زكاة المغصوب


تفسير

رقم الحديث : 1011

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، ثنا أَبُو دَاوُدَ ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي إِِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ عَفَوْتُ عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ ، فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَّةِ ، مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ ، وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ ، فَإِِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ " . هَذَا كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ مِنَ الْآثَارِ ، قَدْ تَقَصَّيْنَاهُ لَهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَقَصَّوْنَهُ لِأَنْفُسِهِمْ ؟ وَاحْتَجُّوا بِأَنْ قَالُوا : قَدْ صَحَّتِ الزَّكَاةُ فِي الْأَرْبَعِينَ الزَّائِدَةِ عَلَى الْمِائَتَيْنِ بِإِِجْمَاعٍ ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَ الْمِائَتَيْنِ وَبَيْنَ الْأَرْبَعِينَ ، فَلَا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ بِاخْتِلَافٍ ؟ وَقَالُوا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ : لَمَّا كَانَتِ الدَّرَاهِمُ لَهَا نِصَابٌ لَا تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ أَقَلَّ مِنْهُ ، وَكَانَتِ الزَّكَاةُ تَتَكَرَّرُ فِيهَا كُلَّ عَامٍ : أَشْبَهَتِ الْمَوَاشِيَ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا أَوْقَاصٌ كَمَا فِي الْمَوَاشِي ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُقَاسَ عَلَى الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ ، لِأَنَّ الزَّكَاةَ هُنَالِكَ مَرَّةٌ فِي الدَّهْرِ لَا تَتَكَرَّرُ ، بِخِلَافِ الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ ؟ هَذَا كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ مِنْ نَظَرٍ وَقِيَاسٍ ! ؟ وَكُلُّ مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ ، بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ ، عَلَى مَا نُبَيِّنُ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى : أَمَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ فَسَاقِطٌ مُطْرَحٌ ، لِأَنَّهُ عَنْ كَذَّابٍ وَاضِعٍ لِلْأَحَادِيثِ ، عَنْ مَجْهُولٍ : وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَصَحِيفَةٌ مُرْسَلَةٌ ، وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ ، وَأَيْضًا فَإِِنَّهَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْجَزَرِيِّ ، وَهُوَ سَاقِطٌ مُطْرَحٌ . ثُمَّ لَوْ صَحَّ كَانَ ، قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ " زَائِدًا عَلَى هَذَا الْخَبَرِ ، وَالزِّيَادَةُ لَا يَحِلُّ تَرْكُهَا ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إِلَّا أَنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا فَقَطْ ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنْ لَا زَكَاةَ فِيمَا بَيْنَ الْمِائَتَيْنِ وَبَيْنَ الْأَرْبَعِينَ : وَأَمَّا حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ فَسَاقِطٌ ، لِلِاتِّفَاقِ عَلَى سُقُوطِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ وَلَوْ صَحَّ لَكَانُوا قَدْ خَالَفُوهُ ، فَإِِنَّهُمْ يَرَوْنَ الزَّكَاةَ فِي الْخَيْلِ السَّائِمَةِ ، وَفِي الْخَيْلِ ، وَالرَّقِيقِ الْمُتَّخَذِينَ لِلتِّجَارَةِ ، وَفِي هَذَا الْخَبَرِ سُقُوطُ الزَّكَاةِ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ جُمْلَةً ، فَمَنْ أَقْبَحُ سِيرَةً مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِخَبَرٍ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ مَا يَدَّعِي ، وَهُوَ يُخَالِفُهُ فِي نَصِّ مَا فِيهِ ؟ ! وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ لَكَانَ ، قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ : " فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ " زَائِدًا ، وَالزِّيَادَةُ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا ؟ : وَأَمَّا حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ فَمُرْسَلٌ أَيْضًا ، وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ ، وَالَّذِي فِيهِ مِنْ حُكْمِ زَكَاةِ الْوَرِقِ ، وَالذَّهَبِ فَإِِنَّمَا هُوَ كَلَامُ الزُّهْرِيِّ ، كَمَا أَوْرَدْنَاهُ آنِفًا مِنْ رِوَايَةِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ ؟ وَالْعَجَبُ كُلَّ الْعَجَبِ تَرْكُهُمْ مَا فِي الصَّحِيفَةِ الَّتِي رَوَاهَا الزُّهْرِيُّ نَصًّا مِنْ صِفَةِ زَكَاةِ الْإِِبِلِ . وَاحْتِجَاجُهُمْ بِمَا لَيْسَ مِنْهَا ! وَخَالَفُوا الزُّهْرِيَّ أَيْضًا فِيمَا ذَكَرَ مِنْ زَكَاةِ الذَّهَبِ بِالْقِيمَةِ وَهَذَا تَلَاعُبٌ بِالدِّيَانَةِ وَبِالْحَقَائِقِ وَبِالْعُقُولِ : وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ الَّذِي خَتَمْنَا بِهِ ، فَصَحِيحٌ مُسْنَدٌ ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ، بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ ، لِأَنَّ فِيهِ " قَدْ عَفَوْتُ عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ " ، وَهُمْ يَرَوْنَ الزَّكَاةَ فِي الْخَيْلِ السَّائِمَةِ ، وَالَّتِي لِلتِّجَارَةِ ، وَفِي الرَّقِيقِ الَّذِي لِلتِّجَارَةِ ، وَمِنَ الشَّنَاعَةِ احْتِجَاجُهُمْ بِحَدِيثٍ هُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهُ فِي نَصِّ مَا فِيهِ ! وَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى مَا يَقُولُونَ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ نَصَّهُ " هَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ ، وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ فَإِِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ " . وَنَعَمْ ، هَكَذَا هُوَ ، لِأَنَّ فِي الْمِائَتَيْنِ أَرْبَعِينَ مُكَرَّرَةً خَمْسَ مَرَّاتٍ ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ ، وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ أَنَّ فِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا زَائِدًا دِرْهَمٌ ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إِسْقَاطُ الزَّكَاةِ عَنْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ زَائِدَةً عَلَى الْمِائَتَيْنِ ، فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ : وَأَيْضًا فَهُمْ يَقُولُونَ : إِنَّ الصَّاحِبَ إِذَا رَوَى خَبَرًا ، ثُمَّ خَالَفَهُ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ ذَلِكَ الْخَبَرِ ، كَمَا ادَّعَوْا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ : " فِي غَسْلِ الْإِِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعًا " وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، فَالزَّكَاةُ فِيهِ بِحِسَابِ الْمِائَتَيْنِ ، فَلَوْ كَانَ فِي رِوَايَةِ عَلِيٍّ مَا يَدَّعُونَهُ مِنْ إِسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَمَّا بَيْنَ الْمِائَتَيْنِ وَالْأَرْبَعِينَ الزَّائِدَةِ لَكَانَ قَوْلُ عَلِيٍّ : بِإِِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِمَا مُسْقِطًا لِمَا رَوَى مِنْ ذَلِكَ وَالْقَوْمُ مُتَلَاعِبُونَ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : فَسَقَطَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ مِنَ الْآثَارِ ، وَعَادَتْ حُجَّةً عَلَيْهِمْ كَمَا أَوْرَدْنَا ! وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : قَدْ صَحَّتِ الزَّكَاةُ فِي الْأَرْبَعِينَ الزَّائِدَةِ عَلَى الْمِائَتَيْنِ بِإِِجْمَاعٍ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا دُونَ الْأَرْبَعِينَ ، فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا بِاخْتِلَافٍ : فَإِِنَّ هَذَا كَانَ يَكُونُ احْتِجَاجًا صَحِيحًا لَوْ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِإِِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ ، وَلَكِنَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ يَعُودُ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِمْ : فِي زَكَاةِ الْخَيْلِ ، وَزَكَاةِ الْبَقَرِ ، وَمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِمَّا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ وَالْحُلِيُّ وَغَيْرُ ذَلِكَ ، وَيَهْدِمُ عَلَيْهِمْ أَكْثَرَ مَذَاهِبِهِمْ . وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ زَكَاةَ الْعَيْنِ عَلَى زَكَاةِ الْمَوَاشِي بِعِلَّةِ تَكَرُّرِ الصَّدَقَةِ فِي كُلِّ ذَلِكَ كُلَّ عَامٍ بِخِلَافِ زَكَاةِ الزَّرْعِ : فَقِيَاسٌ فَاسِدٌ ، بَلْ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ قِيَاسُ الْعَيْنِ عَلَى الزَّرْعِ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَوَاشِيَ حَيَوَانٌ ، وَالْعَيْنُ ، وَالزَّرْعُ ، وَالتَّمْرُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيَوَانًا ، فَقِيَاسُ زَكَاةِ مَا لَيْسَ حَيًّا عَلَى زَكَاةِ مَا لَيْسَ حَيًّا أَوْلَى مِنْ قِيَاسِ مَا لَيْسَ حَيًّا عَلَى حُكْمِ الْحَيِّ ؟ وَأَيْضًا ، فَإِِنَّ الزَّرْعَ ، وَالتَّمْرَ ، وَالْعَيْنَ كُلَّهَا خَارِجٌ مِنَ الْأَرْضِ ، وَلَيْسَ الْمَاشِيَةُ كَذَلِكَ ، فَقِيَاسُ مَا خَرَجَ مِنَ الْأَرْضِ عَلَى مَا خَرَجَ مِنَ الْأَرْضِ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْأَرْضِ ؟ وَأَيْضًا ، فَإِِنَّهُمْ جَعَلُوا وَقْصَ الْوَرِقِ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَاشِيَةِ وَقْصٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ ، فَظَهَرَ فَسَادُ قِيَاسِهِمْ ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ ، فَسَقَطَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ ؟ ثُمَّ وَجَدْنَا الرِّوَايَةَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، بِمِثْلِ قَوْلِهِمْ : لَا تَصِحُّ ، لِأَنَّهَا عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عُمَرَ ، وَالْحَسَنُ لَمْ يُولَدْ إِلَّا لِسَنَتَيْنِ بَاقِيَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ ، فَبَقِيَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ ، وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِمِثْلِ قَوْلِنَا : وَلَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ خِلَافٌ لِذَلِكَ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : فَإِِذْ لَمْ يَبْقَ لِأَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ مُتَعَلِّقٌ نَظَرْنَا فِي ، الْقَوْلِ الثَّانِي : فَوَجَدْنَا مَا .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

صحابي

عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ

صدوق حسن الحديث

أَبِي إِِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ

ثقة مكثر

أَبُو عَوَانَةَ

ثقة ثبت

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ

ثقة ثبت

أَبُو دَاوُدَ

ثقة حافظ

مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ

ثقة

عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ

مجهول الحال

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.