صفة الغسل الواجب في كل ما ذكرنا


تفسير

رقم الحديث : 238

حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعِيدِ الْخَيْرِ ، ثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِي ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّجِيرَمِيُّ ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الأَصْبَهَانِيُّ ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، كلهم عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، قَالَ : أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ ، فَقُلْتُ : إِنَّهُ حَكَّ فِي نَفْسِي مِنَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ شَيْءٌ ، فَهَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا ؟ فَقَالَ : " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَمَرَنَا أَنْ نَمْسَحَ عَلَيْهِمَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ " . وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ . وَهَذَا نَقْلُ تَوَاتُرٍ يُوجِبُ الْعِلْمَ ، فَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ الْمَسْحَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى مَنْ أَدْخَلَ الرِّجْلَيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ . وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ الْمَسْحُ فِي الْحَضَرِ ، وَفِي حَدِيثِ هُزَيْلٍ عَنِ المُغِيرَةِ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ . وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عُمُومُ الْمَسْحِ عَلَى كُلِّ مَا لُبِسَ فِي الرِّجْلَيْنِ يَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ وَثَلاثًا لِلْمُسَافِرِ ، وَأَنْ لا يَخْلَعَ إِلا لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ فِي حَدِيثِ صَفْوَانَ . وَأَمَّا قَوْلُنَا : إِنَّهُ إِذَا انْقَضَى أَحَدُ الأَمَدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ صَلَّى الْمَاسِحُ بِذَلِكَ الْمَسْحِ مَا لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ ، وَلا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ إِلا حَتَّى يَنْزِعَهُمَا وَيَتَوَضَّأَ ، فَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَمْسَحَ إِنْ كَانَ مُسَافِرًا ثَلاثًا فَقَطْ ، وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا يَوْمًا وَلَيْلَةً فَقَطْ ، وَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالصَّلاةِ بِذَلِكَ الْمَسْحِ ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنِ الصَّلاةِ بِهِ بَعْدَ أَمَدِهِ الْمُؤَقَّتِ لَهُ ، وَإِنَّمَا نَهَاهُ عَنِ المَسْحِ فَقَطْ ، وَهَذَا نَصُّ الْخَبَرِ فِي ذَلِكَ . وَمِمَّنْ قَالَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ ، كَمَا رُوِّينَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنِ الزِّبْرِقَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْدِيِّ ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي حَيَّةَ ، وَالأَعْمَشِ ، قَالَ الزِّبْرِقَانُ : عَنْ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : " رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَالَ فَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ " وَقَالَ يَحْيَى : عَنْ أَبِي الْجُلاسِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : " أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ " ، وَقَالَ الأَعْمَشُ : عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضِرَارٍ ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ : عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " رَأَيْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَمْسَحُ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ " وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ : عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ : " أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ " وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : " رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَتَى الْخَلاءَ ثُمَّ خَرَجَ وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ بَيْضَاءُ مَزْرُورَةٌ ، فَمَسَحَ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ وَعَلَى جَوْرَبَيْنِ لَهُ مِنْ خَزٍّ عَرَبِيٍّ أَسْوَدَ ثُمَّ صَلَّى " وَمِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَدٍ : عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، حَدَّثَنِي عَاصِمٌ الأَحْوَلُ ، قَالَ : " رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ " . وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالا جَمِيعًا : " كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ " وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ : " أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ " وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ خِلاسِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : " بَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمَ جُمُعَةٍ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ وَصَلَّى بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ " وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَبِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ : " أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْنِ لَهُ مِنْ شَعْرٍ " وَعَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ، يَقُولُ : " الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ " ، وَعَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : " الْجَوْرَبَانِ بِمَنْزِلَةِ الْخُفَّيْنِ فِي الْمَسْحِ " ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قُلْتُ لِعَطَاءٍ : " نَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، امْسَحُوا عَلَيْهِمَا مِثْلَ الْخُفَّيْنِ " ، وَعَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ : " أَنَّهُ كَانَ لا يَرَى بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ بَأْسًا " ، وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ ، قَالَ : " سَمِعْتُ الأَعْمَشَ سُئِلَ عَنِ الجَوْرَبَيْنِ أَيَمْسَحُ عَلَيْهِمَا مَنْ بَاتَ فِيهِمَا ؟ قَالَ : نَعَمْ " . وَعَنْ قَتَادَةَ عَنِ الحَسَنِ وَخِلاسِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُمَا كَانَا يَرَيَانِ الْجَوْرَبَيْنِ فِي الْمَسْحِ بِمَنْزِلَةِ الْخُفَّيْنِ . وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، وَعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ . وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ فَهُمْ عُمَرُ ، وَعَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهُ بْنُ عَمْرٍو ، وَأَبُو مَسْعُودٍ ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، وَأَبُو أُمَامَةَ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ ، وَسَعْدٌ ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ ، وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ ، لا يُعْرَفُ لَهُمْ مِمَّنْ يُجِيزُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مُخَالِفٌ . وَمِنَ التَّابِعِينَ : سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالأَعْمَشُ وَخِلاسُ بْنُ عَمْرٍو وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِمْ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لا يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ ، وَقَالَ مَالِكٌ : لا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا إِلا أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَهُمَا قَدْ خُرِزَ عَلَيْهِ جِلْدٌ ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ : لا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا إِلا أَنْ يَكُونَا مُجَلَّدَيْنِ . قَالَ عَلِيٌّ : اشْتِرَاطُ التَّجْلِيدِ خَطَأٌ لا مَعْنَى لَهُ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ وَلا سُنَّةٌ وَلا قِيَاسٌ وَلا صَاحِبٌ ، وَالْمَنْعُ مِنَ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ خَطَأٌ لِأَنَّهُ خِلافُ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَخِلافُ الْآثَارِ ، وَلَمْ يَخُصَّ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا خُفَّيْنِ مِنْ غَيْرِهِمَا . وَالْعَجَبُ أَنَّ الْحَنَفِيِّينَ وَالْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ يُشَنِّعُونَ وَيُعَظِّمُونَ مُخَالَفَةَ الصَّاحِبِ إِذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ ! وَهُمْ قَدْ خَالَفُوا هَهُنَا أَحَدَ عَشَرَ صَاحِبًا ، لا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ يُجِيزُ الْمَسْحَ ، فِيهِمْ عُمَرُ وَابْنُهُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَخَالَفُوا أَيْضًا مَنْ لا يُجِيزُ الْمَسْحَ مِنَ الصَّحَابَةِ ، فَحَصَلُوا عَلَى خِلافِ كُلِّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمسألة شَيْءٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَخَالَفُوا السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقِيَاسَ بِلا مَعْنًى . وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِالتَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ : فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ وَابْنِ الْمُبَارَكِ : عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، قَالَ : " شَهِدْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اخْتَلَفَا فِي الْمَسْحِ ، فَمَسَحَ سَعْدٌ وَلَمْ يَمْسَحِ ابْنُ عُمَرَ ، فَسَأَلُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَأَنَا شَاهِدٌ ، فَقَالَ عُمَرُ : امْسَحْ يَوْمَكَ وَلَيْلَتَكَ إِلَى الْغَدِ سَاعَتَكَ " . وَعَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ ، سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ ، قَالَ : بَعَثَنَا نُبَاتَةُ الْجُعْفِيُّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْأَلُهُ عَنِ المَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، قَالَ : فَسَأَلَهُ ، فَقَالَ عُمَرُ : " لِلْمُسَافِرِ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ " وَهَذَانِ إِسْنَادَانِ لا نَظِيرَ لَهُمَا فِي الصِّحَّةِ وَالْجَلالَةِ . وَقَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَزَيْدِ بْنِ الصَّلْتِ : كِلاهُمَا عَنْ عُمَرَ . وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ : عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : " ثَلاثَةُ أَيَّامٍ لِمُسَافِرٍ وَيَوْمٌ لِلْمُقِيمِ يَعْنِي فِي الْمَسْحِ " وَرُوِّينَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَهَذَا أَيْضًا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ . وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ : عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ الْحَارِثِيِّ : سَأَلْتُ عَلِيًّا عَنِ المَسْحِ ، فَقَالَ : " لِلْمُسَافِرِ ثَلاثًا وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً " . وَعَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ المَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، فَقَالَ : " ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ " وَهَذَا إِسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ . وَعَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " صَارَتْ سُنَّةً لِلْمُسَافِرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً فِي الْمَسْحِ " . وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ قَطَنٍ ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ وَالْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً " وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ ، وَيَحْيَى بْنِ رَبِيعَةَ ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : أَخْبَرَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ شُرَيْحٍ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ شَرِيكًا الْقَاضِيَ ، كَانَ يَقُولُ : " لِلْمُقِيمِ يَوْمٌ إِلَى اللَّيْلِ وَلِلْمُسَافِرِ ثَلاثٌ " ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي رَاشِدٍ : أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : " كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَهْلِ الْمِصِّيصَةِ : أَنِ اخْلَعُوا الْخِفَافَ فِي كُلِّ ثَلاثٍ " ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ رَبِيعَةَ : سَأَلْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ المَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، فَقَالَ : " ثَلاثٌ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمٌ لِلْمُقِيمِ " ، وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنِ الشَّعْبِيِّ . وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالأَوْزَاعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِمْ ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَجُمْلَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ . وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَالرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ مُخْتَلِفَةٌ ، فَالأَظْهَرُ عَنْهُ كَرَاهَةُ الْمَسْحِ لِلْمُقِيمِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ إِجَازَةُ الْمَسْحِ لِلْمُقِيمِ ، وَأَنَّهُ لا يَرَى التَّوْقِيتَ لا لِلْمُقِيمِ وَلا لِلْمُسَافِرِ وَأَنَّهُمَا يَمْسَحَانِ أَبَدًا مَا لَمْ يَجْنُبَا . وَتَعَلَّقَ مُقَلِّدُوهُ فِي ذَلِكَ بِأَخْبَارٍ سَاقِطَةٍ لا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ ، أَرْفَعُهَا مِنْ طَرِيقِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ ، رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ صَاحِبُ رَايَةِ الْكَافِرِ الْمُخْتَارِ ، وَلا يُعْتَمَدُ عَلَى رِوَايَتِهِ ، ثُمّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ الْمَسْحَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثٍ ، وَلَكِنْ فِي آخِرِ الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي : وَلَوْ تَمَادَى السَّائِلُ لَزَادَنَا . وَهَذَا ظَنٌّ وَغَيْبٌ لا يَحِلُّ الْقَطْعُ بِهِ فِي أَخْبَارِ النَّاسِ ، فَكَيْفَ فِي الدِّينِ إِلا أَنَّهُ صَحَّ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ السَّائِلَ لَمْ يَتَمَادَ فَلَمْ يَزِدْهُمْ شَيْئًا ، فَصَارَ هَذَا الْخَبَرُ لَوْ صَحَّ حُجَّةً لَنَا عَلَيْهِمْ ، وَمُبْطِلا لِقَوْلِهِمْ ، وَمُبَيِّنًا لِتَوْقِيتِ الثَّلاثَةِ أَيَّامٍ فِي السَّفَرِ وَالْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فِي الْحَضَرِ . وَآخَرُ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ ، رَوَاهُ أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، وَأَسَدٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ ، وَلَمْ يَرْوِ هَذَا الْخَبَرَ أَحَدٌ مِنْ ثِقَاتِ أَصْحَابِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ . وَآخَرُ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ مُنْقَطِعٌ ، لَيْسَ فِيهِ إِلا : " إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيُصَلِّ فِيهِمَا وَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَخْلَعْهُمَا إِلا مِنْ جَنَابَةٍ " . ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَتْ أَحَادِيثُ التَّوْقِيتِ زَائِدَةً عَلَيْهِ ، وَالزِّيَادَةُ لا يَحِلُّ تَرْكُهَا . وَآخَرُ مِنْ طَرِيقِ أُبَيِّ بْنِ عُمَارَةَ ، فِيهِ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْكُوفِيُّ وَأُخَرُ مَجْهُولُونَ وَآخَرُ فِيهِ : قَالَ عُمَرُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ : قَرَأْتُ فِي كِتَابٍ لِعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مَعَ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ " سَأَلْتُ مَيْمُونَةَ عَنِ المَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، فَقَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَكُلَّ سَاعَةٍ يَمْسَحُ الإِنْسَانُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَلا يَنْزِعُهُمَا ؟ قَالَ : نَعَمْ " . قَالَ عَلِيٌّ : هَذَا لا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ لَمْ يَذْكُرْ لِعُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ هُوَ السَّائِلُ مَيْمُونَةَ ، وَلَعَلَّ السَّائِلَ غَيْرُهُ ، وَلا يَجُوزُ الْقَطْعُ فِي الدِّينِ بِالشَّكِّ ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لَهُمْ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلا إِبَاحَةُ الْمَسْحِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ ، وَهَكَذَا نَقُولُ : إِذَا أَتَى بِشُرُوطِ الْمَسْحِ مِنْ إِتْمَامِ الْوُضُوءِ وَلِبَاسِهِمَا عَلَى طَهَارَةٍ وَإِتْمَامِ الْوَقْتِ الْمَحْدُودِ وَخَلْعِهِمَا لِلْجَنَابَةِ ، وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ مَذْكُورًا مِنْهُ شَيْءٌ فِي هَذَا الْخَبَرِ ، فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ ، وَذَكَرُوا آثَارًا عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لا تَصِحُّ . مِنْهَا : أَثَرٌ عَنْ أَسَدِ بْنِ مُوسَى ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ زُبَيْدِ بْنِ الصَّلْتِ ، سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، يَقُولُ : " إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا مَا لَمْ يَخْلَعْهُمَا إِلا مِنْ جَنَابَةٍ " . وَهَذَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ أَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ ، وَأَسَدٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ لا يُحْتَجُّ بِهِ ، وَقَدْ أَحَالَهُ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ هُوَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ : عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ زُبَيْدَ بْنَ الصَّلْتِ ، سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، يَقُولُ : " إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَأَدْخَلَ خُفَّيْهِ فِي رِجْلَيْهِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا إِنْ شَاءَ وَلا يَخْلَعْهُمَا إِلا مِنْ جَنَابَةٍ " وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ " مَا لَمْ يَخْلَعْهُمَا " كَمَا رَوَى أَسَدٌ ، وَالثَّابِتُ عَنْ عُمَرَ فِي التَّوْقِيتِ بِرِوَايَةِ نَبَاتَةَ الْجُعْفِيِّ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، وَهُمَا مِنْ أَوْثَقِ التَّابِعِينَ هُوَ الزَّائِدُ عَلَى مَا فِي هَذَا الْخَبَرِ . وَآخَرُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ : عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ لا يَجْعَلُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقْتًا " ، وَهَذَا مُنْقَطِعٌ ، لِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يُدْرِكْ أَحَدًا أَدْرَكَ عُمَرَ ، فَكَيْفَ عُمَرُ . وَآخَرُ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ شِنْظِيرٍ : عَنِ الحَسَنِ : " سَافَرْنَا مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانُوا يَمْسَحُونَ عَلَى خِفَافِهِمْ مِنْ غَيْرِ وَقْتٍ وَلا عُذْرٍ " ، وَكَثِيرٌ ضَعِيفٌ جِدًّا . وَخَبَرٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ : أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَشُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ بَعَثَاهُ بَرِيدًا إِلَى أَبِي بَكْرٍ بِرَأْسِ سَانٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَفِيهِ : " ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُقْبَةَ ، وَقَالَ : مُذْ كَمْ لَمْ تَنْزِعْ خُفَّيْكَ ؟ قَالَ : مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ ، قَالَ أَصَبْتَ " . وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَرَّةً ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ ، عَنْ عُقْبَةَ . قَالَ عَلِيٌّ : هَذَا أَقْرَبُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَغْلَطَ فِيهِ مَنْ لا يَعْرِفُ الْحَدِيثَ ، وَهَذَا خَبَرٌ مَعْلُولٌ ، لِأَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ وَلا مِنْ أَبِي الْخَيْرِ ، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ الْبَلَوِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ . وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ مَجْهُولٌ ، هَكَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ : عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، كِلاهُمَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ رَبَاحٍ اللَّخْمِيَّ يُخْبِرُ ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ ، قَالَ : " قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بِفَتْحِ الشَّامِ وَعَلَيَّ خُفَّانِ لِي جُرْمُوقَانِ غَلِيظَانِ ، فَقَالَ لِي عُمَرُ : كَمْ لَكَ مُذْ لَمْ تَنْزِعْهُمَا ؟ قُلْتُ : لَبِسْتُهُمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْيَوْمُ الْجُمُعَةُ ، قَالَ : أَصَبْتَ " . قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : وَسَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ الْحُبَابِ يَذْكُرُ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّهُ قَالَ : " لَوْ لَبِسْتُ الْخُفَّيْنِ وَرِجْلايَ طَاهِرَتَانِ وَأَنَا عَلَى وُضُوءٍ ، لَمْ أُبَالِ أَنْ لا أَنْزِعَهُمَا حَتَّى أَبْلُغَ الْعِرَاقَ " . قَالَ عَلِيٌّ : فَهَكَذَا هُوَ الْحَدِيثُ ، فَسَقَطَ جُمْلَةً وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ لَمْ يَلْقَ أَحَدًا رَأَى عُمَرُ فَكَيْفَ عُمَرُ . وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا هَذَا الْخَبَرُ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ : عَنْ عِيَاضٍ الْقُرَشِيِّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ عُقْبَةَ ، وَهَذَا أَسْقَطُ وَأَخْبَثُ ، لِأَنَّ يَزِيدَ لَمْ يُدْرِكْ عُقْبَةَ وَفِيهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ ، فَبَطَلَ كُلُّ مَا جَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ . وَلا يَصِحُّ خِلافُ التَّوْقِيتِ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلا عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَقَطْ ، فَإِنَّنَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ : عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : " أَنَّهُ كَانَ لا يُوَقِّتُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ شَيْئًا " . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا لا حُجَّةَ فِيهِ ، لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ الْمَسْحُ وَلا عَرَفَهُ ، بَلْ أَنْكَرَهُ حَتَّى أَعْلَمَهُ بِهِ سَعْدٌ بِالْكُوفَةِ ، ثُمَّ أَبُوهُ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَتِهِ ، فَلَمْ يَكُنْ فِي عِلْمِ الْمَسْحِ كَغَيْرِهِ ، وَعَلَى ذَلِكَ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ التَّوْقِيتُ . رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : " أَيْنَ السَّائِلُونَ عَنِ المَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ؟ لِلْمُسَافِرِ ثَلاثًا وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً " . ثُمَّ لَوْ صَحَّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُقْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَا ذَكَرْنَا ، وَكَانَ قَدْ خَالَفَ ذَلِكَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُمَا ، لَوَجَبَ عِنْدَ التَّنَازُعِ الرَّدُّ إِلَى بَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَيَانُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَدْ صَحَّ بِالتَّوْقِيتِ ، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ أَصْلا ، فَكَيْفَ وَلَمْ يَصِحَّ قَطُّ عَنْ عُمَرَ إِلا التَّوْقِيتُ . قَالَ عَلِيٌّ : فَإِذَا انْقَضَى الأَمَدَانِ الْمَذْكُورَانِ ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيَّ وَبَعْضَ أَصْحَابِنَا قَالُوا : يَخْلَعُهُمَا وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ وَلا بُدَّ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إِذَا قَعَدَ الإِنْسَانُ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فِي آخِرِ صَلاتِهِ ثُمَّ أَحْدَثَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا بِبَوْلٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ تَكَلَّمَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا فَقَدْ تَمَّتْ صَلاتُهُ ، وَلَيْسَ السَّلامُ مِنَ الصَّلاةِ فَرْضًا . قَالَ : فَإِنْ قَعَدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فِي آخِرِ صَلاتِهِ وَانْقَضَى وَقْتُ الْمَسْحِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ بَطَلَتْ صَلاتُهُ وَبَطَلَتْ طَهَارَتُهُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ ، وَفِي هَذَا مِنَ التَّنَاقُضِ وَالْخَطَأِ مَا لا يَحْتَاجُ مَعَهُ إِلا تَكْلِيفِ رَدٍّ عَلَيْهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى السَّلامَةِ . وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَرَّةً : يَبْتَدِئُ الْوُضُوءَ . وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَدَاوُدَ : يُصَلِّي مَا لَمْ تَنْتَقِضْ طَهَارَتُهُ بِحَدَثٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي لا يَجُوزُ غَيْرُهُ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَخْبَارِ أَنَّ الطَّهَارَةَ تَنْتَقِضُ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَلا عَنْ بَعْضِهَا بِانْقِضَاءِ وَقْتِ الْمَسْحِ ، وَإِنَّمَا نُهِيَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنْ أَنْ يَمْسَحَ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثٍ لِلْمُسَافِرِ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُقِيمِ . فَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَقَدْ أَقْحَمَ فِي الْخَبَرِ مَا لَيْسَ فِيهِ ، وَقَوَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَاهِمًا فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَامِدًا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ فَقَدْ أَتَى كَبِيرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ ، وَالطَّهَارَةُ لا يَنْقُضُهَا إِلا الْحَدَثُ ، وَهَذَا قَدْ صَحَّتْ طَهَارَتُهُ وَلَمْ يُحْدِثْ فَهُوَ طَاهِرٌ ، وَالطَّاهِرُ يُصَلِّي مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ مَا لَمْ يَأْتِ نَصٌّ جَلِيٌّ فِي أَنَّ طَهَارَتَهُ انْتَقَضَتْ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ ، وَهَذَا الَّذِي انْقَضَى وَقْتُ مَسْحِهِ لَمْ يُحْدِثْ وَلا جَاءَ نَصٌّ فِي أَنَّ طَهَارَتَهُ انْتَقَضَتْ لا عَنْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ وَلا عَنْ جَمِيعِهَا ، فَهُوَ طَاهِرٌ يُصَلِّي حَتَّى يُحْدِثَ ، فَيَخْلَعُ خُفَّيْهِ حِينَئِذٍ وَمَا عَلَى قَدَمَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْمَسْحَ تَوْقِيتًا آخَرَ ، وَهَكَذَا أَبَدًا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إِنَّ الطَّهَارَةَ تَنْتَقِضُ عَنْ قَدَمَيْهِ خَاصَّةً ، فَقَوْلٌ فَاسِدٌ لا دَلِيلَ عَلَيْهِ لا مِنْ سُنَّةٍ ، وَلا مِنْ قُرْآنٍ ، وَلا مِنْ خَبَرٍ وَاهٍ ، وَلا مِنْ إِجْمَاعٍ ، وَلا مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ ، وَلا مِنْ قِيَاسٍ ، وَلا رَأْيٍ سَدِيدٍ أَصْلا ، وَمَا عُلِمَ فِي الدِّينِ قَطُّ حَدَثٌ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ بَعْدَ تَمَامِهَا وَبَعْدَ جَوَازِ الصَّلاةِ بِهَا عَنْ بَعْضِ الأَعْضَاءِ دُونَ بَعْضٍ ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَأَمَّا تَقْسِيمُ أَبِي حَنِيفَةَ فَمَا رُوِيَ قَطُّ عَنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ قَبْلَهُ ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ . 213 - مسألة : وَيَبْدَأُ بَعْدَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ الْمُقِيمُ وَبَعْدَ الثَّلاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا الْمُسَافِرُ مِنْ حِينِ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ إِثْرَ حَدَثِهِ ، سَوَاءٌ مَسَحَ وَتَوَضَّأَ أَوْ لَمْ يَمْسَحْ وَلا تَوَضَّأَ ، عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا ، فَإِنْ أَحْدَثَ يَوْمَهُ بَعْدَ مَا مَضَى أَكْثَرُ هَذَيْنِ الأَمَدَيْنِ أَوْ أَقَلُّهُمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ بَاقِيَ الأَمَدَيْنِ فَقَطْ ، وَلَوْ مَسَحَ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَحَدِ الأَمَدَيْنِ بِدَقِيقَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ . قَالَ عَلِيٌّ : قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ : يَبْتَدِئُ بَعْدَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ مِنْ حِينِ يُحْدِثُ . وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : يَبْدَأُ بَعْدَهُمَا مِنْ حِينِ يَمْسَحُ ، وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ : " يَمْسَحُ لِخَمْسِ صَلَوَاتٍ فَقَطْ إِنْ كَانَ مُقِيمًا ، وَلا يَمْسَحُ لِأَكْثَرَ ، وَيَمْسَحُ لِخَمْسَ عَشْرَةَ صَلاةً فَقَطْ ، إِنْ كَانَ مُسَافِرًا ، وَلا يَمْسَحُ لِأَكْثَرَ " ، وَبِهِ يَقُولُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ . قَالَ عَلِيٌّ : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي هَذِهِ الأَقْوَالِ وَنَرُدَّهَا إِلَى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا أَنْ نَرُدَّهَا عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَعَلْنَا ، فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ : يَبْدَأُ بَعْدَ الْوَقْتَيْنِ مِنْ حِينِ يُحْدِثُ ، فَوَجَدْنَاهُ ظَاهِرَ الْفَسَادِ ، لِأَنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بِهِ تَعَلَّقُوا كُلُّهُمْ وَبِهِ أَخَذُوا أَوْ وَقَفُوا فِي أَخْذِهِمْ بِهِ إِنَّمَا جَاءَنَا بِالْمَسْحِ مُدَّةَ أَحَدِ الأَمَدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ ، وَهُمْ يُقِرُّونَ بِهَذَا ، وَمِنَ الْمُحَالِ الْبَاطِلِ أَنْ يَجُوزَ لَهُ الْمَسْحُ فِي الْوُضُوءِ فِي حَالِ الْحَدَثِ ، هَذَا مَا لا يَقُولُونَ بِهِ هُمْ وَلا غَيْرُهُمْ ، وَوَجَدْنَا بَعْضَ الأَحْدَاثِ قَدْ تَطُولُ جِدًّا السَّاعَةَ وَالسَّاعَتَيْنِ وَالأَكْثَرُ كَالْغَائِطِ . وَمِنْهَا مَا يَدُومُ أَقَلَّ كَالْبَوْلِ ، فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ بِيَقِينٍ لا شَكَّ فِيهِ وَهُوَ أَيْضًا مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْخَبَرِ ، وَلا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلا . ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ حَدَّ ذَلِكَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوِ الْخَمْسَ عَشْرَةَ ، فَوَجَدْنَاهُمْ لا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ إِلا مُرَاعَاةُ عَدَدِ الصَّلَوَاتِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَفِي الثَّلاثَةِ الأَيَّامِ بِلَيَالِيِهِنَّ وَهَذَا لا مَعْنَى لَهُ ، لِأَنَّهُ إِذَا مَسَحَ الْمَرْءُ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ إِلَى صَلاةِ الصُّبْحِ ثُمَّ لا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الضُّحَى بِالْمَسْحِ ، وَلا صَلاةَ بَعْدَهَا إِلَى الظُّهْرِ ، وَكَذَلِكَ مَنْ مَسَحَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ فِي آخِرِ وَقْتِهَا فَإِنَّهُ يَمْسَحُ إِلَى أَنْ يُصَلِّيَ الْعَتَمَةَ ، ثُمَّ لا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُوتِرَ وَلا أَنْ يَتَهَجَّدَ وَلا أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بِمَسْحٍ ، وَهَذَا خِلافٌ لِحُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَسَّحَ لِلْمُقِيمِ فِي مَسْحِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، وَهُمْ مَنَعُوهُ مِنَ الْمَسْحِ إِلا يَوْمًا وَبَعْضَ لَيْلَةٍ ، أَوْ لَيْلَةً وَأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ ، وَهَذَا خَطَأٌ بَيِّنٌ . وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُمْ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ نَامَ عَنْهُنَّ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَكَانَ قَدْ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ عَلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ نَامَ ، أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا ، فَإِذَا أَتَمَّهُنَّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْسَحَ بَعْدَهُنَّ بَاقِيَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ ، وَهَذَا خِلافُ الْخَبَرِ ، فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ بِمُخَالَفَتِهِ لِلْخَبَرِ وَتَعَرِّيهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِصِحَّتِهِ بُرْهَانٌ . ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ أَحْمَدَ فَوَجَدْنَاهُ يُلْزِمُهُ إِنْ كَانَ إِنْسَانٌ فَاسِقٌ قَدْ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ عَلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ بَقِيَ شَهْرًا لا يُصَلِّي عَامِدًا ثُمَّ تَابَ : أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ مِنْ حِينِ تَوْبَتِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ ثَلاثًا إِنْ كَانَ مُسَافِرًا . وَكَذَلِكَ إِنْ مَسَحَ يَوْمًا ثُمَّ تَعَمَّدَ تَرْكَ الصَّلاةِ أَيَّامًا فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ لَيْلَةً ، وَهَكَذَا فِي الْمُسَافِرِ ، فَعَلَى هَذَا يَتَمَادَى مَاسِحًا عَامًا وَأَكْثَرَ ، وَهَذَا خِلافُ نَصِّ الْخَبَرِ ، فَسَقَطَ أَيْضًا هَذَا الْقَوْلُ وَلَمْ يَبْقَ إِلا قَوْلُنَا . فَنَظَرْنَا فِيهِ فَوَجَدْنَاهُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي صَحَّ عَنْهُ وَمُوَافِقًا لِنَصِّ الْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ ، وَلَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِأَنْ يَمْسَحَ يَوْمًا وَلَيْلَةً ، فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ إِنْ شَاءَ ، وَأَنْ يَخْلَعَ مَا عَلَى رِجْلَيْهِ ، لا بُدَّ لَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا ، وَلا يُجْزِيهِ غَيْرُهُمَا ، وَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَاسِقٌ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَحَدِهِمَا ، فَإِنْ مَسَحَ فَلَهُ ذَلِكَ وَقَدْ أَحْسَنَ ، وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ، أَوْ أَخْطَأَ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَاسِيًا وَلا حَرَجَ عَلَيْهِ ، وَقَدْ مَضَى مِنَ الأَمَدِ الَّذِي وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدَّةٌ ، وَبَقِيَ بَاقِيهَا فَقَطْ ، وَهَكَذَا إِنْ تَعَمَّدَ أَوْ نَسِيَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ لِلْمُقِيمِ وَالثَّلاثَةُ الأَيَّامُ بِلَيَالِيِهِنَّ لِلْمُسَافِرِ ، فَقَدْ مَضَى الْوَقْتُ الَّذِي وَقَّتَهُ لَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمَسْحِ فِيهِ . فَلَوْ كَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً فَتَيَمَّمَ ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْهِ ، فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ ، لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ تَامَّةٌ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ ذَكَرَ التَّيَمُّمَ : وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ سورة المائدة آية 6 وَمَنْ جَازَتْ لَهُ الصَّلاةُ بِالتَّيَمُّمِ فَهُوَ طَاهِرٌ بِلا شَكٍّ ، وَإِذَا كَانَ طَاهِرًا كُلَّهُ ، فَقَدَمَاهُ طَاهِرَتَانِ بِلا شَكٍّ ، فَقَدْ أَدْخَلَ خُفَّيْهِ الْقَدَمَيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ ، فَجَائِزٌ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا الأَمَدَ الْمَذْكُورَ لِلْمُسَافِرِ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ إِلا بَعْدَ تَمَامِ الثَّلاثِ بِأَيَّامِهَا مِنْ حِينِ أَحْدَثَ بَعْدَ لِبَاسِ خُفَّيْهِ عَلَى طَهَارَةِ التَّيَمُّمِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَسْحُ ، لِأَنَّ الأَمَدَ قَدْ تَمَّ ، وَقَدْ كَانَ مُمْكِنًا لَهُ أَنْ يَمْسَحَ بِنُزُولِ مَطَرٍ أَوْ وُجُودِ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ . وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ إِلا بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الأَمَدِ الْمَذْكُورِ ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ إِلا بَاقِيَ الأَمَدِ فَقَطْ . قَالَ عَلِيٌّ : فَإِذَا تَمَّ حَدَثُهُ فَحِينَئِذٍ جَازَ لَهُ الْوُضُوءُ وَالْمَسْحُ وَلا يُبَالِي بِالاسْتِنْجَاءِ لِأَنَّ الاسْتِنْجَاءَ بَعْدَ الْوُضُوءِ جَائِزٌ ، وَلَيْسَ فَرْضُهُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْوُضُوءِ وَلا بُدَّ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ أَمْرٌ فِي قُرْآنٍ وَلا سُنَّةٍ ، وَإِنَّمَا هِيَ عَيْنٌ أُمِرْنَا بِإِزَالَتِهَا بِصِفَةٍ مَا لِلصَّلاةِ فَقَطْ ، فَمَتَى أُزِيلَتْ قَبْلَ الصَّلاةِ وَبَعْدَ الْوُضُوءِ أَوْ قَبْلَ الْوُضُوءِ ، فَقَدْ أَدَّى مُزِيلُهَا مَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ بَقَاءُ الْبَوْلِ فِي ظَاهِرِ الْخُرْتِ وَبَقَاءُ النَّجْوِ فِي ظَاهِرِ الْمَخْرَجِ حَدَثًا ، إِنَّمَا الْحَدَثُ خُرُوجُهُمَا مِنَ الْمَخْرَجَيْنِ فَقَطْ ، فَإِذَا ظَهَرَا فَإِنَّمَا خَبَثَانِ فِي الْجِلْدِ تَجِبُ إِزَالَتُهُمَا لِلصَّلاةِ فَقَطْ ، فَمِنْ حِينَئِذٍ يُعَدُّ ، سَوَاءٌ كَانَ وَقْتَ صَلاةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ ، لِأَنَّ التَّطَهُّرَ لِلصَّلاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا جَائِزٌ ، وَقَدْ يُصَلِّي بِذَلِكَ الْوُضُوءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ صَلاةً فَائِتَةً ، أَوْ رَكْعَتَيْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ ، فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا فَإِلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنَ الْغَدِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ نَهَارًا ، وَإِلَى مِثْلِهِ مِنَ اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ لَيْلا ، فَإِنِ انْقَضَى لَهُ الأَمَدُ الْمَذْكُورُ وَقَدْ مَسَحَ أَحَدَ خُفَّيْهِ وَلَمْ يَمْسَحْ شَيْئًا مِنَ الْآخَرِ بَطَلَ الْمَسْحُ ، وَلَزِمَهُ خَلْعُهُمَا وَغَسْلُهُمَا ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ لَهُ مَسْحُهُ إِلا فِي وَقْتٍ قَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ فِيهِ الْمَسْحُ ، وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا فَإِلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ إِنْ كَانَ حَدَثُهُ نَهَارًا أَوْ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنَ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ لَيْلا ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ

صحابي

زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ

ثقة

عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ

صدوق حسن الحديث

وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ

ثقة حافظ متقن عابد

وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى

ثقة

وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ

ثقة ثبت فقيه إمام كبير مشهور

حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ

تغير حفظه قليلا بآخره, ثقة عابد

أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ

ثقة حافظ غلط في أحاديث

يُونُسُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ

ثقة

جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الأَصْبَهَانِيُّ

ثقة

الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّجِيرَمِيُّ

مجهول الحال

عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِي

ثقة

هِشَامُ بْنُ سَعِيدِ الْخَيْرِ

صدوق حسن الحديث