مسالة مقدار ما يجب فيه قطع السارق


تفسير

رقم الحديث : 1655

وَقَدْ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا سَحْنُونٌ نا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَيْسَ عَلَى الْخَائِنِ ، وَلَا عَلَى الْمُخْتَلِسِ ، وَلَا عَلَى الْمُنْتَهِبِ : قَطْعٌ " . قَالَ : وَتَحْتَمِلُ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِهَا : أَنَّهُمْ أَرَادُوا التَّعْرِيفَ بِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي كَانَتِ اسْتَعَارَتْ الْحُلِيَّ وَسَرَقَتْ ، فَقُطِعَتْ لِلسَّرِقَةِ لَا لِلْعَارِيَّةِ . قَالُوا : وَهَذَا كَمَا رُوِيَ " أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ " . وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ فَأَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ ، قَالُوا : وَلَيْسَ مِنْ أَجَلِ الْحِجَامَةِ أَخْبَرَ بِأَنَّهُمَا أَفْطَرَا ، لَكِنْ بِغَيْرِ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الصَّفِّ أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ ، لَكِنْ بِغَيْرِ ذَلِكَ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : هَذَا كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ قَدْ تَقَصَّيْنَاهُ ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : أَمَّا كَلَامُهُمْ فِي اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِهِ لِأَنَّ مَعْمَرًا ، وَشُعَيْبَ بْنَ أَبِي حَمْزَةَ ، رَوَيَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهُمَا فِي غَايَةِ الثِّقَةِ وَالْجَلَالَةِ وَكَذَلِكَ أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى ، كُلُّهُمْ يَقُولُونَ : إنَّهَا كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ فَتَجْحَدُهُ ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهَا ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَضْطَرِبْ عَلَى مَعْمَرٍ فِي ذَلِكَ ، وَلَا عَلَى شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَإِنْ كَانَا خَالَفَهُمَا : اللَّيْثُ ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ . فَإِنَّ اللَّيْثَ قَدِ اضْطَرَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا ، وَكَذَلِكَ عَلَى يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ، فَإِنْ اللَّيْثَ ، وَيُونُسَ ، وَإِسْمَاعِيلَ ، وَإِسْحَاقَ لَيْسُوا فَوْقَ مَعْمَرٍ ، وَشُعَيْبٍ ، فِي الْحِفْظِ ، وَقَدْ وَافَقَهُمَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ . وَأَمَّا تَنْظِيرُهُمْ فِي ذَلِكَ بِالثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِمْ : " أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ " . وَبِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ . فَمَا زَادُوا عَلَى أَنْ فَضَحُوا أَنْفُسَهُمْ ، وَاسْتَحَلُّوا فِي الْكَذِبِ الَّذِي لَا يَسْتَسْهِلُهُ مُسْلِمٌ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ : إنَّهُمَا أَفْطَرَا لِأَنَّهُمَا كَانَا يَغْتَابَانِ النَّاسَ ؟ فَقِيلَ لَهُمْ : فَمَنِ اغْتَابَ النَّاسَ وَهُوَ صَائِمٌ أَفْطَرَ عِنْدَكُمْ ؟ قَالُوا : لَا . وَهَذِهِ مَضَاحِكُ وَشَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ وَاسْتِخْفَافٌ بِأَوَامِرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْكَذِبِ عَلَيْهِ ، أَنْ يَقُولَ عَلَيْهِ السَّلامُ " أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ " فَيَقُولُونَ هُمْ : لَمْ يُفْطِرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا . فَإِنْ قِيلَ لَهُمْ : أَتُكَذِّبُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ أَفْطَرَا ؟ قَالُوا أَفْطَرَا بِغَيْرِ ذَلِكَ ، وَهُوَ الْغِيبَةُ . فَإِنْ قِيلَ لَهُمْ : أَتُفَطِّرُ الْغِيبَةُ ؟ قَالُوا : لَا . فَرَجَعُوا إلَى مَا فَرُّوا عَنْهُ كَيْدًا لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ ، وَلِمَنْ اغْتَرَّ بِهِمْ مِنَ الضُّعَفَاءِ الْمَخَاذِيلِ . وَأَمَّا حَدِيثُ : أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ ، فَلَوْ لَمْ يَرْوِ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ بِالْأَسَانِيدِ الثَّابِتَةِ أَمْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِإِقَامَةِ الصُّفُوفِ ، وَالتَّرَاصِّ فِيهَا ، وَالْوَعِيدِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ : لَأَمْكَنَ أَنْ يُعْذَرُوا بِالْجَهْلِ ، فَكَيْفَ وَلَا عُذْرَ لَهُمْ ؟ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُظَنَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِأُمَّتِهِ " أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ " . وَأَمَرَ الْمُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ ، بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ . ثُمَّ لَا يُبَيِّنُ لَهُمُ الْوَجْهَ الَّذِي أَفْطَرَا ، بِهِ ، وَلَا الْوَجْهَ الَّذِي أَمَرَ مِنْ أَجَلِهِ الْمُصَلِّيَ خَلْفَ الصَّفِّ ، بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ . فَهَذَا طَعْنٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ لِأَمْرٍ لَمْ يُبَيِّنُهُ عَلَيْنَا . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إنَّ الْمُسْتَعِيرَ الْجَاحِدَ : خَائِنٌ ، وَلَا قَطْعَ عَلَى خَائِنٍ ، وَالْحَدِيثُ بِذَلِكَ عَنْ جَابِرٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ فَسَادَ هَذَا الْخَبَرِ فِي صَدْرِ كَلَامِنَا فِي قَطْعِ السَّارِقِ ، وَأَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، وَأَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ جَابِرٍ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّدْلِيسِ . فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهَذَا الْخَبَرِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى نَسْتَعِينُ : إنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدَهَا ، وَرِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّهَا سَرَقَتْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهَا : صَحِيحَانِ ، لَا مَغْمَزَ فِيهِمَا لِأَنَّ كِلَيْهِمَا مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ الَّتِي تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ فِي الدِّينِ عَلَى مَا أَوْرَدْنَا . وَالْعَجَبُ كُلُّهُ فِيمَنْ يَتَعَلَّلُ فِي رَدِّ هَذِهِ السُّنَّةِ بِهَذَا الِاضْطِرَابِ ، وَهُمْ يَأْخُذُونَ بِحَدِيثِ " لَا قَطْعَ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ " . وَبِحَدِيثِ الْقَطْعِ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَهُمَا مِنَ الِاضْطِرَابِ بِحَيْثُ قَدْ ذَكَرْنَاهُ ، وَذَلِكَ الِاضْطِرَابُ أَشَدُّ مِنَ الِاضْطِرَابِ فِي هَذَا الْخَبَرِ بِكَثِيرٍ ، أَوْ يَأْخُذُ بِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ : قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَلَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ أَنَّ ذَلِكَ حَدُّ الْقَطْعِ ، وَقَدْ عَارَضَهُ مِثْلُهُ فِي الصِّحَّةِ مِنَ الْقَطْعِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَإِنَّ فِي هَذَا الْوَجْهِ مِنَ الِاضْطِرَابِ لَيْسَ عِلَّةً فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ ، فَلِنَقُلْ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى : إنَّ فِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا : اسْتَعَارَتْ الْمَتَاعَ فَجَحَدَتْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِهَا وَفِي الْأُخْرَى : أَنَّهَا سَرَقَتْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهَا : لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَا فِي قِصَّتَيْنِ اثْنَتَيْنِ ، فِي امْرَأَتَيْنِ مُتَغَايِرَتَيْنِ ، أَوْ يَكُونَا فِي قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ ، فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ ؟ فَإِنْ كَانَتْ فِي قِصَّتَيْنِ ، وَفِي امْرَأَتَيْنِ ، فَقَدِ انْقَطَعَ الْهَذْرُ ، وَبَطَلَ الشَّغَبُ جُمْلَةً ، وَيَكُونُ الْكَلَامُ فِي شَفَاعَةِ أُسَامَةَ فِيهِمَا جَمِيعًا ، عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنَ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّهُ شَفَعَ فِي السَّرِقَةِ فَنُهِيَ ، ثُمَّ شَفَعَ فِي الْمُسْتَعِيرَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ حَدَّ ذَلِكَ أَيْضًا الْقَطْعُ . عَلَى أَنَّنَا لَوْ شِئْنَا الْقَطْعَ ، فَإِنَّهُمَا امْرَأَتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ ، وَقَضِيَّتَانِ اثْنَتَانِ ، لَكَانَ لَنَا مُتَعَلَّقٌ ، بِخِلَافِ دَعَاوِيهمْ الْمُجَرَّدَةِ مِنْ كُلِّ عَلْقَةٍ ، إلَّا مِنَ الْمُجَاهِرَةِ بِالْبَاطِلِ ، وَالْجَسْرِ عَلَى الْكَذِبِ ، لَكَانَ .

الرواه :

الأسم الرتبة
جَابِرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ

صحابي

أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ

صدوق إلا أنه يدلس

ابْنَ جُرَيْجٍ

ثقة

ابْنُ وَهْبٍ

ثقة حافظ

سَحْنُونٌ

ثقة حافظ

ابْنُ وَضَّاحٍ

ثقة

قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ

ثقة حافظ ثبت

ابْنُ مُفَرِّجٍ

ثقة حافظ

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.