حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، ثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ، ثنا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، ثنا وَكِيعٌ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ هُوَ أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قال : " أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَلَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ الرَّكْعَتَيْنِ يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ، قال ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقُمْتُ لِأُصْلِيَهُمَا فَجَبَذَنِي وَقال : أَتُرِيدُ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ أَرْبَعًا ؟ قِيلَ لِأَبِي عَامِرٍ : النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ ؟ قال : نَعَمْ " . قال عَلِيٌّ : فَهَذِهِ نُصُوصٌ مَنْقُولَةٌ نَقْلَ الْوِتْرِ ، لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ خِلَافُهَا ، وَقَدْ حَمَلَ اتِّبَاعُ الْهَوَى بَعْضَهُمْ عَلَى أَنْ قال : إِنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ قَدِ اضْطُرِبَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَأَوْقَفُوهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ . قال عَلِيٌّ : وَهَذَا مِمَّا كَانَ يَنْبَغِي لِقَائِلِهِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ تَعَالَى أَوَّلًا ثُمَّ يَسْتَحْيِ مِنَ النَّاسِ ثَانِيَةً ، وَلَا يَأْتِي بِهَذِهِ الْفَضِيحَةِ ! لِأَنَّ الْمُحْتَجِّينَ بِهَذَا مُصَرِّحُونَ بِأَنَّ قَوْلَ الصَّاحِبِ حُجَّةٌ ! فَهَبْكَ لَوْ لَمْ يُسْنَدْ . أَمَا كَانَ يَجِبُ أَنْ تُرَجِّحَ إِمَّا قَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَوْ قَوْلَ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ ؟ ! فَكَيْفَ وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ مِمَّا يَضُرُّ الْحَدِيثَ شَيْئًا ! لِأَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ ، وَأَيُّوبَ وَزَكَرِيَّا بْنَ إِِسْحَاقَ لَيْسُوا بِدُونِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَكَيْفَ وَالَّذِي أَسْنَدَهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَوْثَقُ ، وَأَضْبَطُ مِنَ الَّذِي أَوْقَفَهُ عَنْهُ ، وَأَيُّوبُ لَوِ انْفَرَدَ لَكَانَ حُجَّةً عَلَى جَمِيعِهِمْ فَكَيْفَ وَكُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ ، وَهُوَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ رَوَاهُ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ أَفْتَى بِهِ ، فَحَدَّثَ بِهِ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ ؟ . ثُمَّ لَوْ لَمْ يَأْتِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَصْلًا لَكَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ سَرْجِسَ وَابْنِ بُحَيْنَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ كِفَايَةٌ لِمَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ ، وَلَمْ يَتَّبِعْ هَوَاهُ فِي تَقْلِيدِ مَنْ لَا يُغْنِي عَنْهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا . وَنَصْرِ الْبَاطِلِ بِمَا أَمْكَنَ مِنَ الْكَلَامِ الْغَثِّ ! . فَكَيْفَ وَقَدْ رُوِّينَا بِأَصَحِّ طَرِيقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : " إِذَا سَمِعْتُمُ الْإِِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ وَلَا تُسْرِعُوا فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا " . فَهَذَا فَرْضٌ لِلدُّخُولِ مَعَ الْإِِمَامِ كَيْفَمَا وُجِدَ ، وَتَحْرِيمٌ لِلِاشْتِغَالِ بِشَيْءٍ عَنْ ذَلِكَ . وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ فِي حَدِيثِ ابْنِ سَرْجِسَ وَابْنِ بُحَيْنَةَ بِضَحِكَةٍ أُخْرَى ، وَهِيَ أَنْ قال : لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا مُخْتَلِطًا بِالنَّاسِ ! ! ! قال عَلِيٌّ : وَهَذَا كَذِبٌ مُجَرَّدٌ ، وَمُجَاهَرَةٌ سَمِجَةٌ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهِمَا إِلَّا خَلْفَ النَّاسِ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ ، كَمَا يَأْمُرُونَ مَنْ قَلَّدَهُمْ فِي بَاطِلِهِمْ ! فَكَيْفَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا لَكَانَ مِمَّا يُوَضِّحُ كَذِبَ هَذَا الْقَائِلِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بِأَيِّ الصَّلَاتَيْنِ اعْتَدَدْتَ ؟ أَبِصَلَاتِكَ وَحْدَكَ أَمْ بِصَلَاتِكَ مَعَنَا ؟ " وَ" أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا ؟ " لِأَنَّ مِنَ الْبَاطِلِ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَقُولَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْقَوْلَ ، وَهُوَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ إِلَّا صَلَاتَهُ الرَّكْعَتَيْنِ مُخْتَلِطًا بِالنَّاسِ وَمُتَّصِلًا بِهِمْ فَيَسْكُتُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَمَّا أَنْكَرَ مِنَ الْمُنْكَرِ وَيَهْتِفُ بِمَا لَمْ يَذْكَرْ مِنْ لَفْظِهِ ، وَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَنْ هَذَا التَّخْلِيطِ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِذِي مَسْكَةٍ إِلَّا بِمِثْلِ مَنْ أَطْلَقَ هَذَا . وَأَيْضًا : فَإِِنَّهُ ظَنٌّ مَكْذُوبٌ مُجَرَّدٌ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ قال هَذَا ، وَبَيْنَ مَنْ قال : لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ بِلَا وُضُوءٍ ، أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ ثَوْبَ حَرِيرٍ ؟ وَمِثْلُ هَذِهِ الظُّنُونِ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَى مَنِ اسْتَسْهَلَ الْكَذِبَ فِي الدِّينِ ، وَعَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَإِِنْ قِيلَ : إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَذْكُرْ مِنْ هَذَا شَيْئًا ؟ قِيلَ : وَلَا ذَكَرَ عَلَيْهِ السَّلامُ اخْتِلَاطَهُ بِالنَّاسِ وَلَا اتِّصَالَهُ بِهِمْ ، وَإِِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى إِنْكَارِهِ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا ، وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلامُ يُصَلِّي الصُّبْحَ فَقَطْ ! . وَأَيْضًا : فَإِِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ مُنْكِرًا عَلَى مَنْ فَعَلَ مَا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ سورة البقرة آية 61 وَلَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ فِي أَنَّ الْفَرِيضَةَ خَيْرٌ مِنَ النَّافِلَةِ ، وَهُمْ يَأْمُرُونَهُ بِأَنْ يَسْتَبْدِلَ النَّافِلَةَ الَّتِي هِيَ أَدْنَى بِبَعْضِ الْفَرِيضَةِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنَ النَّافِلَةِ ، مَعَ مَعْصِيَتِهِمُ السُّنَنَ الَّتِي أَوْرَدْنَا ! وَبِمَا قُلْنَاهُ يَقُولُ جُمْهُورٌ مِنَ السَّلَفِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنِ عَبَّاسٍ | عبد الله بن العباس القرشي / توفي في :68 | صحابي |
ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ | عبد الله بن أبي مليكة القرشي / توفي في :117 | ثقة |
صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ هُوَ أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ | صالح بن رستم الخزاز | صدوق كثير الخطأ |
وَكِيعٌ | وكيع بن الجراح الرؤاسي / ولد في :128 / توفي في :196 | ثقة حافظ إمام |
مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ | موسى بن معاوية الصمادحي | ثقة مأمون |
ابْنُ وَضَّاحٍ | محمد بن وضاح المرواني / توفي في :280 | ثقة |
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ | القاسم بن أصبغ البياني / ولد في :252 / توفي في :345 | ثقة حافظ ثبت |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ | عبد الله بن نصر التبريزي | مجهول الحال |
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ | محمد بن سعيد النباتي / ولد في :336 / توفي في :429 | مجهول الحال |