وَبِمَا ثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْعُذْرِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَعِيدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ الْإسْفَرايِينِيّ فِي دَارِهِ بِمَكَّةَ ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَعْدٍ ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ بْنِ مُوسَى ، نا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ ، نا سَيْفُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : " بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا بَايَعَتْ النِّسَاءُ ، فَمَنْ مَاتَ مِنَّا وَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْهُنَّ : ضَمِنَ لَهُ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ مَاتَ مِنَّا وَأَتَى بِشَيْءٍ فَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ : فَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى " . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَصَحِيحُ السَّنَدِ ، وَمَا نَعْلَمُ لَهُ فِي وَقْتِنَا هَذَا عِلَّةً ، إلَّا أَنَّ الَّذِي لَا نَشُكُّ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ ، وَلَا يَقُولُ إلَّا الْحَقَّ ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصَحِّ سَنَدٍ مِمَّا أَوْرَدْنَا آنِفًا مِنْ طَرِيقِ عُبَادَةَ : " أَنَّ مَنْ أَصَابَ مِنَ الزِّنَى ، وَالسَّرِقَةِ ، وَالْقَتْلِ ، وَالْغَصْبِ : شَيْئًا ، فَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ ، فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ " فَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَشُكَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ قَدْ قَطَعَ بِهِ ، وَبَشَّرَ أُمَّتَهُ بِهِ ، وَهُوَ وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْحَى إلَيْهِ بِهِ . وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا فِيهِ : أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَقُلْ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْكَلَامَ ، وَقَدْ سَمِعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ أَحَدِ الْمُهَاجِرِينَ ، مِمَّنْ سَمِعَهُ ذَلِكَ الصَّاحِبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَعْثِ ، قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ عُبَادَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " إنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَةٌ " فَهَذَا صَحِيحٌ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَا يُعَلِّمُ إلَّا مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، ثُمَّ أَعْلَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ حِينَئِذٍ ، وَأَخْبَرَ بِهِ الْأَنْصَارَ ، إذْ بَايَعُوهُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ ، وَالْحُدُودُ حِينَئِذٍ لَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ بَعْدُ ، لَا حِينَ بَيْعَةِ عُبَادَةَ وَلَا قَبْلَ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ ، لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْلَمَ رَسُولَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَّهُ سَيَكُونُ لِهَذِهِ الذُّنُوبِ حُدُودٌ ، وَعُقُوبَاتٌ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُعْلِمْهُ بِهَا لَكِنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهَا كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا هَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ إنْ صَحَّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ عِلَّةٌ . وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَسَاقِطٌ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ رَشِيدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ . ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي تَكَلَّمْنَا فِيهِ آنِفًا ، وَالْأَمْرُ كَانَ حِينَئِذٍ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَبْيَنُ ، لِأَنَّ إسْلَامَ جَرِيرٍ مُتَأَخِّرٌ جِدًّا بَعْدَ الْفَتْحِ ، لَمْ يُدْرِكْ قَطُّ بَيْعَةَ النِّسَاءِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الْقِتَالِ ، لِأَنَّ إسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ فَصَارَ حَدِيثُ عُبَادَةَ قَاضِيًا عَلَى كُلِّ ذَلِكَ ، وَمُخْبِرًا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مَا لَيْسَ فِي سَائِرِ الْأَخْبَارِ : مِنْ أَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَةٌ لِأَهْلِهَا ، حَاشَ مَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ | جرير بن عبد الله البجلي | صحابي |
قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ | قيس بن أبي حازم البجلي / توفي في :84 | ثقة |
إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ | إسماعيل بن أبي خالد البجلي | ثقة ثبت |
سَيْفُ بْنُ هَارُونَ | سيف بن هارون البرجمي | ضعيف الحديث |
دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ | داود بن رشيد الهاشمي | ثقة |
أَحْمَدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ بْنِ مُوسَى | أحمد بن زنجويه القطان | ثقة |
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَعْدٍ | عبد العزيز بن جعفر | مجهول الحال |
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَعِيدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ الْإسْفَرايِينِيّ | محمد بن أبي سعيد الإسفراييني | مجهول الحال |
أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْعُذْرِيُّ | أحمد بن عمر الأندلسي | حافظ محدث متقن |