وَبِهِ إِلَى وَبِهِ إِلَى مسلم : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، ثنا إِسْمَاعِيلُ هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ ، عَنِ العَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ : أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ ، وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا ، وَأُرْسِلْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً ، وَخُتِمَ بِي النَّبِيُّونَ " فَهَذَا عُمُومٌ دَخَلَ فِيهِ الْحَاضِرُ وَالْبَادِي . فَإِنْ قِيلَ : فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا سورة النساء آية 43 وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تُقْبَلُ صَلاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ " فَلَمْ يُبِحْ عَزَّ وَجَلَّ لِلْجُنُبِ أَنْ يَقْرَبَ الصَّلاةَ حَتَّى يَغْتَسِلَ أَوْ يَتَوَضَّأَ إِلا مُسَافِرًا . قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ذَكَرْتُمْ ، وَقَالَ تَعَالَى : وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ سورة المائدة آية 6 فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ زَائِدَةً حُكْمًا وَوَارِدَةً بِشَرْعٍ لَيْسَ فِي الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرْتُمْ بَلْ فِيهَا إِبَاحَةٌ أَنْ يَقْرَبَ الصَّلاةَ الْجُنُبُ دُونَ أَنْ يَغْتَسِلَ ، وَهُوَ غَيْرُ عَابِرِ سَبِيلٍ ، لَكِنْ إِذَا كَانَ مَرِيضًا لا يَجِدُ الْمَاءَ أَوْ عَلَيْهِ حَرَجٌ ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَيْضًا زَائِدَةً حُكْمًا عَلَى الْخَبَرِ الَّذِي لَفْظُهُ : " لا تُقْبَلُ صَلاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ " ثُمَّ جَاءَ الْخَبَرَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَا بِزِيَادَةٍ وَعُمُومٍ عَلَى الْآيَتَيْنِ وَالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ ، فَدَخَلَ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ الصَّحِيحُ الْمُقِيمُ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ ، وَكَلامُ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلامُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضٌ جَمْعُ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ وَكُلُّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى . وَقَوْلُنَا هَذَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ وَاللَّيْثِ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ : لا يَتَيَمَّمُ الْحَاضِرُ ، لَكِنْ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَاءِ إِلا حَتَّى يَفُوتَ الْوَقْتُ تَيَمَّمَ وَصَلَّى ، ثُمَّ أَعَادَ وَلا بُدَّ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ ، وَقَالَ زُفَرُ : لا يَتَيَمَّمُ الصَّحِيحُ فِي الْحَضَرِ الْبَتَّةَ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ ، لَكِنْ يَصْبِرُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ وَيَجِدَ الْمَاءَ فَيُصَلِّي حِينَئِذٍ . قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فَظَاهِرُ الْفَسَادِ ، لِأَنَّهُ لا يَخْلُو أَمْرُهُمَا لَهُ بِالتَّيَمُّمِ وَالصَّلاةِ مِنْ أَنْ يَكُونَا أَمَرَاهُ بِصَلاةٍ هِيَ فَرْضُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ أَوْ بِصَلاةٍ لَمْ يَفْرِضْهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ ، وَلا سَبِيلَ إِلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ ، فَإِنْ قَالَ مُقَلِّدُهُمَا أَمَرَاهُ بِصَلاةٍ : هِيَ فَرْضٌ عَلَيْهِ ، قُلْنَا : فَلِمَ يُعِيدُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ إِنْ كَانَ قَدْ أَدَّى فَرْضَهُ ؟ وَإِنْ قَالُوا : بَلْ أَمَرَاهُ بِصَلاةٍ لَيْسَتْ فَرْضًا عَلَيْهِ ، أَقَرَّا بِأَنَّهُمَا أَلْزَمَاهُ مَا لا يَلْزَمُهُ ، وَهَذَا خَطَأٌ ، وَأَمَّا قَوْلُ زُفَرَ فَخَطَأٌ ، لِأَنَّهُ أَسْقَطَ فَرْضَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الصَّلاةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَدَائِهَا فِيهِ ، وَأَلْزَمَهُ إِيَّاهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى تَأْخِيرَهَا إِلَيْهِ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَالصَّلاةُ فَرْضٌ مُعَلَّقٌ بِوَقْتٍ مَحْدُودٍ ، وَالتَّأْكِيدُ فِيهَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَجْهَلَهُ مُسْلِمٌ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ " فَوَجَدْنَا هَذَا الَّذِي حَضَرَتْهُ الصَّلاةُ هُوَ مَأْمُورٌ بِالْوُضُوءِ وَبِالْغُسْلِ إِنْ كَانَ جُنُبًا وَبِالصَّلاةِ ، فَإِذَا عَجَزَ عَنِ الغُسْلِ وَالْوُضُوءِ سَقَطَا عَنْهُ ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى أَنَّ الأَرْضَ طَهُورٌ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ وَهُوَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَيْهِ ، فَهُوَ غَيْرُ بَاقٍ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الصَّلاةِ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ ، وَهَذَا بَيِّنٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي هُرَيْرَةَ | أبو هريرة الدوسي / توفي في :57 | صحابي |
أَبِيهِ | عبد الرحمن بن يعقوب الجهني | ثقة |
العَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ | العلاء بن عبد الرحمن الحرقي / توفي في :132 | صدوق حسن الحديث |
إِسْمَاعِيلُ هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ | إسماعيل بن جعفر الأنصاري | ثقة |
قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ | قتيبة بن سعيد الثقفي / ولد في :150 / توفي في :240 | ثقة ثبت |
مسلم | مسلم بن الحجاج القشيري / ولد في :204 / توفي في :261 | ثقة حافظ إمام |