حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هَذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ فَلْيَحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ ، فَإِنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " . فَهَذِهِ الآثَارُ الصِّحَاحُ الَّتِي لا دَاخِلَةَ فِيهَا تَشْهَدُ بِبُطْلانِ قَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّ فَسْخَ الْحَجِّ مَنْسُوخٌ ، إِذْ فِيهَا كَمَا تَرَى شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ عَلَى جَابِرٍ ، وَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ، وَشَهَادَةُ عَدْلَيْنِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسِ ، وَهُمَا مُجَاهِدٌ ، وَطَاوُسٌ ، بِإِخْبَارِ جَابِرٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ لَيْسَ لَهُمْ خَاصَّةً ، بَلْ لأَبَدِ الأَبَدِ وَإِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَقَدْ أَمِنَّا نَسْخَهُ وَأَيْقَنَّا أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَخَ أَبَدًا ، لأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ يَكُونُ كَاذِبًا حِينَئِذٍ ، وَمَنْ ظَنَّ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَارْتَفَعَ الزَّيْفُ جُمْلَةً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . وَقَدْ رُوِّينَا أَيْضًا دُخُولَ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُمْ خَاصَّةً وَلا لِعَامِهِمْ ذَلِكَ ، مُرْسَلا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مُجَاهِدٍ ، وَطَاوُسٍ ، وَمَسْرُوقٍ ، وَلَسْنَا نَحْتَجُّ بِهَذِهِ الْمُرْسَلاتِ ، وَإِنَّمَا نَحْتَجُّ بِالْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرْنَا ، وَإِنَّمَا نَبَّهْنَا عَلَى هَذِهِ الْمَرَاسِيلِ ؛ حُجَّةً عَلَى مَنْ يَرَى أَنَّ الْمُسْنَدَ مِثْلُ الْمُرْسَلِ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَقَدْ حَاجَّ الطَّحَاوِيُّ فِي هَذَا الْمَكَانِ ، فَقَالَ لَنَا : مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ : " لأَبَدِ الأَبَدِ " إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ جَوَازَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَلَيْسَ فِي الْمُجَاهَرَةِ بِرَدِّ الْحَقِّ أَقْبَحُ مِنْ هَذَا لأَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا يُكَذِّبُ قَوْلَ الطَّحَاوِيِّ ، لأَنَّ سُرَاقَةَ بَيَّنَ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَجَابِرٍ ، أَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُتْعَةِ الَّتِي هِيَ فَسْخُ الْحَجِّ ، لا عَنْ جَوَازِ الْعُمْرَةِ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ ، لأَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَهُ بِعَقِبِ أَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ مَنْ لا هَدْيَ مَعَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ ، فَقَالَ لَهُ سُرَاقَةُ : هِيَ لَنَا أَمْ لِلأَبَدِ ؟ فَأَجَابَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَمَّا سَأَلَهُ ، لا عَمَّا لَمْ يَسْأَلْهُ ، وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَيْضًا مَعَهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ اتِّصَالُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ : " إِنَّ الْعُمْرَةَ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " بِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ مَنْ لا هَدْيَ مَعَهُ بِالإِحْلالِ ، فَبَيَّنَ بَيَانًا جَلِيًّا أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ لِمَنْ لا هَدْيَ مَعَهُ فِي عُمْرَةٍ بَاقٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَبَطَلَ بِذَلِكَ دَعْوَى الْخُصُوصِ وَالْفَسْخِ وَالتَّأْوِيلاتِ جُمْلَةً . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَلَوْ صَحَّ حَدِيثُ بِلالِ بْنِ الْحَارِثِ وَقَوْلُ أَبِي ذَرٍّ ، وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، لَمَا كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَيْنَا ، بَلْ كَانَ يَكُونُ مُوَافِقًا لَنَا لأَنَّ مَعْنَى : إِنَّ فَسْخَ الْحَجِّ لِلصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ خَاصٌّ ، كَانَ يَكُونُ مَعْنَاهُ لَوْ صَحَّ عَمَّا ذَكَرْنَا هَذَا الْقَوْلَ أَنَّهُ لَيْسَ لأَحَدٍ بَعْدَ الصَّحَابَةِ أَنْ يَبْتَدِئَ حَجًّا مُفْرِدًا يَحْتَاجُ إِلَى فَسْخِهِ فِي عُمْرَةٍ ، لَكِنْ يَفْعَلُ مَا أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ ، وَهُوَ أَنْ يُهِلَّ بِالْعُمْرَةِ فَقَطْ ، إِذْ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا ، ثُمَّ إِذَا حَلَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَوْ يُهِلَّ بِالْقِرْانِ إِنْ سَاقَ هَدْيًا ، وَأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا بِخِلافِ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَبْدَءُوا بِحَجٍّ مُفْرَدٍ ، ثُمَّ فَسَخُوهُ ، فَأَجْزَأَهُمْ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ اللَّفْظُ ، لَكَانَ حُجَّةً لَنَا لا لَهُمْ فَكَيْفَ ؟ وَهُوَ لا يَصِحُّ ، فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ كَانَ مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرِدًا جَاهِلًا أَوْ مُتَأَوِّلًا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَتِهِ الْوَاجِبَةِ ، كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفِيهِمْ أَعْظَمُ الأُسْوَةِ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ ، وَكَمَا أَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ بَاقٍ لأَبَدٍ آبِدٍ ، وَقَدْ تَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ فِي مُخَالَفَةِ الْقَوْلِ بِفَسْخِ الْحَجِّ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنِ عَبَّاسٍ | عبد الله بن العباس القرشي / توفي في :68 | صحابي |
مُجَاهِدٍ | مجاهد بن جبر القرشي / ولد في :19 / توفي في :102 | ثقة إمام في التفسير والعلم |
الْحَكَمِ | الحكم بن عتيبة الكندي | ثقة ثبت |
شُعْبَةُ | شعبة بن الحجاج العتكي | ثقة حافظ متقن عابد |
أَبِي | معاذ بن معاذ العنبري / ولد في :119 / توفي في :196 | ثقة متقن |
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ | عبيد الله بن معاذ العنبري / توفي في :237 | ثقة حافظ |
مُسْلِمٌ | مسلم بن الحجاج القشيري / ولد في :204 / توفي في :261 | ثقة حافظ إمام |
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ | أحمد بن علي القلانسي | مجهول الحال |
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ | أحمد بن محمد الأشقر | صدوق حسن الحديث |
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى | عبد الوهاب بن عيسى البغدادي / توفي في :388 | ثقة |
أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ | أحمد بن فتح المعافري | ثقة |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ | عبد الله بن يوسف بن بابي / ولد في :348 / توفي في :435 | صدوق حسن الحديث |