تفسير

رقم الحديث : 344

وَبِهِ إِلَى وَبِهِ إِلَى مُسْلِمٍ : حدثنا أَبُو كُرَيْبٍ ، وَإِِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، وَمِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قال : سمعت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا " يَعْنِي : الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ نَصًّا . قال عَلِيٌّ : فَإِِذَا هَذَا كَذَلِكَ فَظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنَى مَنْ أَخَّرَ صَلَاةً لَا يَحِلُّ تَأْخِيرُهَا إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعَصْرِ بِلَا شَكٍّ لَكِنْ فِي الظُّهْرِ الْمُتَعَيِّنُ تَحْرِيمُ تَأْخِيرِهَا إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا أَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَّ التَّفْرِيطَ فِي الْيَقَظَةِ : أَنْ تُؤَخَّرَ صَلَاةٌ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى ؟ . فَإِِنْ قَالُوا فِي خَبَرِ أَنَسٍ جَلَسَ يَرْقُبُ وَقْتَ الْعَصْرِ . قُلْنَا : نَعَمْ ، وَإِِذَا أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ رَاقِبًا لِلْعَصْرِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا أَيْضًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ! وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَحُجَّةٌ لَنَا عَلَيْهِمْ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِيَقِينٍ إِلَّا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ تُؤَخَّرُ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ بِقَوْلِهِ : يُطِيلُونَ الْخُطْبَةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ . وَأَيْضًا فَإِِنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجَازَ التَّطَوُّعَ مَعَهُمْ إِذَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ نَفْسِهِ فَصَحَّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ مُوَافِقٌ لَنَا فِي هَذَا ؟ . وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ فَكَذَلِكَ أَيْضًا ، وَهُوَ خَبَرٌ مُوَافِقٌ لَنَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ . لِأَنَّهُ نَصُّهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال : " يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا " . وَقَدْ صَحَّ أَنَّ مَا لَمْ تَغْرُبِ الشَّمْسُ فَهُوَ وَقْتٌ لِلدُّخُولِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ ، وَمَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ فَهُوَ وَقْتٌ لِلدُّخُولِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِجَمِيعِ الْآثَارِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ؟ ! . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : لَعَلَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ : فَخَطَأٌ لِأَنَّ لَعَلَّ لَا حُكْمَ لَهَا ، وَإِِنَّمَا هِيَ ظَنٌّ ؟ . وَأَيْضًا فَالْبُرْهَانُ قَدْ صَحَّ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ : " مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً " مُتَأَخِّرٌ عَنْ أَخْبَارِ النَّهْيِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ هُوَ رَوَى " مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً " وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الصُّحْبَةِ وَرَوَى أَخْبَارَ النَّهْيِ : عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، وَعُمَرُ بْنُ عَبَسَةَ وَإِِسْلَامُهُمَا قَدِيمٌ ؟ . وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَقْدَحُ فِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ تَأَخُّرُهُ وَلَا تَقَدُّمُهُ ، إِذَا أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُمَا وَضَمُّ أَحَدِهِمَا إِلَى الْآخَرِ فَالْوَاجِبُ الْأَخْذُ بِجَمِيعِهَا كَمَا قَدَّمْنَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إِنَّنَا قَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى تَغْلِيبِ خَبَرِ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيِ الْفِطْرِ ، وَالنَّحْرِ ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، عَلَى أَحَادِيثِ الْأَمْرِ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ ، وَالنَّذْرِ ، وَالْكَفَّارَاتِ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ نُغَلِّبَ أَخْبَارَ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى أَحَادِيثِ الْأَمْرِ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ الْمَنْسِيَّةِ وَالْمَنُومِ عَنْهَا وَالنَّذْرِ وَسَائِرِ مَا أَمَرَ بِهِ مِنَ التَّطَوُّعِ : فَهَذَا قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ ؟ . وَلَعَلَّ هَذَا يَلْزَمُ مَنْ قال بِالْقِيَاسِ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ ، إِلَّا أَنَّهُمْ أَيْضًا يُعَارِضُونَ الْحَنَفِيِّينَ فِي هَذَا الْقِيَاسِ ، بِأَنْ يَقُولُوا لَهُمْ : أَنْتُمْ أَوَّلُ مَنْ نَقَضَ هَذَا الْقِيَاسَ ، وَلَمْ يَطْرُدْهُ فَأَجَزْتُمْ صَلَاةَ عَصْرِ الْيَوْمِ فِي الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ . وَلَمْ تَقِيسُوا عَلَيْهِ الصُّبْحَ ، وَلَا قِسْتُمُوهَا عَلَى الصُّبْحِ . ثُمَّ زِدْتُمْ إِبْطَالًا لِهَذَا الْقِيَاسِ : فَجَعَلْتُمْ بَعْضَ الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ جُمْلَةً يُقْضَى فِيهِ الْفَرْضُ وَيُسْجَدُ فِيهِ لِلتِّلَاوَةِ وَيُصَلَّى فِيهِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَلَا يُصَلَّى فِيهِ صَلَاةً مَنْذُورَةً ، وَجَعَلْتُمْ بَعْضَهُ لَا يُصَلَّى فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ، فَلَمْ تَقِيسُوا صَلَاةً فِي بَعْضِ الْوَقْتِ عَلَى صَلَاةٍ فِي سَائِرِهِ ؟ وَكَانَ هَذَا أَصَحَّ فِي الْقِيَاسِ وَأَوْلَى مِنْ قِيَاسِ حُكْمِ صَلَاةٍ عَلَى صَوْمٍ ؟ . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَنَا : لِمَ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَالنَّهْيَيْنِ ؟ . فَجَوَابُنَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : أَنَّنَا فَعَلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ النُّصُوصَ جَاءَتْ مُثْبِتَةً لِتَغْلِيبِ أَحَادِيثِ الْأَمْرِ بِالصَّلَوَاتِ جُمْلَةً عَلَى أَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ ، وَبَعْضُهَا مُتَأَخِّرٌ نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ ، وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ أَصْلًا بِتَغْلِيبِ الْأَمْرِ بِالصَّوْمِ عَلَى أَحَادِيثِ النَّهْيِ بَلْ صَحَّ الْإِِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ عَلَى وُجُوبِ تَغْلِيبِ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ ، وَالنَّحْرِ عَلَى أَحَادِيثِ إِيجَابِ الْقَضَاءِ ، وَالنُّذُورِ ، وَالْكَفَّارَاتِ ، وَكَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ : إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ مُوجِبًا لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِيهَا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُصَامَ بِغَيْرِ نَصٍّ جَلِيٍّ فِيهَا بِخِلَافِ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ فَسَقَطَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ؟ . وَأَمَّا جَوَازُ ابْتِدَاءِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ ، وَجَوَازُ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْفَجْرِ مَا لَمْ تُصَلَّ صَلَاةُ الْفَجْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ؟ . فَلِمَا .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِيهِ

صحابي

أَبَا بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ

صدوق حسن الحديث

وَمِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ

ثقة ثبت

إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ

ثقة ثبت

وَكِيعٍ

ثقة حافظ إمام

وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ

ثقة حافظ صاحب تصانيف

وَإِِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

ثقة حافظ إمام

أَبُو كُرَيْبٍ

ثقة حافظ

مُسْلِمٍ

ثقة حافظ إمام

Whoops, looks like something went wrong.