مسالة فعل قوم لوط


تفسير

رقم الحديث : 1686

بِمَا نا أَحْمَدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ دُلَيْمٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلَّاصِ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ ثَنْي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " الَّذِي يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَارْجُمُوا الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ ، وَقَالَ فِيهِ : وَقَالَ : أَحْصَنَا أَوْ لَمْ يُحْصِنَا " . فَهَذَا كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ قَدْ تَقَصَّيْنَاهُ وَكُلُّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . أَمَّا فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْمِ لُوطٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَمَا ظَنُّوا ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ { 33 } إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ سورة القمر آية 33-37 . وَقَالَ تَعَالَى إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ سورة العنكبوت آية 33 . قَالَ تَعَالَى إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ سورة هود آية 81 الْآيَةُ ، فَنَصَّ تَعَالَى نَصًّا جَلِيًّا عَلَى أَنَّ قَوْمَ لُوطٍ كَفَرُوا ، فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمُ الْحَاصِبَ . فَصَحَّ : أَنَّ الرَّجْمَ الَّذِي أَصَابَهُمْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَاحِشَةِ وَحْدَهَا ، لَكِنْ لِلْكُفْرِ وَلَهَا : فَلَزِمَهُمْ أَنْ لَا يَرْجُمُوا مَنْ فَعَلَ فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ كَافِرًا ، وَإِلَّا فَقَدْ خَالَفُوا حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَأَبْطَلُوا احْتِجَاجَهُمْ بِالْآيَةِ ، إذْ خَالَفُوا حُكْمَهَا . وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ : أَنَّ امْرَأَةَ لُوطٍ أَصَابَهَا مَا أَصَابَهُمْ ، وَقَدْ عَلِمَ كُلُّ ذِي مَسْكَةِ عَقْلٍ أَنَّهَا لَمْ تَعْمَلْ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ . فَصَحَّ : أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الْعَمَلِ وَحْدَهُ ، بِلَا مِرْيَةٍ . فَإِنْ قَالُوا : إنَّهَا كَانَتْ تُعِينُهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ ؟ قُلْنَا : فَارْجُمُوا كُلَّ مَنْ أَعَانَ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ بِدَلَالَةٍ أَوْ قِيَادَةٍ وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضْتُمْ وَأَبْطَلْتُمْ احْتِجَاجَكُمْ بِالْقُرْآنِ ، وَخَالَفْتُمُوهُ . وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُمْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ ، فَطَمَسَ أَعْيُنَهُمْ ، فَيَلْزَمُهُمْ وَلَا بُدَّ أَنْ يُسْمِلُوا عُيُونَ فَاعِلِي فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْجُمْهُمْ فَقَطْ ، لَكِنْ طَمَسَ أَعْيُنَهُمْ ، ثُمَّ رَجَمَهُمْ ، فَإِذْ لَمْ يَفْعَلُوا هَذَا ، فَقَدْ خَالَفُوا حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِمْ ، وَأَبْطَلُوا حُجَّتَهُمْ . وَيَلْزَمُهُمْ أَيْضًا أَنْ يَطْمِسُوا عَيْنَيْ كُلَّ مَنْ رَاوَدَ آخَرَ . وَيَلْزَمُ أَيْضًا أَنْ يُحْرِقُوا بِالنَّارِ مَنْ أَنْقَصَ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْرَقَ بِالنَّارِ قَوْمَ شُعَيْبٍ فِي ذَلِكَ . وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقْتُلُوا مِنْ عُقْرِ نَاقَةِ آخَرَ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَهْلَكَ قَوْمَ صَالِحٍ إذْ عَقَرُوا النَّاقَةَ ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْمَ لُوطٍ بِطَمْسِ الْعُيُونِ ، وَالرَّجْمِ إذْ أَتَوْا تِلْكَ الْفَاحِشَةَ وَبَيْنَ إحْرَاقِ قَوْمِ شُعَيْبٍ إذْ بَخَسُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ وَبَيْنَ إهْلَاكِهِ قَوْمِ صَالِحٍ إذْ عَقَرُوا النَّاقَةَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا { 13 } فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا سورة الشمس آية 13-14 إلَى آخِرِ السُّورَةِ . ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ لَمْ يَرَ فِي ذَلِكَ حَدًّا : فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ إلَى قَوْلِهِ إِلا مَنْ تَابَ سورة الفرقان آية 68-70 . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : كُفْرٌ بَعْدَ إيمَانٍ وَزِنًى بَعْدَ إحْصَانٍ أَوْ نَفْسًا بِنَفْسٍ " . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ : " إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ " فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى دَمَ كُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ إلَّا بِالْحَقِّ ، وَلَا حَقَّ إلَّا فِي نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ . وَحَرَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّمَ إلَّا بِمَا أَبَاحَهُ بِهِ مِنَ الزِّنَى بَعْدَ الْحِصَانِ ، وَالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَالْقَوَدِ وَالْمَحْدُودِ فِي الْخَمْرِ ثَلَاثًا ، وَالْمُحَارِبُ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ وَلَيْسَ فَاعِلُ فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ ، فَدَمُهُ حَرَامٌ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ ، وَقَدْ قُلْنَا : إنَّهُ لَا يَصِحُّ أَثَرٌ فِي قَتْلِهِ ؟ نَعَمْ ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا فِي ذَلِكَ شَيْءٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، وَعَلِيٍّ ، وَالصَّحَابَةِ إنَّمَا هِيَ مُنْقَطِعَةٌ : وَإِحْدَاهَا عَنِ ابْنِ سَمْعَانَ عَنْ مَجْهُولٍ . وَالْأُخْرَى عَمَّنْ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى رِوَايَتِهِ . وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَإِحْدَاهُمَا عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَيْسٍ الضَّبِّيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ مَطَرٍ وَكُلُّهُمْ مَجْهُولُونَ وَالرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَابْنِ عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ مَجْهُولِينَ . فَبَطَلَ أَنْ يَتَعَلَّقَ أَحَدٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِشَيْءٍ يَصِحُّ وَأَمَّا مَنْ رَأَى دُونَ الْحَدِّ ، فَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَإِذْ قَدْ صَحَّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا قَتْلَ عَلَيْهِ وَلَا حَدَّ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ وَلَا رَسُولَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ أَتَى مُنْكَرًا فَالْوَاجِبُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَغْيِيرُ الْمُنْكَرِ بِالْيَدِ ، فَوَاجِبٌ أَنْ يَضْرِبَ التَّعْزِيرَ الَّذِي حَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ لَا أَكْثَرَ ، وَيَكُفُّ ضَرَرَهُ عَنِ النَّاسِ فَقَطْ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي هُرَيْرَةَ

صحابي

أَبِيهِ

ثقة ثبت

سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ

ثقة

عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ

ضعيف الحديث

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ

صدوق حسن الحديث

يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى

ثقة

مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ

صدوق حسن الحديث

مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ

صدوق حسن الحديث

مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلَّاصِ

مجهول الحال

أَحْمَدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ دُلَيْمٍ

مجهول الحال

Whoops, looks like something went wrong.