أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحافظ ، نا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّفَّارُ ، نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ اللَّبَّادُ ، نا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ ، نا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ , عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، فِي قِصَّةِ خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، قَالَ : " فَبَعَثَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى الأَرْضِ لِيَأْتِيَهُ بِطِينٍ مِنْهَا ، فَقَالَتِ الأَرْضُ : إِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ أَنْ تَنْقُصَ مِنِّي أَوْ تُشِينَنِي ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْخُذْهُ ، وَقَالَ : رَبِّ إِنَّهَا عَاذَتْ بِكَ فَأَعَذْتُهَا ، فَبَعَثَ مِيكَائِيلَ فَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا ، فَرَجَعَ فَقَالَ كَمَا قَالَ جِبْرِيلُ : فَبَعَثَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا , فَرَجَعَ فَقَالَ : وَأَنَا أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَرْجِعَ وَلَمْ أُنْفِذْ أَمَرَهُ ، فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الأَرْضِ ، وَخَلَطَ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ ، وَأَخَذَ مِنْ تُرْبَةٍ حَمْرَاءَ وَبَيْضَاءَ وَسَوْدَاءَ . فَلِذَلِكَ خَرَجَ بَنُو آدَمَ مُخْتَلِفِينَ ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ آدَمَ لأَنَّهُ أُخِذَ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ ، فَصَعِدَ بِهِ فَبَلَّ التُّرَابَ حَتَّى عَادَ طِينًا لازِبًا , اللازِبُ : هُوَ الَّذِي يَلْزَقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ , ثُمَّ تُرِكَ حَتَّى أَنْتَنَ فَذَلِكَ حَيْثُ يَقُولُ : مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ سورة الحجر آية 26 , قَالَ : مُنْتِنٌ ، ثُمَّ قَالَ لِلْمَلائِكَةِ : إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ { 71 } فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ { 72 } سورة ص آية 71-72 , فَخَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ لِئَلا يَتَكَبَّرُ إِبْلِيسُ عَنْهُ لِيَقُولَ لَهُ : أَتَتَكَبَّرُ عَمَّا عَمِلْتَ بِيَدِي ، وَلَمْ أَتَكَبَّرْ أَنَا عَنْهُ ، فَخَلَقَهُ بَشَرًا فَكَانَ جَسَدًا مِنْ طِينٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ مِقْدَارِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ : فَمَرَّتْ بِهِ الْمَلائِكَةُ فَفَزِعُوا مِنْهُ لَمَّا رَأَوْهُ ، وَكَانَ أَشَدُّهُمْ فَزَعًا مِنْهُ إِبْلِيسَ ، وَكَانَ يَمُرُّ بِهِ فَيَضْرِبُهُ فَيُصَوِّتُ الْجَسَدَ كَمَا يُصَوَّتُ الْفَخَّارَ ، تَكُونُ لَهُ صَلْصَلَةٌ ، فَلِذَلِكَ حِينَ يَقُولُ : مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ سورة الرحمن آية 14 , وَيَقُولُ : لأَمْرٍ مَا خَلَقْتُ ، وَدَخَلَ مِنْ فَمِهِ فَخَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ ، فَقَالَ لِلْمَلائِكَةِ : لا تَرْهَبُوا مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ أَجْوَفُ ، وَلَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيْهِ لأُهْلِكَنَّهُ . فَلَمَّا بَلَغَ الْحِينَ الَّذِي أُرِيدَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ ، قَالَ لِلْمَلائِكَةِ : إِذَا نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَاسْجُدُوا لَهُ ، فَلَمَّا نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ فَدَخَلَ الرُّوحُ فِي رَأْسِهِ عَطَسَ ، فَقَالَتْ لَهُ الْمَلائِكَةُ : قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ : رَحِمَكَ رَبُّكَ ، فَلَمَّا دَخَلَ الرُّوحُ فِي عَيْنَيْهِ نَظَرَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ ، فَلَمَّا دَخَلَ فِي جَوْفِهِ اشْتَهَى الطَّعَامَ فَوَثَبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الرُّوحُ رِجْلَيْهِ عَجْلانَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ : خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سورة الأنبياء آية 37 , فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ { 30 } إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ { 31 } سورة الحجر آية 30-31 . وَذَكَرَ الْقِصَّةَ . وَبِهَذَا الإِسْنَادِ فِي قِصَّةِ مَرْيَمَ وَابْنَهَا ، قَالُوا : خَرَجَتْ مَرْيَمُ إِلَى جَانِبِ الْمِحْرَابِ لِحَيْضٍ أَصَابَهَا ، فَلَمَّا طَهُرَتْ إِذَا هِيَ بِرَجُلٍ مَعَهَا ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا سورة مريم آية 17 , وَهُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَفَزِعَتْ مِنْهُ وَقَالَتْ : إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا سورة مريم آية 18 , قَالَ : إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا سورة مريم آية 19 , فَخَرَجَتْ وَعَلَيْهَا جِلْبَابُهَا ، فَأَخَذَ بِكُمِّهَا فَنَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا , وَكَانَ مَشْقُوقًا مِنْ قُدَّامِهَا ، فَدَخَلَتِ النَّفْخَةُ صَدْرَهَا فَحَمَلَتْ ، فَأَتَتْهَا أُخْتُهَا امْرَأَةُ زَكَرِيَّا لَيْلَةً لِتَزُورَهَا ، فَلَمَّا فَتَحَتْ لَهَا الْبَابَ الْتَزَمَتْهَا ، فَقَالَتِ امْرَأَةُ زَكَرِيَّا : يَا مَرْيَمُ أَشَعَرْتِ أَنِّي حُبْلَى ؟ قَالَتْ مَرْيَمُ : أَشَعَرْتِ أَيْضًا أَنِّي حُبْلَى ؟ قَالَتِ امْرَأَةُ زَكَرِيَّا : فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِلَّذِي فِي بَطْنِكِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ سورة آل عمران آية 39 , وَذَكَرَ الْقِصَّةَ . قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَالرُّوحُ الَّذِي مِنْهُ نُفِخَ فِي آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ خَلْقًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى ، جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَيَاةَ الأَجْسَامِ بِهِ ، وَإِنَّمَا أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ عَلَى طَرِيقِ الْخَلْقِ وَالْمِلْكِ ، لا أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ سورة الجاثية آية 13 , أَيْ مِنْ خَلْقِهِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنِ مَسْعُودٍ | عبد الله بن مسعود / توفي في :32 | صحابي |
مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ | مرة الطيب / توفي في :76 | ثقة |
ابْنِ عَبَّاسٍ | عبد الله بن العباس القرشي / توفي في :68 | صحابي |
أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ | أسباط بن نصر الهمداني | صدوق كثير الخطا يغرب |
عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ | عمرو بن حماد القناد / توفي في :222 | صدوق رمي بالرفض |
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحافظ | الحاكم النيسابوري / ولد في :321 / توفي في :405 | ثقة حافظ |