كَتَبَ بِهِ إِلَى أَبُو سُلَيْمَانَ دَاوُدَ بْنُ شَاذِ بْنُ دَاوُدَ الْمِصْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيّ بْنُ سَعِيدِ الْأَزْدِيُّ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ الرُّعَيْنِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ الطَّحَاوِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، يَقُولُ : أَنَا الْحُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ : أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَلَى الْبَلَاطِ وَهُمْ يُصَلُّونَ ، فَقُلْتُ : " أَلَا تُصَلِّي مَعَهُمْ ؟ قَالَ : قَدْ صَلَّيْتُ فِي رَحْلِي إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُصَلَّى فَرِيضَةٌ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ " . قَالَ : فَكَانَتْ صَلَاةُ مُعَاذٍ إِذْ كَانَ مُبَاحًا أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلَاةَ مَرَّتَيْنِ فِي الْيَوْمِ ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ ؟ قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ : فَصَحِيحٌ ، وَأَمَّا حَدِيثُ خَالِدِ بْنِ أَيْمَنَ : فَسَاقِطٌ لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ . ثُمَّ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا : أَوَّلُ ذَلِكَ : أَنَّ قَائِلَ هَذَا قَدْ كَذَبَ ، وَمَا كَانَ قَطُّ مُبَاحًا أَنْ تُصَلِّيَ صَلَاةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ مَرَّتَيْنِ ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَفْرِضْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ إِلَّا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَقَطْ ، حَاشَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْوِتْرِ فَقَطْ ، وَصَحَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ أَخْبَرَ أَنَّهُ ، قَالَ لَهُ : " هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ سورة ق آية 29 " فَبَطَلَ كُلُّ مَا مَوَّهَ بِهِ هَذَا الْمُمَوِّهُ ؟ ! وَوَجْهٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَاحِدٌ ، وَهُوَ حَقٌّ ، وَمَا حَلَّ قَطُّ ، وَلَا قُلْنَا نَحْنُ وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ : أَنْ تُصَلَّى صَلَاةٌ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ : وَإِنَّمَا قُلْنَا : أَنْ تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ ، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَتُصَلَّى النَّافِلَةُ خَلْفَ مُصَلِّي الْفَرْضِ ، كَمَا أَمَرَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَكَمَا يُجِيزُونَ هُمْ أَيْضًا مَعَنَا . وَتُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ خَلْفَ مُؤَدِّي فَرِيضَةٍ أُخْرَى ، كَمَا أَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلامُ : بِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، وَلَمْ يَنْهَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنْ ذَلِكَ قَطُّ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، حَتَّى حَدَثَ مَا حَدَثَ ! وَإِنَّمَا الْمُجِيزُونَ أَنْ تُصَلَّى صَلَاةٌ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ : فَالْمَالِكِيُّونَ الْقَائِلُونَ : بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ ، وَبِأَنَّ مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً فِي أُخْرَى : صَلَّى الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ الَّتِي ذَكَرَ ، ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي صَلَّى ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا ؟ وَالْعَجَبُ مِنَ احْتِجَاجِهِمْ بِابْنِ عُمَرَ ، وَهُمْ يُخَالِفُونَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَفْسِهَا ؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلًا يَجْرِي فِي الْقُبْحِ مَجْرَى مَا تَقَدَّمَ لَهُمْ وَيُرْبِي عَلَيْهِ ، وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ مُعَاذٍ لِعَدَمِ مَنْ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ حِينَئِذٍ ؟ قَالَ عَلِيٌّ : لَوِ اتَّقَى اللَّهَ قَائِلُ هَذَا الْهَوَسِ أَوِ اسْتَحْيَا مِنَ الْكَذِبِ ، لَمْ يَنْصُرِ الْبَاطِلَ بِمَا هُوَ أَبْطَلُ مِنْهُ . وَلَوْ عَرَفَ قَدْرَ الصَّحَابَةِ وَمَنْزِلَتَهُمْ فِي الْعِلْمِ : لَمْ يَقُلْ هَذَا لِأَنَّنَا نَجِدُ ، الزِّنْجِيَّ وَالتُّرْكِيَّ ، وَالصَّقْلَبِيَّ وَالرُّومِيَّ وَالْيَهُودِيَّ : يُسَلِّمُونَ ، فَلَا تَمْضِيَ لَهُمْ جُمُعَةٌ إِلَّا وَقَدْ تَعَلَّمَتِ الْمَرْأَةُ مِنْهُمْ ، وَالرَّجُلُ أُمَّ الْقُرْآنِ ، و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، وَمَا يُقِيمُونَ بِهِ صَلَاتَهُمْ . وَلَمْ يَسْتَحِي هَذَا الْجَاهِلُ الْوَقَّاحُ ، أَنْ يَنْسُبَ إِلَى حَيٍّ عَظِيمٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْأَنْصَارِ ، وَحَيٍّ آخَرَ صَغِيرٍ مِنْهُمْ ، وَهُمْ بَنُو سَلَمَةَ ، وَبَنُو أَدَى قَدْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِعَامَيْنِ وَأَشْهُرٍ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ ، وَأَسْلَمَ جُمْهُورُهُمْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِدَهْرٍ : أَنَّهُمْ بَقُوا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ لَمْ يَهْتَبِلُوا بِصَلَاتِهِمْ ، وَلَا تَعَلَّمُوا سُورَةً يُصَلُّونَ بِهَا ، وَهُمْ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ وَالْبَصَائِرِ فِي الدِّينِ : اللَّهُمَّ الْعَنْ مَنْ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْمُجَاهَرَةِ بِالْبَاطِلِ ، وَالْكَذِبِ الْمَفْضُوحِ ؟ فَلْيَعْلَمْ أَهْلُ الْجَهْلِ : أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ بَنِي سَلَمَةَ الَّذِي كَانَ يَؤُمُّ فِيهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ثَلَاثُونَ عَقَبِيًّا ، وَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ بَدْرِيًّا سِوَى غَيْرِهِمْ . أَفَمَا كَانَ فِي جَمِيعِ هَؤُلَاءِ الْفُضَلَاءِ أَحَدٌ يُحْسِنُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا يُصَلِّي بِهِ ؟ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ . وَكَانَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ : جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَوَالِدُهُ ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ، وَأَبُو الْيَسْرِ وَالْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ ، وَمُعَاذٌ ، وَمُعَوِّذٌ ، وَخَلَّادٌ بَنُو عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَابِئٍ ، وَبِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ ، وَجَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ . وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ أَصَحِّ طَرِيقٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : " مَا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى حَفِظْتُ سُوَرًا مِنَ الْقُرْآنِ " ؟ ! ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْكِذْبَةَ الَّتِي قَالَهَا هَذَا الْجَاهِلُ دَعْوَى افْتَرَاهَا لَمْ يَجِدْهَا قَطُّ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ السَّقِيمَةِ فَكَيْفَ الصَّحِيحَةِ ؟ وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَا وَجْهَ لِلشُّغْلِ بِهَا إِلَّا فَضِيحَةُ قَائِلِهَا فَقَطْ ، ثُمَّ تَحْذِيرُ الضُّعَفَاءِ مِنْهُ ، وَالتَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ ؟ ! وَالثَّالِثُ : أَنْ يُقَالَ لَهُ : هَبْكَ أَنَّ هَذِهِ الْكِذْبَةَ كَمَا ذَكَرْتَ ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَكُمْ ؟ وَهَلْ يَحِلُّ لَدَيْكُمْ أَنْ تُسْلِمَ طَائِفَةٌ فَلَا يَكُونُ فِيهِمْ مَنْ يَقْرَأُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا وَاحِدٌ فَيُصَلِّي ذَلِكَ الْوَاحِدُ مَعَ غَيْرِهِمْ ثُمَّ يَؤُمُّهُمْ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ ؟ فَمِنْ قَوْلِهِمْ : لَا ، فَيُقَالُ لَهُمْ : فَأَيُّ رَاحَةٍ لَكُمْ فِي اسْتِنْبَاطِ كَذِبٍ لَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ فِي تَرْقِيعِ فَاسِدِ تَقْلِيدِكُمْ ؟ ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ : احْمِلُوهُ عَلَى مَا شِئْتُمْ ، أَلَيْسَ قَدْ عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَرَّهُ ؟ فَبِأَيِّ وَجْهٍ تُبْطِلُونَ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُكْمَهُ ؟ وَقَدْ تَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَأَبِي بَكْرَةَ بِنَحْوِ هَذِهِ الْفَضَائِحِ ، فَقَالَ : لَعَلَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ تُقْصَرَ الصَّلَاةُ ، أَوْ فِي سَفَرٍ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِي مِثْلِهِ ؟ فَقُلْنَا : هَذَا جَهْلٌ وَكَذِبٌ آخَرُ ، أَبُو بَكْرَةَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ ، لَمْ يَشْهَدْ بِالْمَدِينَةِ قَطُّ خَوْفًا ، وَلَا صَلَاةَ خَوْفٍ ، وَلَا فِيمَا يَقْرُبُ مِنْهَا ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ ، قَالَ جَابِرٌ : بِنَخْلٍ ، وَبِذَاتِ الرِّقَاعِ ، فَكِلَا الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى أَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الْمَدِينَةِ . وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ الصَّلَاةَ أُنْزِلَتْ بِمَكَّةَ : رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ ، وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ ؟ ! فَبَطَلَ كُلُّ عَارٍ أَتَوْا بِهِ فِي إِبْطَالِ الْحَقَائِقِ مِنَ السُّنَنِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا ؟ ثُمَّ هُوَ فِعْلُ الصَّحَابَةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنَ عُمَرَ | عبد الله بن عمر العدوي / توفي في :73 | صحابي |
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ | سليمان بن يسار الهلالي | ثقة |
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ | عمرو بن شعيب القرشي / توفي في :118 | ثقة |
الْحُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ | الحسين بن ذكوان المعلم | ثقة |
يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ | يزيد بن هارون الواسطي / ولد في :117 / توفي في :206 | ثقة متقن |
الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ | الحسين بن نصر البغدادي | ثقة |
أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ الطَّحَاوِيُّ | أحمد بن محمد الطحاوي | ثقة ثبت |
هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ الرُّعَيْنِيُّ | هشام بن محمد الرعيني / توفي في :376 | ثقة |
عَبْدُ الْغَنِيّ بْنُ سَعِيدِ الْأَزْدِيُّ الْحَافِظُ | عبد الغني بن سعيد المصري / ولد في :332 / توفي في :409 | ثقة حافظ |
أَبُو سُلَيْمَانَ دَاوُدَ بْنُ شَاذِ بْنُ دَاوُدَ الْمِصْرِيُّ | داود بن شاذ المصري | مجهول الحال |