اوقات الصلاة


تفسير

رقم الحديث : 540

حدثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، ثنا أَبُو عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى الْقَاضِي ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، ثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قال : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا لَمْ تَجِدُوا إِلَّا مَرَابِضَ الْغَنَمِ وَأَعْطَانَ الْإِِبِلِ فَصَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلَا تُصَلُّوا فِي مَعَاطِنِ الْإِِبِلِ " . وَرُوِّينَا ذَلِكَ أَيْضًا بِإِِسْنَادٍ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ كِلَاهُمَا ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَهَذَا نَقْلُ تَوَاتُرٍ يُوجِبُ يَقِينَ الْعِلْمِ . وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ خَالَفَ هَذَا بِأَنْ ، قال : قَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ، قال : " فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ فَذَكَرَ فِيهَا وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَحَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ " . وَقال : وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ ، وَالْفَضَائِلُ لَا تُنْسَخُ ، وَذَكَرَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى : وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ سورة البقرة آية 144 . فَقُلْنَا : إِنَّ هَذَا كُلَّهُ حَقٌّ ، وَلَيْسَ لِلنَّسْخِ هَهُنَا مَدْخَلٌ ، وَالْوَاجِبُ اسْتِعْمَالُ كُلِّ هَذِهِ النُّصُوصِ ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا بِأَنْ يُسْتَثْنَى الْأَقَلُّ مِنَ الْأَكْثَرِ ، فَتُسْتَعْمَلَ جَمِيعًا حِينَئِذٍ ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ مُخَالَفَةُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا تَغْلِيبُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ بِهَوَاهُ ؟ ثُمَّ نَسْأَلُ الْمُخَالِفَ : عَنِ الصَّلَاةِ فِي كَنِيفٍ أَوْ مَزْبَلَةٍ إِنْ كَانَ شَافِعِيًّا ، أَوْ حَنَفِيًّا . وَعَنْ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ إِنْ كَانَ مَالِكِيًّا . وَعَنِ الصَّلَاةِ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا . فَإِِنَّهُمْ يَمْنَعُونَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَيَخْتَصُّونَهَا مِنَ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمِنَ الْفَضِيلَةِ الْمَنْصُوصَةِ ، وَقَدْ قال تَعَالَى وَذَكَرَ مَسْجِدَ الضِّرَارِ : لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا سورة التوبة آية 108 فَحَرَّمَ الصَّلَاةَ فِيهِ وَهُوَ مِنَ الْأَرْضِ . فَصَحَّ أَنَّ الْفَضِيلَةَ بَاقِيَةٌ ، وَأَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا مَسْجِدٌ وَطَهُورٌ إِلَّا مَكَانًا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ ! فَإِِنْ قِيلَ : قَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعِيرِهِ ؟ وَإِِلَى بَعِيرِهِ ، قُلْنَا : نَعَمْ وَمَنْ مَنَعَ هَذَا فَهُوَ مُبْطِلٌ ، وَمَنْ صَلَّى عَلَى بَعِيرِهِ أَوْ إِلَى بَعِيرِهِ فَلَمْ يُصَلِّ فِي عَطَنِ إِبِلٍ ، وَعَنْ هَذَا جَاءَ النَّهْيُ لَا عَنِ الصَّلَاةِ إِلَى الْبَعِيرِ . وَقَدْ زَادَ بَعْضُهُمْ كَذِبًا وَجُرْأَةً وَافْتِرَاءً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقال : " إِنَّمَا نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَعَاطِنِهَا وَمَبَارِكِهَا لِنِفَارِهَا وَاخْتِلَاطِهَا ، أَوْ لِأَنَّ الرَّاعِيَ يَبُولُ بَيْنَهَا " . قال عَلِيٌّ : وَهَذَا كَذِبٌ مُجَرَّدٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِِخْبَارٌ عَنْهُ بِالْبَاطِلِ وَبِمَا لَمْ يَقُلْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَطُّ ، وَلَوْ أُطْلِقَ مِثْلُ هَذَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ عَرَضَ النَّاسِ لَكَانَ إِثْمًا وَفِسْقًا ، فَكَيْفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ ! وَلَوْ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ أَرَادَ مَا ذَكَرُوا لَبَيَّنَهُ ؟ ثُمَّ هَبْكَ أَنَّهُ كَمَا قَالُوا ، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِِنَّ النَّهْيَ وَالتَّحْرِيمَ بِذَلِكَ بَاقٍ كَمَا كَانَ ، فَكَيْفَ يَسْتَحِلُّونَ أَنْ يُصَحِّحُوا النَّهْيَ وَيَدَّعُوا أَنَّهُ لِعِلَّةٍ يَذْكُرُونَهَا : ثُمَّ يُبِيحُونَ مَا صَحَّ النَّهْيُ عَنْهُ هَذَا أَمْرٌ مَا نَدْرِي كَيْفَ هُوَ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْبَلَاءِ ! وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّهُ قال : " لَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِِبِلِ " ! . وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا عَطَنَ إِبِلٍ ؟ قال : لَا يُصَلِّي فِيهِ ، قال : فَإِِنْ بَسَطَ عَلَيْهِ ثَوْبًا قال : لَا ، أَيْضًا . وَقال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : مَنْ صَلَّى فِي عَطَنِ إِبِلٍ أَعَادَ أَبَدًا . فَإِِنْ قِيلَ : فَإِِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قال : " فَإِِنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الشَّيَاطِينِ " . قُلْنَا : نَعَمْ ، هَذَا حَقّ ، وَنَحْنُ نُقِرُّ بِهَذَا ، وَلَا اعْتِرَاضَ فِي هَذَا عَلَى نَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِهَا ! قال عَلِيٌّ : وَالْبَعِيرُ وَالْبَعِيرَانِ لَا يُشَكُّ فِي أَنَّ الْمَوْضِعَ الْمُتَّخَذَ لِمَبْرَكِهِمَا أَوْ لِمَبْرَكِ أَحَدِهِمَا دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ مَبَارِكِ الْإِِبِلِ وَعَطَنِ الْإِِبِلِ ، وَكُلُّ عَطَنٍ فَهُوَ مَبْرَكٌ . وَلَيْسَ كُلُّ مَبْرَكٍ عَطَنًا لِأَنَّ الْعَطَنَ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُنَاخُ فِيهِ عِنْدَ وُرُودِهَا الْمَاءَ فَقَطْ ، وَالْمَبْرَكُ أَعَمُّ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الْمُتَّخَذُ لِبُرُوكِهَا فِي كُلِّ حَالٍ . وَإِِذَا سَقَطَ عَنِ الْعَطَنِ وَالْمَبْرَكِ اسْمُ عَطَنٍ وَمَبْرَكٍ فَلَيْسَ عَطَنًا وَلَا مَبْرَكًا فَالصَّلَاةُ فِيهِ جَائِزَةٌ . فَأَمَّا قَوْلُنَا : عَالِمًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَالَمٍ فَلِأَنَّهُ أَتَى بِالصَّلَاةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَمَكَانِهَا ، وَالصَّلَاةُ لَا تَصِحُّ إِلَّا فِي زَمَانٍ وَمَكَانٍ مَحْدُودَيْنِ ، فَإِِذَا لَمْ تُؤَدَّ فِي مَكَانِهَا وَزَمَانِهَا فَلَيْسَتْ هِيَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا ، بَلْ هِيَ غَيْرُهَا . وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي هُرَيْرَةَ

صحابي

مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ

ثقة ثبت كبير القدر لا يرى الرواية بالمعنى

هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ

ثقة حافظ

يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ

ثقة متقن

أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ

ثقة حافظ صاحب تصانيف

ابْنُ وَضَّاحٍ

ثقة

أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ

ثقة حافظ

أَبُو عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى الْقَاضِي

صدوق حسن الحديث

يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

ثقة حجة