وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , قَالَ : أَخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيُّ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدٍ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلا يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ , أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ كَادَ يَدْعُو اللَّهَ بِاسْمِهِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ , وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى " ، تَابَعَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ مَوْلَى آلِ رِفَاعَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى " الْبَدِيعِ " : أَنَّهُ الْمُبْدِعُ وَهُوَ مُحْدِثُ مَا لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ قَطُّ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ سورة البقرة آية 117 أَيْ مُبْدِعُهُمَا ، وَالْمُبْدِعُ مَنْ لَهُ إِبْدَاعٌ ، فَلَمَّا ثَبَتَ وُجُودُ الإِبْدَاعِ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ لِعَامَّةِ الْجَوَاهِرِ وَالأَعْرَاضِ , اسْتَحَقَّ أَنْ يُسَمَّى بَدِيعًا أَوْ مُبْدِعًا وَمِنْهَا " الْبَارِئُ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ سورة الحشر آية 24 ، وَقَدْ رُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الأَسَامِي ، قَالَ الْحَلِيمِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهَذَا الاسْمُ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمُوجِدُ لِمَا كَانَ فِي مَعْلُومِهِ مِنْ أَصْنَافِ الْخَلائِقِ ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ : مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا سورة الحديد آية 22 ، وَلا شَكَّ أَنَّ إِثْبَاتَ الإِبْدَاعِ وَالاعْتِرَافَ بِهِ لِلْبَارِي جَلَّ وَعَزَّ لَيْسَ يَكُونُ عَلَى أَنَّهُ أَبْدَعَ بَغْتَةً مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ سَبَقَ لَهُ بِمَا هُوَ مُبْدِعُهُ , لَكِنْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِمَا أَبْدَعَ قَبْلَ أَنْ يُبْدَعَ , فَكَمَا وَجَبَ لَهُ عِنْدَ الإِبْدَاعِ اسْمُ الْبَدِيعِ , وَجَبَ لَهُ اسْمُ الْبَارِئُ وَالآخَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَارِئِ قَالِبُ الأَعْيَانِ , أَيْ أَنَّهُ أَبْدَعَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ وَالنَّارَ وَالْهَوَاءَ لا مِنْ شَيْءٍ , ثُمَّ خَلَقَ مِنْهَا الأَجْسَامَ الْمُخْتَلِفَةَ كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَزَّ : وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ سورة الأنبياء آية 30 ، وَقَالَ : إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ سورة ص آية 71 , وَقَالَ : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ سورة الروم آية 20 , وَقَالَ : خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ سورة النحل آية 4 , وَقَالَ : خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ { 14 } وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ سورة الرحمن آية 14-15 , وَقَالَ : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ { 12 } ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ { 13 } ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ سورة المؤمنون آية 12-14 ، فَيَكُونُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ بَرَأَ الْقَوَّاسُ الْقَوْسَ إِذَا صَنَعَهَا مِنْ مَوَادِّهَا الَّتِي كَانَتْ لَهَا ، فَجَاءَتْ مِنْهَا لا كَهَيْئَتِهَا , وَالاعْتِرَافُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالإِبْدَاعِ يَقْتَضِي الاعْتِرَافَ لَهُ بِالْبَرْءِ إِذْ كَانَ الْمُعْتَرِفُ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مَنْقُولٌ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ , إِلَى أَنْ صَارَ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى الاعْتِقَادِ وَالاعْتِرَافِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَمِنْهَا " الذَّارِئُ " قَالَ الْحَلِيمِيُّ : وَمَعْنَاهُ الْمُنْشِئُ وَالْمُنَمِّي , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ سورة الشورى آية 11 أَيْ جَعَلَ لَكُمْ أَزْوَاجًا ذُكُورًا وَإِنَاثًا لِيُنْشِئَكُمْ وَيُكَثِّرَكُمْ وَيُنَمِّيكُمْ , فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ الذَّرْءَ مَا قُلْنَا , وَصَارَ الاعْتِرَافُ بِالإِبْدَاعِ يُلْزِمُ مِنَ الاعْتِرَافِ بِالذَّرْءِ مَا أَلْزَمَ مِنَ الاعْتِرَافِ بِالْبَرْءِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ | أنس بن مالك الأنصاري | صحابي |
إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدٍ | إبراهيم بن عبيد الأنصاري | صدوق حسن الحديث |
عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيُّ | عياض بن عبد الله القرشي | مقبول |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ | عبد الله بن وهب القرشي / ولد في :125 / توفي في :197 | ثقة حافظ |
الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ | الربيع بن سليمان المرادي | ثقة |
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ | محمد بن يعقوب الأموي / ولد في :247 / توفي في :346 | ثقة حافظ |
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ | الحاكم النيسابوري / ولد في :321 / توفي في :405 | ثقة حافظ |