حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ ، أَخْبَرَنَا أَبِي قَاسِمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ ، أَخْبَرَنَا جَدِّي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نُعْمَانَ لَقِيتُهُ بِقَيْرَوَانَ إِفْرِيقِيَّةَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْبَزَّازُ أَوِ البَّزَّارُ ، شَكَّ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو هَمَّامٍ ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَهَا يَعْنِي : الَّتِي سَمَّتْهُ " . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : فنظرنا فِي الرِّوَايَة فوجدناها معلولة : أما رِوَايَة وهب بْن بقية ، فإنها مرسلة ، وَلَمْ يسند مِنْهَا وهب فِي المرة الَّتِي أسند إلا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ، فَقَط . وَأَمَّا سائر الْخَبَر ، فإنه أرسله ولا مزيد هكذا فِي نص الْخَبَر الَّذِي أوردنا لما انتهى إِلَى آخر لفظه " ولا يأكل الصدقة " . قَالَ : وزاد فأتى بخبر الشاة مرسلا فَقَط ، ولا حجة فِي مرسل . وَأَمَّا رِوَايَة قاسم ، فإنها عَنْ رجال مجهولين : ابْن نعمان القيرواني لا نعرفه ، وإبراهيم بْن موسى البزاز كذلك ، وأبو همام كثير لا ندري أيهم هُوَ وسعيد بْن سُلَيْمَان يروي مِنْ طَرِيقِ عباد بْن العوام مسندًا إِلَى أَبِي هُرَيْرَة : أَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَمْ يعرض لليهودية الَّتِي سمته ، وَهَذَا القيرواني يروي مِنْ طَرِيقِ عباد بْن العوام أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قتلها ، فسقطت هَذِهِ الرِّوَايَة جملة ، لجهالة ناقليها . ثُمَّ لو صحت لما كَانَ فِيهَا حجة ، لأنها عَنْ أَبِي هُرَيْرَة كما أوردنا ، وَقَدْ صح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يعرض لَهَا ، وكانت الرِّوَايَة لو صحت وَهِيَ لا تصح مضطربة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة : مرة أَنَّهُ قتلها ، ومرة أَنَّهُ لَمْ يعرض لَهَا ، فلو صحت الرِّوَايَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قتلها ، كما قَدْ صح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة : أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لَمْ يعرض لَهَا ، لكان الْكَلام فِي ذَلِكَ لا يخلو من أحد ثلاثة أوجه لا رابع لَهَا : إِمَّا أَن تترك الروايتان معًا لتعارضهما ، ولأن إحداهما وهم ، بلا شك ، لأنها قصة واحدة ، فِي امرأة واحدة ، فِي سبب واحد ، ويرجع إِلَى رِوَايَة من لَمْ يضطرب عَنْهُ ، وهما : جَابِر وأنس ، اللذان اتفقا عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لَمْ يقتلها ، فهذا وجه . والوجه الثَّانِي : وَهُوَ أَن تصح الروايتان معا ، فيكون عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لَمْ يقتلها إذ سمته من أجل أَنَّهَا سمته ، فتصح هَذِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ، وتكون موافقة لرواية جَابِر ، وأنس بْن مَالِك ، ويكون عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قتلها لأمر آخر ، واللَّه أعلم بِهِ . أَوْ يَكُون الحكم عَلَى وجه ثالث وَهُوَ أصح الوجوه وَهُوَ أَن قَوْل أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قتلها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقوله : لَمْ يعرض لَهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنهما جميعًا لفظ أَبِي هُرَيْرَة ، لا يبعد الوهم عَنِ الصاحب . وحديث أَنَس هُوَ لفظ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، الَّذِي لا يأتيه الباطل من بَيْنَ يديه ، ولا من خلفه ، ولا يقره ربه تَعَالَى عَلَى الوهم ، ولا عَلَى الخطأ فِي الدين أصلا . وَهَذَا أَن إِنْسَانا ذَكَرَ أَنَّهُ قيل لَهُ : يا رَسُولَ اللَّهِ ألا تقتلها ؟ فَقَالَ : لا ، فهذا هُوَ المغلب المحكوم بِهِ الَّذِي لا يحل خلافه ، فصح أَن من أطعم آخر سمًا فمات مِنْهُ : أَنَّهُ لا قود عَلَيْهِ ، ولا دِيَة عَلَيْهِ ، ولا عَلَى عاقلته ، لأنه لَمْ يباشر فِيهِ شَيْئًا أصلا ، بَل الميت هُوَ المباشر فِي نَفْسه ، ولا فرق بَيْنَ هَذَا وبين من غر آخر يوري لَهُ طريقا أَوْ دعاه إِلَى مكان فِيهِ أسد فقتله . وَقَدْ صح الْخَبَر : أَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَمْ يوجب عَلَى الَّتِي سمته وأَصْحَابه ، فمات من ذَلِكَ السم بَعْضهم : قودا ولا دِيَة ، فبطل النظر مَعَ هَذَا النص . ووجه آخر وَهُوَ أَنَّهُ لا يطلق عَلَى من سم طعاما لآخر ، فأكله ذَلِكَ المقصود ، فمات أَنَّهُ قتله ، إلا مجازا لا حقيقة ، ولا يعرف فِي لغة العرب أَنَّهُ قاتل ، وإنما يستعمل هَذَا العوام ، وليس الحجة إلا فِي اللغة ، وَفِي الشريعة ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَأَمَّا إِذَا أكرهه وأوجره السم ، أَوْ أمر من يوجره ، فَهُوَ قاتل بلا شك ، ومباشر لقتله ، ويسمى قاتلا فِي اللغة .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي هُرَيْرَةَ | أبو هريرة الدوسي / توفي في :57 | صحابي |
أَبِي سَلَمَةَ | أبو سلمة بن عبد الرحمن الزهري / ولد في :22 / توفي في :94 | ثقة إمام مكثر |
مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو | محمد بن عمرو الليثي / توفي في :145 | صدوق له أوهام |
عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ | عباد بن العوام الكلابي / ولد في :118 / توفي في :187 | ثقة |
أَبُو هَمَّامٍ | الوليد بن شجاع السكوني / توفي في :243 | ثقة |
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْبَزَّازُ | إبراهيم بن موسى البزار | مجهول |
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نُعْمَانَ | محمد بن إبراهيم الصرفندي | مجهول الحال |
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ | القاسم بن أصبغ البياني / ولد في :252 / توفي في :345 | ثقة حافظ ثبت |
أَبِي قَاسِمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ | القاسم بن محمد القرطبي / ولد في :317 / توفي في :388 | صدوق حسن الحديث |
أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ | أحمد بن قاسم البياني | ثقة |