صلاة الجمعة


تفسير

رقم الحديث : 809

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَاءِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : " قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ يُلَبُّونَ بِالْحَجِّ " . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ . قَالَ عَلِيٌّ : فَإِذْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، فَبِالضَّرُورَةِ نَعْلَمُ : أَنَّهُ أَقَامَ بِمَكَّةَ ذَلِكَ الْيَوْمَ الرَّابِعَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْخَامِسُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، وَالثَّالِثُ وَهُوَ السَّادِسُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، وَالرَّابِعُ وَهُوَ السَّابِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ . وَأَنَّهُ خَرَجَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى مِنًى قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّامِنِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ؛ هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْأُمَّةِ ؛ فَتَمَّتْ لَهُ بِمَكَّةَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَأَرْبَعُ لَيَالٍ كَمَلًا ؛ أَقَامَهَا عَلَيْهِ السَّلامُ نَاوِيًا لِلْإِقَامَةِ هَذِهِ الْمُدَّةَ بِهَا بِلَا شَكٍّ . ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مِنًى فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ كَمَا ذَكَرْنَا ؟ وَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ قَالَ : إِنْ نَوَى إِقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ نَوَى بِلَا شَكٍّ إِقَامَةَ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يُتِمَّ . ثُمَّ كَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِمِنًى الْيَوْمَ الثَّامِنِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، وَبَاتَ بِهَا لَيْلَةَ يَوْمِ عَرَفَةَ . ثُمَّ أَتَى إِلَى عَرَفَةَ بِلَا شَكٍّ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ؛ فَبَقِيَ هُنَالِكَ إِلَى أَوَّلِ اللَّيْلَةِ الْعَاشِرَةِ ؛ ثُمَّ نَهَضَ إِلَى مُزْدَلِفَةَ فَبَاتَ بِهَا اللَّيْلَةَ الْعَاشِرَةَ . ثُمَّ نَهَضَ فِي صَبَاحِ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ إِلَى مِنًى ، فَكَانَ بِهَا ؛ وَنَهَضَ إِلَى مَكَّةَ فَطَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ إِمَّا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَإِمَّا فِي اللَّيْلَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ ، بِلَا شَكٍّ فِي أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ . ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَدَفَعَ مِنْهَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ بَعْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ ، وَكَانَتْ إِقَامَتُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِمِنًى أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ غَيْرَ نِصْفِ يَوْمٍ . ثُمَّ أَتَى إِلَى مَكَّةَ فَبَاتَ اللَّيْلَةَ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ بِالْأَبْطَحِ ، وَطَافَ بِهَا طَوَافَ الْوَدَاعِ ، ثُمَّ نَهَضَ فِي آخِرِ لَيْلَتِهِ تِلْكَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَكَمُلَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِمَكَّةَ ، وَمِنًى ، وَعَرَفَةَ ، وَمُزْدَلِفَةَ : عَشْرُ لَيَالٍ كَمَلًا كَمَا ، قَالَ أَنَسٌ : فَصَحَّ قَوْلُنَا ؛ وَكَانَ مَعَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ مُتَمَتِّعُونَ ؛ وَكَانَ هُوَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَارِنًا . فَصَحَّ مَا قُلْنَاهُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ؛ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ؛ فَخَرَجَتْ هَذِهِ الْإِقَامَةُ بِهَذَا الْأَثَرِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ حَيْثُ أَقَامَ عَنْ حُكْمِ سَائِرِ الْإِقَامَاتِ ؛ وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ . فَإِنْ قِيلَ : أَلَيْسَ قَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ رِوَايَاتٍ مُخْتَلِفَةً : فِي بَعْضِهَا أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ تِسْعَ عَشْرَةَ . وَفِي بَعْضِهَا ثَمَانِ عَشْرَةَ . وَفِي بَعْضِهَا سَبْعَ عَشْرَةَ . وَفِي بَعْضِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ . قُلْنَا : نَعَمْ ، وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي عَامِ الْفَتْحِ ، وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي جِهَادٍ ، وَفِي دَارِ حَرْبٍ ، لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ : كَصَفْوَانَ وَغَيْرِهِمْ لَهُمْ مُدَّةُ مُوَادَعَةٍ لَمْ تَنْقَضِ بَعْدُ . وَمَالِكُ بْنُ عَوْفٍ فِي هَوَازِنَ قَدْ جُمِعَتْ لَهُ الْعَسَاكِرُ بِحُنَيْنٍ عَلَى بِضْعَةَ عَشَرَ مِيلًا . وَخَالِدُ بْنُ سُفْيَانَ الْهُذَلِيُّ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ يَجْمَعُ هُذَيْلًا لِحَرْبِهِ . وَالْكُفَّارُ مُحِيطُونَ بِهِ مُحَارِبُونَ لَهُ : فَالْقَصْرُ وَاجِبٌ بَعْدُ فِي أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْإِقَامَةِ . وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلامُ يَتَرَدَّدُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى حُنَيْنٍ . ثُمَّ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا ، ثُمَّ إِلَى الطَّائِفِ . وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلامُ يُوَجِّهُ السَّرَايَا إِلَى مَنْ حَوْلَ مَكَّةَ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ ، كَبَنِي كِنَانَةَ ، وَغَيْرِهِمْ . فَهَذَا قَوْلُنَا ، وَمَا دَخَلَ عَلَيْهِ السَّلامُ مَكَّةَ قَطُّ مِنْ حِينِ خَرَجَ عَنْهَا مُهَاجِرًا إِلَّا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ ، أَقَامَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ . ثُمَّ حِينَ فَتَحَهَا كَمَا ذَكَرْنَا مُحَارِبًا . ثُمَّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ : أَقَامَ بِهَا كَمَا وَصَفْنَا ، وَلَا مَزِيدَ . قَالَ عَلِيٌّ : وَأَمَّا قَوْلُنَا : إِنَّ هَذِهِ الْإِقَامَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فِي أَوَّلِ دَارِ الْحَرْبِ وَبَعْدَ الْإِحْرَامِ : فَلِأَنَّ الْقَاصِدَ إِلَى الْجِهَادِ مَا دَامَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ فِي حَالِ جِهَادٍ ، وَلَكِنَّهُ مُرِيدٌ لِلْجِهَادِ وَقَاصِدٌ إِلَيْهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ مُسَافِرٌ كَسَائِرِ الْمُسَافِرِينَ ، إِلَّا أَجْرَ نِيَّتِهِ فَقَطْ ، وَهُوَ مَا لَمْ يُحْرِمْ فَلَيْسَ بَعْدُ فِي عَمَلِ حَجٍّ وَلَا عَمَلِ عُمْرَةٍ ، لَكِنَّهُ مُرِيدٌ لَأَنْ يَحُجَّ ، أَوْ لَأَنْ يَعْتَمِرَ ، فَهُوَ كَسَائِرِ مَنْ يُسَافِرُ وَلَا فَرْقَ . قَالَ عَلِيٌّ : وَكُلُّ هَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ إِذْ أَقَامَ بِمَكَّةَ أَيَّامًا : إِنِّي إِنَّمَا قَصَرْتُ أَرْبَعًا لِأَنِّي فِي حَجٍّ ، وَلَا لِأَنِّي فِي مَكَّةَ . وَلَا قَالَ إِذْ أَقَامَ بِتَبُوكِ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ : إِنِّي إِنَّمَا قَصَرْتُ لِأَنِّي فِي جِهَادٍ . فَمَنْ قَالَ : شَيْئًا مِنْ هَذَا فَقَدْ قَوَّلَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ مَا لَمْ يَقُلْ ، وَهَذَا لَا يَحِلُّ . فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ لَوْلَا مُقَامُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي تَبُوكِ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ ، وَبِمَكَّةَ دُونَ ذَلِكَ يَقْصُرُ : لَكَانَ لَا يَجُوزُ الْقَصْرُ إِلَّا فِي يَوْمٍ يَكُونُ فِيهِ الْمَرْءُ مُسَافِرًا ، وَلَكَانَ مُقِيمُ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ . لَكِنْ لَمَّا أَقَامَ عَلَيْهِ السَّلامُ عِشْرِينَ يَوْمًا بِتَبُوكِ يَقْصُرُ صَحَّ بِذَلِكَ أَنَّ عِشْرِينَ يَوْمًا إِذَا أَقَامَهَا الْمُسَافِرُ فَلَهُ فِيهَا حُكْمُ السَّفَرِ ؛ فَإِنْ أَقَامَ أَكْثَرَ أَوْ نَوَى إِقَامَةً أَكْثَرَ فَلَا بُرْهَانَ يُخْرِجُ ذَلِكَ عَنْ حُكْمِ الْإِقَامَةِ أَصْلًا ! وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ خَصَّ الْإِقَامَةَ فِي الْجِهَادِ بِعِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ فِيهَا ، وَبَيْنَ مَنْ خَصَّ بِذَلِكَ بِتَبُوكَ دُونَ سَائِرِ الْأَمَاكِنِ ؛ وَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ ؛ إِذْ لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصُّ قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ بِخِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِيهِ نَصٌّ أَصْلًا ، وَالْقِيَاسُ لَا يَجُوزُ ، فَمَنْ نَوَى إِقَامَةَ يَوْمٍ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَصُومُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . قَالَ عَلِيٌّ : وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَالشَّافِعِيُّ : إِنْ أَقَامَ فِي مَكَانٍ يَنْوِي خُرُوجًا غَدًا أَوِ الْيَوْمَ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَيُفْطِرُ وَلَوْ أَقَامَ كَذَلِكَ أَعْوَامًا . قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : وَكَذَلِكَ لَوْ نَوَى خُرُوجًا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَيَقْصُرُ . وَقَالَ مَالِكٌ : يَقْصُرُ وَيُفْطِرُ وَإِنْ نَوَى إِقَامَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَيَقْصُرُ ، وَإِنْ نَوَى : أَخْرُجُ الْيَوْمَ ، أَخْرُجُ غَدًا : قَصَرَ ، وَلَوْ بَقِيَ كَذَلِكَ أَعْوَامًا ؟ قَالَ عَلِيٌّ : وَمِنَ الْعَجَبِ الْعَجِيبِ إِسْقَاطُ أَبِي حَنِيفَةَ النِّيَّةَ حِينَ افْتَرَضَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ ، وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ ، وَالْحَيْضِ وَبَقَائِهِ فِي رَمَضَانَ يَنْوِي الْفِطْرَ إِلَى قَبْلِ زَوَالِ الشَّمْسِ ، وَيُجِيزُ كُلَّ ذَلِكَ بِلَا نِيَّةٍ : ثُمَّ يُوجِبُ النِّيَّةَ فَرْضًا فِي الْإِقَامَةِ ، حَيْثُ لَمْ يُوجِبْهَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَوْجَبَهَا بُرْهَانٌ نَظَرِيٌّ ! قَالَ عَلِيٌّ : وَبُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا : أَنَّ الْحُكْمَ لِلْإِقَامَةِ لِلْمُدَدِ الَّتِي ذَكَرْنَا كَانَتْ هُنَالِكَ نِيَّةٌ لِإِقَامَةٍ أَوْ لَمْ تَكُنْ فَهُوَ أَنَّ النِّيَّاتِ إِنَّمَا تَجِبُ فَرْضًا فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُؤَدَّى بِلَا نِيَّةٍ وَأَمَّا عَمَلٌ لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا مَعْنَى لِلنِّيَّةِ فِيهِ ، إِذْ لَمْ يُوجِبْهَا هُنَالِكَ قُرْآنٌ ، وَلَا سُنَّةٌ ، وَلَا نَظَرٌ ، وَلَا إِجْمَاعٌ . وَالْإِقَامَةُ لَيْسَتْ عَمَلًا مَأْمُورًا بِهِ ، وَكَذَلِكَ السَّفَرُ ، وَإِنَّمَا هُمَا حَالَانِ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمَا الْعَمَلَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِيهِمَا ، فَذَلِكَ الْعَمَلُ هُوَ الْمُحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ ؛ لَا الْحَالُ . وَهُمْ مُوَافِقُونَ لَنَا : أَنَّ السَّفَرَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ . وَلَوْ أَنَّ امْرَأً خَرَجَ لَا يُرِيدُ سَفَرًا فَدَفَعَتْهُ ضَرُورَاتٌ لَمْ يَقْصِدْ لَهَا حَتَّى صَارَ مِنْ مَنْزِلِهِ عَلَى ثَلَاثِ لَيَالٍ ، أَوْ سِيرَ بِهِ مَأْسُورًا أَوْ مُكْرَهًا مَحْمُولًا مُجْبَرًا فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَيُفْطِرُ . وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِيمَنْ أُقِيمَ بِهِ كُرْهًا فَطَالَتْ بِهِ مُدَّتُهُ فَإِنَّهُ يُتِمُّ وَيَصُومُ ، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِيمَنِ اضْطُرَّ لِلْخَوْفِ إِلَى الصَّلَاةِ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا ، فَذَلِكَ الْخَوْفُ وَتِلْكَ الضَّرُورَةُ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى نِيَّةٍ . وَكَذَلِكَ النَّوْمُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ ، وَلَهُ حُكْمٌ فِي إِسْقَاطِ الْوُضُوءِ وَإِيجَابِ تَجْدِيدِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَكَذَلِكَ الْإِجْنَابُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ ، وَهُوَ يُوجِبُ الْغُسْلَ . وَكَذَلِكَ الْحَدَثُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ ، وَهُوَ يُوجِبُ حُكْمَ الْوُضُوءِ وَالِاسْتِنْجَاءِ ، فَكُلُّ عَمَلٍ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ لَكِنْ أُمِرَ فِيهِ بِأَعْمَالٍ مَوْصُوفَةٍ فَهُوَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ . وَمِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ هِيَ الْإِقَامَةُ وَالسَّفَرُ ، فَلَا يُحْتَاجُ فِيهِمَا إِلَى نِيَّةٍ أَصْلًا ، لَكِنْ مَتَى وُجِدَا وَجَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْحُكْمُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِيهِ وَلَا مَزِيدَ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِنَا .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنِ عَبَّاسٍ

صحابي

أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَاءِ

ثقة

أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ

ثقة ثبتت حجة

وُهَيْبٍ

ثقة ثبت

مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

ثقة ثبت

الْبُخَارِيُّ

جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث

الْفَرَبْرِيُّ

ثقة

إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ

ثقة

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ

صدوق حسن الحديث

Whoops, looks like something went wrong.