مسالة التعريض هل فيه حد او تحليف ام لا حد فيه ولا تحليف


تفسير

رقم الحديث : 1494

وَبِهِ إلَى وَبِهِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ أَنَا حُجَيْرٌ أَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّهُ قَضَى فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصِنْ أَنْ يُنْفَى عَامًا مَعَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ ؟ " . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَكَانَتْ هَذِهِ آثَارٌ مُتَظَاهِرَةٌ رَوَاهَا ثَلَاثَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ ، وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ بِإِيجَابِ تَغْرِيبِ عَامٍ مَعَ جَلْدِ مِائَةٍ عَلَى الزَّانِي الَّذِي لَمْ يُحْصِنْ ، مَعَ إقْسَامِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ بِاللَّهِ تَعَالَى فِي قَضَائِهِ بِهِ أَنَّهُ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ وَحْيُهُ وَحُكْمُهُ مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي الْقُرْآنِ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى { 3 } إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى { 4 } سورة النجم آية 3-4 فَهَذَا نَصُّ الْقُرْآنِ ، فَإِنَّ كُلَّ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَنْ وَحْيٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يَقُولُهُ . وَقَالَ تَعَالَى فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ سورة النساء آية 25 . وَفَرَّقَ عَلَيْهِ السَّلامُ بَيْنَ حَدِّ الْمَمْلُوكِ ، وَحَدِّ الْحُرِّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَلَى الَّذِي أَوْرَدْنَا قَبْلُ فِي بَابِ حَدِّ الْمَمَالِيكِ فَصَحَّ النَّصُّ أَنَّ عَلَى الْمَمَالِيكِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ ، وَذَلِكَ جَلْدُ خَمْسِينَ وَنَفْيُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ لَمْ يَرَ التَّغْرِيبَ عَلَى النِّسَاءِ وَالْمَمَالِيكِ ، فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ الْخَبَرَ الَّذِي قَدْ أَوْرَدْنَاهُ قَبْلُ بِإِسْنَادِهِ ، فَأَغْنَى عَنْ تَرْدَادِهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ : " إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مُجْمَلٌ فَسَّرَهُ غَيْرُهُ ، لِأَنَّهُ إنَّمَا فِيهِ " فَلْيَجْلِدْهَا " وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَدَدَ الْجَلْدِ كَمْ هُوَ ؟ فَصَحَّ أَنَّهُ إنَّمَا أَحَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ بَيَانَ الْجَلْدِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِيهِ عَلَى الْقُرْآنِ ، وَعَلَى الْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ بَيَانُ حُكْمِ الْمَمْلُوكِ فِي الْحُدُودِ ، فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ ، فَلَيْسَ سُكُوتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذِكْرِ التَّغْرِيبِ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ : حُجَّةٌ فِي إبْطَالِ التَّغْرِيبِ الَّذِي قَدْ صَحَّ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصِنْ . كَذَلِكَ لَيْسَ فِي سُكُوتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذِكْرِ عَدَدِ جَلْدِهَا كَمْ هُوَ : حُجَّةٌ فِي إسْقَاطِ مَا قَدْ صَحَّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنْ أَنَّ حَدَّهَا نِصْفُ حَدِّ الْحُرَّةِ . وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا الْخَبَرَ ، لَيْسَ فِيهِ : أَنْ لَا تَغْرِيبَ ، وَلَا أَنَّ التَّغْرِيبَ سَاقِطٌ عَنْهَا ، لَكِنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فَقَطْ ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ تَغْرِيبِهَا ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخَبَرُ مُعَارِضًا لِلْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا النَّفْيُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّ حَقَّ السَّيِّدِ فِي خِدْمَةِ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ ، وَحَقَّ أَهْلِ الْمَرْأَةِ فِيهَا ، فَلَا يَجُوزُ قَطْعُ حُقُوقِهِمْ بِنَفْيِ الْعَبْدِ ، وَالْأَمَةِ ، وَالْمَرْأَةِ ؟ فَيُقَالُ لَهُمْ : لَيْسَ بِشَيْءٍ ، لِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ أَيْضًا فِي زَوْجِهَا وَابْنِهِمْ ، فَلَا يَجُوزُ قَطْعُهُ بِنَفْيِهِمْ . فَإِنْ ادَّعَوْا أَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي سورة النور آية 2 الْآيَةَ ؟ وَقَالُوا : لِأَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ : " ذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا " قَالُوا : صَحَّ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ كَانَ بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ سورة النساء آية 15 الْآيَةَ . قَالَ : فَكَانَ السَّبِيلُ مَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ مِنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ وَالتَّغْرِيبِ . ثُمَّ جَاءَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي سورة النور آية 2 الْآيَةَ ، فَكَانَ نَاسِخًا لِخَبَرِ عُبَادَةَ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : هَذَا كَلَامٌ جَمَعَ التَّخْلِيطَ وَالْكَذِبَ ، أَمَّا التَّخْلِيطُ : فَدَعْوَاهُمْ النَّسْخَ ، وَأَمَّا الْكَذِبُ : فَهُوَ التَّحَكُّمُ مِنْهُمْ فِي أَوْقَاتِ نُزُولِ الْآيَةِ ، وَمَا فِي خَبَرِ عُبَادَةَ بِلَا بُرْهَانٍ . وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ فَنَقُولُ : إنَّ دَعْوَاهُمْ أَنَّ خَبَرَ عُبَادَةَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ مِنْ أَجْلِ مَا فِيهِ خُذُوا عَنِّي : " قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا " فَظَنٌّ مِنْهُمْ ، وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَطْعَ بِالظَّنِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ سورة النجم آية 23 . وَقَالَ تَعَالَى وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا سورة النجم آية 28 . وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ " . لَكِنَّ الْقَوْلَ الصَّحِيحَ فِي هَذَا الْمَكَانِ ، هُوَ أَنَّ الْقَطْعَ بِأَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي سورة النور آية 2 الْآيَةَ ، أَوْ بِأَنَّ نُزُولَ هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ قَبْلَ حَدِيثِ عُبَادَةَ ، فَمِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ . وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ الْآيَةِ قَبْلَ حَدِيثِ عُبَادَةَ ، وَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ ، أَيَّ ذَلِكَ كَانَ لَا يَعْتَرِضُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ ، وَلَا يُعَارِضُ شَيْءٌ مِنْهُ شَيْئًا ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَنَقُولُ : إنَّهُ إنْ كَانَ حَدِيثُ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ ، فَقَدْ صَحَّ مَا فِي حُكْمِ حَدِيثِ عُبَادَةَ مِنَ الْجَلْدِ ، وَالتَّغْرِيبِ ، وَالرَّجْمِ ، وَكَانَتِ الْآيَةُ وَرَدَتْ بِبَعْضِ مَا فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ ، وَأَحَالَنَا اللَّهُ تَعَالَى فِي بَاقِي الْحَدِّ عَلَى مَا سَلَفَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ . وَكَمَا لَمْ تَكُنْ الْآيَةُ مَانِعَةً عِنْدَهُمْ مِنَ الرَّجْمِ الَّذِي ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِهَا بِزَعْمِهِمْ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهَا ، فَكَذَلِكَ لَيْسَتْ مَانِعَةً مِنَ التَّغْرِيبِ الَّذِي ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِهَا بِزَعْمِهِمْ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهَا ، وَلَا فَرْقَ . هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الَّذِي لَا يَجُوزُ تَعَدِّيهِ إنْ كَانَ حَدِيثُ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ ، كَمَا ادَّعَوْا وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ عُبَادَةَ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ ، فَقَدْ جَاءَ بِمَا فِي الْآيَةِ مِنَ الْجَلْدِ ، وَزِيَادَةِ الرَّجْمِ ، وَالتَّغْرِيبِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ ، وَلَمْ يَكُنْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ : " قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا " بِمُوجِبٍ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ وَلَا بُدَّ ، بَلْ قَدْ تَنْزِلُ الْآيَةُ بِبَعْضِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُنَّ ، ثُمَّ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ تَمَامَ السَّبِيلِ ، وَهُوَ الرَّجْمُ ، وَالتَّغْرِيبُ الْمُضَافَانِ إلَى مَا فِي الْآيَةِ مِنَ الْجَلْدِ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي هُرَيْرَةَ

صحابي

سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار

ابْنِ شِهَابٍ

الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه

عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ

ثقة ثبت

اللَّيْثُ

ثقة ثبت فقيه إمام مشهور

حُجَيْرٌ

مجهول الحال

مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ

ثقة

أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ

ثقة ثبت حافظ

Whoops, looks like something went wrong.