حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي دُلَيْمٍ ، ثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : " كُنَّا نَسْتَحِبُّ أَنْ نَأْخُذَ مِنْ مَاءِ الْغَدِيرِ وَنَغْتَسِلَ بِهِ فِي نَاحِيَةٍ " . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُنُبَ عَنْ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ جُمْلَةُ فَوَجَبَ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنِ اغْتَسَلَ وَهُوَ جُنُبٌ فِي مَاءٍ دَائِمٍ ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى إِنْ كَانَ عَالِمًا بِالنَّهْيِ ، وَلا يُجْزِيهِ لِأَيِّ غُسْلٍ نَوَاهُ ، لِأَنَّهُ خَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُمْلَةً . وَهَذَا الْحَدِيثُ أَعَمُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَجْلانَ عَنْ أَبِيهِ ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ إِلا حَدِيثُ ابْنِ عَجْلانَ لَأَجْزَأَ الْجُنُبَ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ لِغَيْرِ الْجَنَابَةِ ، لَكِنَّ الْعُمُومَ وَزِيَادَةَ الْعَدْلِ لا يَحِلُّ خِلافَهَا . وَمِمَّنْ رَأَى أَنَّ اغْتِسَالَ الْجُنُبِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ لا يُجْزِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ ، إِلا أَنَّهُ عَمَّ بِذَلِكَ كُلَّ غُسْلٍ وَكُلَّ وُضُوءٍ ، وَخَصَّ بِذَلِكَ مَا كَانَ دُونَ الْغَدِيرِ الَّذِي إِذَا حُرِّكَ طَرْفُهُ لَمْ يَتَحَرَّكِ الآخَرُ ، وَرَأَى الْمَاءَ يَفْسُدُ بِذَلِكَ ، فَكَانَ مَا زَادَ بِذَلِكَ عَلَى أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُمُومِ كُلِّ غُسْلٍ خَطَأً ، وَمِنْ تَنْجِيسِ الْمَاءِ وَكَانَ مَا نَقَصَ بِذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنْ تَخْصِيصِهِ بَعْضَ الْمِيَاهِ الرَّوَاكِدِ دُونَ بَعْضٍ خَطَأٌ ، وَكَانَ مَا وَافَقَ فِيهِ أَمْرَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ صَوَابًا ، وَقَالَهُ أَيْضًا الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ ، إِلا أَنَّهُ خَصَّ بِهِ مَا دُونَ الْكُرِّ مِنَ الْمَاءِ ، فَكَانَ هَذَا التَّخْصِيصُ خَطَأً . وَقَالَ بِهِ أَيْضًا الشَّافِعِيِّ ، إِلا أَنَّهُ خَصَّ بِهِ مَا دُونَ خَمْسِ مِائَةِ رِطْلٍ ، فَكَانَ هَذَا التَّخْصِيصُ خَطَأً ، وَعَمَّ بِهِ كُلَّ غُسْلٍ ، فَكَانَ هَذَا الَّذِي زَادَهُ خَطَأٌ ، وَرَأَى الْمَاءَ لا يَفْسُدُ ، فَأَصَابَ ، وَكَرِهَ مَالِكٌ ذَلِكَ . وَأَجَازَهُ إِذَا وَقَعَ ، فَكَانَ هَذَا مِنْهُ خَطَأٌ ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ " وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يُجْزِئَ غُسْلٌ نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلٍ أَمَرَ بِهِ ، أَبَى اللَّهُ أَنْ تَنُوبَ الْمَعْصِيَةُ عَنِ الطَّاعَةِ وَأَنْ يُجْزِئَ الْحَرَامُ مَكَانَ الْفَرْضِ . وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَمَا نَعْلَمُ لَهُمَا فِي ذَلِكَ مُخَالِفًا مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ . قَالَ عَلِيٌّ : فَلَوْ غَسَلَ الْجُنُبُ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ لَمْ يَجْزِهِ ، وَلَوْ أَنَّهُ شَعْرَةً وَاحِدَةً ، لِأَنَّ بَعْضَ الْغُسْلِ غُسْلٌ ، وَلَمْ يَنْهَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنْ أَنْ يَغْتَسِلَ غَيْرُ الْجُنُبِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى { 3 } إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى { 4 } سورة النجم آية 3-4 وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا سورة مريم آية 64 فَصَحَّ أَنَّ غَيْرَ الْجُنُبِ يُجْزِيهِ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ لِكُلِّ غُسْلٍ وَاجِبٍ أَوْ غَيْرِ وَاجِبٍ ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
جَابِرٍ | جابر بن عبد الله الأنصاري | صحابي |
أَبِي الزُّبَيْرِ | محمد بن مسلم القرشي / ولد في :42 / توفي في :126 | صدوق إلا أنه يدلس |
ابْنِ أَبِي لَيْلَى | محمد بن عبد الرحمن الأنصاري / توفي في :148 | ضعيف الحديث |
عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ | علي بن هاشم البريدي / توفي في :180 | صدوق يتشيع |
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ | ابن أبي شيبة العبسي / توفي في :235 | ثقة حافظ صاحب تصانيف |