تفسير

رقم الحديث : 1605

كَمَا نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الْأَعْرَجِ مَرْزُوقِيٌّ ثِقَةٌ ، نا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ ، نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : " إنَّمَا سَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ أُولَئِكَ الْعُرَنِيِّينَ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ " . وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدْنَا أَنَّهُمْ قَتَلُوا الرِّعَاءَ ، فَصَحَّ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ أُولَئِكَ الْعُرَنِيِّينَ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِمْ حُقُوقٌ : مِنْهَا الْمُحَارَبَةُ ، وَمِنْهَا سَمْلُهُمْ أَعْيُنَ الرِّعَاءِ ، وَقَتْلُهُمْ إيَّاهُمْ ، وَمِنْهَا الرِّدَّةُ فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ إقَامَةُ كُلِّ ذَلِكَ ، إذْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْحُدُودِ أَوْجَبَ بِالْإِقَامَةِ عَلَيْهِمْ مِنْ سَائِرِهَا ، وَمَنْ أَسْقَطَ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ فَقَدْ أَخْطَأَ ، وَحَكَمَ بِالْبَاطِلِ ، وَقَالَ بِلَا بُرْهَانٍ ، وَخَالَفَ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَكَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقِصَاصِ فِي الْعُدْوَانِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ فِي الْمُحَارَبَةِ ، فَقَطَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُحَارَبَةِ ، وَسَمَلَهُمْ لِلْقِصَاصِ ، وَتَرَكَهُمْ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتُوا ، يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ حَتَّى مَاتُوا لِأَنَّهُمْ كَذَلِكَ قَتَلُوا هُمُ الرِّعَاءَ فَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا . وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي الزِّنَادِ فَمُرْسَلٌ ، وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ ، وَلَفْظُهُ مُنْكَرٌ جِدًّا لِأَنَّ فِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاتَبَهُ رَبُّهُ فِي آيَةِ الْمُحَارَبَةِ ، وَمَا يُسْمَعُ فِيهَا عِتَابٌ أَصْلًا لِأَنَّ لَفْظَ " الْعِتَابِ " إنَّمَا هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى : عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ سورة التوبة آية 43 . وَمِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى عَبَسَ وَتَوَلَّى { 1 } أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى { 2 } سورة عبس آية 1-2 الْآيَاتِ . وَمِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ سورة الأنفال آية 68 وَأَمَّا حَدِيثُ الْمُحَارَبَةِ ، فَلَيْسَ فِيهَا أَثَرٌ لِلْمُعَاتَبَةِ . وَأَمَّا حَدِيثُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُثْلَةِ فَحَقٌّ ، وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فِي وِرْدٍ وَلَا صَدْرٍ وَإِنَّمَا يَحْتَجُّ بِمِثْلِ هَذَا مَنْ يَسْتَسْهِلُ الْكَذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَثَّلَ بِالْعُرَنِيِّينَ ، وَحَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا ، بَلْ هَذَا نَصْرٌ لِمَذْهَبِهِمْ فِي أَنَّ مَنْ قُتِلَ بِشَيْءٍ مَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقْتَلَ بِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ وَهُمْ يَرَوْنَ عَلَى مَنْ جَدَعَ أَنْفَ إنْسَانٍ وَفَقَأَ عَيْنَيْ آخَرَ ، وَقَطَعَ شَفَتَيْ ثَالِثٍ ، وَقَلَعَ أَضْرَاسَ رَابِعٍ ، وَقَطَعَ أُذُنَيْ خَامِسٍ : أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ كُلُّهُ ، وَيُتْرَكَ ، فَهَلْ فِي الْمُثْلَةِ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا لَوْ عَقَلُوا عَنْ أُصُولِهِمْ الْفَاسِدَةِ ؟ وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ، أَوْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُثْلَةً ، إنَّمَا الْمُثْلَةُ مَا كَانَ ابْتِدَاءً فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ ، وَأَمَّا مَا كَانَ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا كَالرَّجْمِ لِلْمُحْصَنِ ، وَكَالْقَطْعِ أَوِ الصَّلْبِ لِلْمُحَارِبِ ، فَلَيْسَ مُثْلَةً وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

صحابي

سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ

ثقة

يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ

ثقة ثبت

يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ

ثقة

الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الْأَعْرَجِ مَرْزُوقِيٌّ

ثقة

أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ

ثقة ثبت حافظ

مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ

ثقة

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.