وَبِهِ إلَى وَبِهِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ أَنَا حُجَيْرٌ أَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّهُ قَضَى فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصِنْ أَنْ يُنْفَى عَامًا مَعَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ ؟ " . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَكَانَتْ هَذِهِ آثَارٌ مُتَظَاهِرَةٌ رَوَاهَا ثَلَاثَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ ، وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ بِإِيجَابِ تَغْرِيبِ عَامٍ مَعَ جَلْدِ مِائَةٍ عَلَى الزَّانِي الَّذِي لَمْ يُحْصِنْ ، مَعَ إقْسَامِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ بِاللَّهِ تَعَالَى فِي قَضَائِهِ بِهِ أَنَّهُ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ وَحْيُهُ وَحُكْمُهُ مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي الْقُرْآنِ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى { 3 } إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى { 4 } سورة النجم آية 3-4 فَهَذَا نَصُّ الْقُرْآنِ ، فَإِنَّ كُلَّ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَنْ وَحْيٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يَقُولُهُ . وَقَالَ تَعَالَى فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ سورة النساء آية 25 . وَفَرَّقَ عَلَيْهِ السَّلامُ بَيْنَ حَدِّ الْمَمْلُوكِ ، وَحَدِّ الْحُرِّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَلَى الَّذِي أَوْرَدْنَا قَبْلُ فِي بَابِ حَدِّ الْمَمَالِيكِ فَصَحَّ النَّصُّ أَنَّ عَلَى الْمَمَالِيكِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ ، وَذَلِكَ جَلْدُ خَمْسِينَ وَنَفْيُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ لَمْ يَرَ التَّغْرِيبَ عَلَى النِّسَاءِ وَالْمَمَالِيكِ ، فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ الْخَبَرَ الَّذِي قَدْ أَوْرَدْنَاهُ قَبْلُ بِإِسْنَادِهِ ، فَأَغْنَى عَنْ تَرْدَادِهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ : " إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مُجْمَلٌ فَسَّرَهُ غَيْرُهُ ، لِأَنَّهُ إنَّمَا فِيهِ " فَلْيَجْلِدْهَا " وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَدَدَ الْجَلْدِ كَمْ هُوَ ؟ فَصَحَّ أَنَّهُ إنَّمَا أَحَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ بَيَانَ الْجَلْدِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِيهِ عَلَى الْقُرْآنِ ، وَعَلَى الْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ بَيَانُ حُكْمِ الْمَمْلُوكِ فِي الْحُدُودِ ، فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ ، فَلَيْسَ سُكُوتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذِكْرِ التَّغْرِيبِ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ : حُجَّةٌ فِي إبْطَالِ التَّغْرِيبِ الَّذِي قَدْ صَحَّ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصِنْ . كَذَلِكَ لَيْسَ فِي سُكُوتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذِكْرِ عَدَدِ جَلْدِهَا كَمْ هُوَ : حُجَّةٌ فِي إسْقَاطِ مَا قَدْ صَحَّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنْ أَنَّ حَدَّهَا نِصْفُ حَدِّ الْحُرَّةِ . وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا الْخَبَرَ ، لَيْسَ فِيهِ : أَنْ لَا تَغْرِيبَ ، وَلَا أَنَّ التَّغْرِيبَ سَاقِطٌ عَنْهَا ، لَكِنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فَقَطْ ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ تَغْرِيبِهَا ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخَبَرُ مُعَارِضًا لِلْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا النَّفْيُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّ حَقَّ السَّيِّدِ فِي خِدْمَةِ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ ، وَحَقَّ أَهْلِ الْمَرْأَةِ فِيهَا ، فَلَا يَجُوزُ قَطْعُ حُقُوقِهِمْ بِنَفْيِ الْعَبْدِ ، وَالْأَمَةِ ، وَالْمَرْأَةِ ؟ فَيُقَالُ لَهُمْ : لَيْسَ بِشَيْءٍ ، لِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ أَيْضًا فِي زَوْجِهَا وَابْنِهِمْ ، فَلَا يَجُوزُ قَطْعُهُ بِنَفْيِهِمْ . فَإِنْ ادَّعَوْا أَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي سورة النور آية 2 الْآيَةَ ؟ وَقَالُوا : لِأَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ : " ذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا " قَالُوا : صَحَّ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ كَانَ بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ سورة النساء آية 15 الْآيَةَ . قَالَ : فَكَانَ السَّبِيلُ مَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ مِنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ وَالتَّغْرِيبِ . ثُمَّ جَاءَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي سورة النور آية 2 الْآيَةَ ، فَكَانَ نَاسِخًا لِخَبَرِ عُبَادَةَ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : هَذَا كَلَامٌ جَمَعَ التَّخْلِيطَ وَالْكَذِبَ ، أَمَّا التَّخْلِيطُ : فَدَعْوَاهُمْ النَّسْخَ ، وَأَمَّا الْكَذِبُ : فَهُوَ التَّحَكُّمُ مِنْهُمْ فِي أَوْقَاتِ نُزُولِ الْآيَةِ ، وَمَا فِي خَبَرِ عُبَادَةَ بِلَا بُرْهَانٍ . وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ فَنَقُولُ : إنَّ دَعْوَاهُمْ أَنَّ خَبَرَ عُبَادَةَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ مِنْ أَجْلِ مَا فِيهِ خُذُوا عَنِّي : " قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا " فَظَنٌّ مِنْهُمْ ، وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَطْعَ بِالظَّنِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ سورة النجم آية 23 . وَقَالَ تَعَالَى وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا سورة النجم آية 28 . وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ " . لَكِنَّ الْقَوْلَ الصَّحِيحَ فِي هَذَا الْمَكَانِ ، هُوَ أَنَّ الْقَطْعَ بِأَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي سورة النور آية 2 الْآيَةَ ، أَوْ بِأَنَّ نُزُولَ هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ قَبْلَ حَدِيثِ عُبَادَةَ ، فَمِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ . وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ الْآيَةِ قَبْلَ حَدِيثِ عُبَادَةَ ، وَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ ، أَيَّ ذَلِكَ كَانَ لَا يَعْتَرِضُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ ، وَلَا يُعَارِضُ شَيْءٌ مِنْهُ شَيْئًا ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَنَقُولُ : إنَّهُ إنْ كَانَ حَدِيثُ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ ، فَقَدْ صَحَّ مَا فِي حُكْمِ حَدِيثِ عُبَادَةَ مِنَ الْجَلْدِ ، وَالتَّغْرِيبِ ، وَالرَّجْمِ ، وَكَانَتِ الْآيَةُ وَرَدَتْ بِبَعْضِ مَا فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ ، وَأَحَالَنَا اللَّهُ تَعَالَى فِي بَاقِي الْحَدِّ عَلَى مَا سَلَفَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ . وَكَمَا لَمْ تَكُنْ الْآيَةُ مَانِعَةً عِنْدَهُمْ مِنَ الرَّجْمِ الَّذِي ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِهَا بِزَعْمِهِمْ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهَا ، فَكَذَلِكَ لَيْسَتْ مَانِعَةً مِنَ التَّغْرِيبِ الَّذِي ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِهَا بِزَعْمِهِمْ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهَا ، وَلَا فَرْقَ . هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الَّذِي لَا يَجُوزُ تَعَدِّيهِ إنْ كَانَ حَدِيثُ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ ، كَمَا ادَّعَوْا وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ عُبَادَةَ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ ، فَقَدْ جَاءَ بِمَا فِي الْآيَةِ مِنَ الْجَلْدِ ، وَزِيَادَةِ الرَّجْمِ ، وَالتَّغْرِيبِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ ، وَلَمْ يَكُنْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ : " قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا " بِمُوجِبٍ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ وَلَا بُدَّ ، بَلْ قَدْ تَنْزِلُ الْآيَةُ بِبَعْضِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُنَّ ، ثُمَّ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ تَمَامَ السَّبِيلِ ، وَهُوَ الرَّجْمُ ، وَالتَّغْرِيبُ الْمُضَافَانِ إلَى مَا فِي الْآيَةِ مِنَ الْجَلْدِ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي هُرَيْرَةَ | أبو هريرة الدوسي / توفي في :57 | صحابي |
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ | سعيد بن المسيب القرشي | أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار |
ابْنِ شِهَابٍ | محمد بن شهاب الزهري / ولد في :52 / توفي في :124 | الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه |
عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ | عقيل بن خالد الأيلي / توفي في :144 | ثقة ثبت |
اللَّيْثُ | الليث بن سعد الفهمي / ولد في :94 / توفي في :175 | ثقة ثبت فقيه إمام مشهور |
حُجَيْرٌ | حجير بن عبد الله الكندي | مجهول الحال |
مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ | محمد بن رافع القشيري / توفي في :245 | ثقة |
أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ | أحمد بن شعيب النسائي | ثقة ثبت حافظ |