ عَائِشَةُ ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ ، وَأَنَسٌ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ، فَصَارَتْ فِي حَدِّ التَّوَاتُرِ مُوجِبَةً لِلْعِلْمِ ، مُبْطِلَةً قَوْلَ مَنْ رَأَى : أَنَّ فِي التَّعْرِيضِ حَدًّا ، بَلْ صَحَّ بِهَا : أَنَّ مَنْ عَرَّضَ لِغَيْرِ سَبَبٍ لَكِنْ لِشَكْوًى عَلَى حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ ، أَوْ تَوَرُّعًا عَلَى حَدِيثِ ابْنِ وَلِيدَةَ زَمْعَةَ أَوْ إنْكَارًا لِلْمُنْكَرِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَلَى حَدِيثِ أَنَسٍ ، فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ أَصْلًا ، لَا إثْمَ وَلَا كَرَاهِيَةَ وَلَا إنْكَارَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ ، وَقِيلَ بِحَضْرَتِهِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ . وَأَمَّا طَرِيقُ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّ الْأُمَّةَ كُلَّهَا لَا تَخْتَلِفُ ، وَالْمَالِكِيُّونَ فِي جُمْلَتِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ أَظْهَرَ السُّوءَ مِنْ رَجُلٍ ، أَوِ امْرَأَةٍ ، كَانْفِرَادِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ ، وَدُخُولِ الرَّجُلِ مَنْزِلَ الْمَرْأَةِ تَسَتُّرًا ، فَوَاجِبٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إنْكَارُ ذَلِكَ ، وَرَفْعُهُ إلَى الْإِمَامِ ، وَهَذَا بِيَقِينٍ تَعْرِيضٌ ، وَإِلَّا فَأَيُّ شَيْءٍ يُنْكِرُونَ مِنْ ذَلِكَ . وَالْعَجَبُ كُلَّ الْعَجَبِ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ الْحَدَّ فِي التَّعْرِيضِ وَهُمْ يُصَرِّحُونَ بِالْقَذْفِ وَلَا يَرَوْنَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا ، وَذَلِكَ إقَامَتُهُمْ حَدَّ الزِّنَى عَلَى الْحُبْلَى وَمَا ثَبَتَ قَطُّ عَلَيْهَا زِنًا ، فَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يُسْقِطُونَ الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ وَهَذَانِ مَكَانَانِ أَقَامُوا الْحَدَّ بِالشُّبُهَاتِ فِيهِمَا ، وَهُمَا : حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى مَنْ عَرَّضَ وَلَمْ يُصَرِّحْ وَحَدُّ الزِّنَا عَلَى مَنْ حَمَلَتْ وَلَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَصَحَّ أَنْ لَا حَدَّ فِي التَّعْرِيضِ أَصْلًا ؟ فَإِنْ قَالَ الْمُعَرَّضُ بِهِ : أُحَلِّفُهُ مَا أَرَادَ قَذْفِي ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَلَا يَحْلِفُ هَاهُنَا أَصْلًا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْذِفْهُ ، وَإِنَّمَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَرَادَ قَذْفَهُ فَقَطْ ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْأُمَّةِ كُلِّهَا فِي أَنَّ مَنِ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَضْمَرَ قَذْفَهُ وَلَمْ يَقْذِفْهُ ، فَإِنَّهُ لَا تَحْلِيفَ فِي ذَلِكَ ، لِصِحَّةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَضْمَرَ قَذْفًا وَلَمْ يَنْطِقْ بِهِ ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ أَصْلًا ، حَتَّى أَقَرَّ بِذَلِكَ امْرُؤٌ عَلَى نَفْسِهِ وَهَذَا الْمُعَرِّضُ فَلَمْ يَنْطِقْ بِالْقَذْفِ وَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ أَصْلًا . وَأَمَّا مَنِ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ صَرَّحَ بِالْقَذْفِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَلَا تَحْلِيفَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ الْحَدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِهِ لَا مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ ، فَإِنَّمَا يَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا آذَيْتُكَ ، وَلَا شَتَمْتُكَ وَيَبْرَأُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَائِشَةَ

صحابي

الزُّهْرِيِّ

الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه

سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ

ثقة حافظ حجة

إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ

ثقة حافظ إمام

أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ

ثقة ثبت حافظ

مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ

ثقة

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.