حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ الْهَمَدَانِيُّ الْكُوفِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ وَاللَّفْظُ لَهُ ، قَالا : أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : " قُتِلَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرُفَعَ الْقَاتِلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَدَفَعَهُ إِلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ ، فَقَالَ الْقَاتِلُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لا وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ : " أَمَا إِنَّهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا ، ثُمَّ قَتَلْتَهُ دَخَلْتَ النَّارَ " . فَخَلَّى سَبِيلَهُ ، وَكَانَ مَكْتُوفًا ، فَخَرَجَ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ ، فَسُمِّيَ : ذَا النِّسْعَةِ " . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : فَهَذَا بَيَانُ الأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ ، لا يَجُوزُ غَيْرَ ذَلِكَ ألْبَتَّةَ ، وَهُوَ أَنَّهُ حَكم عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بالقود والقتل قصاصا بظاهر البينة ، أَوِ الإقرار التام . وَهَذَا هُوَ الحق المفترض عَلَى الحكام المتيقن أَن اللَّه تَعَالَى أمرهم بِهِ ، وَلَمْ يكلفهم علم الغيب ، فحكم النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بالحق فِي ذَلِكَ ، فلما قَالَ : إني لَمْ أرد قتله ، وَكَانَ ذَلِكَ ممكنا أخبره عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بأنه إِن كَانَ كذلك فقاتله فِي النار وَهُوَ مثله ، لأنه لا يحل لَهُ قتله حينئذ ، فصار حكمه عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ حقا ، وقوله حقا . كما قَالَ أَيْضًا عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : " فمن قضيت لَهُ بشَيْء من حق أخيه فلا يأخذه ، فإنما أقطع لَهُ قطعة من النار " . وَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فِي ظاهر الحكم بالبينة ، أَوِ الإقرار ، أَوِ اليمين حاكم بالحق المتيقن لا بالظن ، لكن بِمَا أمره اللَّه تَعَالَى أَن يحكم بِهِ ولا بد ، وإن كَانَ الباطن بخلاف ذَلِكَ مِمَّا لو علمه عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لَمْ ينفذه ، ولا تركه يمضي أصلا ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . فَإِن قيل : هَذَا وجه الجمع بَيْنَ حكمه عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، وقوله فِي ذَلِكَ فَمَا وجه حكمه عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بأن الْقَاتِل والْمَقْتُول فِي النار ، وأنه مثله ، وكيف يَكُون من قتل غَيْر مريد للقتل فِي النار ؟ قُلْنَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : هَذَا إخبار من النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغيب أعلمه اللَّه تَعَالَى إياه ، لأنه عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لا يَقُول ألبتة إلا الحق ، ولا يَقُول بالظن قاصدا إِلَى ذَلِكَ ، ومن قَالَ هَذَا عَلَيْهِ ونسبه إِلَيْهِ ، فَهُوَ كافر ، فنقول : إِن ذَلِكَ الْقَاتِل الَّذِي لَمْ يعمد القتل كَانَ ، فاسقا من أَهْل النار بعمل لَهُ غَيْر هَذَا القتل ، أطلع اللَّه تَعَالَى نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عاقبته فِيهِ ، وَلَمْ يكن دمه يحل لِهَذَا المستقيد ، لأنه لَمْ يعمد قتل أخيه ، فلو قتله عَلَى هَذَا الوجه لكان قاتلا بغير الحق ، ولاستحق النار ، ولكان ظالما كالْمَقْتُول ، إذ لَيْسَ كُل ظالم يستحق القتل وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي هُرَيْرَةَ | أبو هريرة الدوسي / توفي في :57 | صحابي |
أَبِي صَالِحٍ | أبو صالح السمان | ثقة ثبت |
الأَعْمَشِ | سليمان بن مهران الأعمش | ثقة حافظ |
أَبُو مُعَاوِيَةَ | محمد بن خازم الأعمى / ولد في :113 / توفي في :194 | ثقة |
وَأَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ | أحمد بن حرب الطائي | صدوق حسن الحديث |
أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ الْهَمَدَانِيُّ الْكُوفِيُّ | محمد بن العلاء الهمداني / ولد في :161 / توفي في :248 | ثقة حافظ |
أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ | أحمد بن شعيب النسائي | ثقة ثبت حافظ |
مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ | محمد بن معاوية الأموي / توفي في :358 | ثقة |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ | عبد الله بن ربيع التميمي / ولد في :330 / توفي في :415 | ثقة |