باب ما جاء في قول الله عز وجل هل ينظرون الا ان ياتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة...


تفسير

رقم الحديث : 916

فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الحافظ , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ ، ثنا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , " يُحَدِّثُ حَدِيثًا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ ، أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ , وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ : أَهُوَ هُوَ ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ : هُوَ خَيْرُهُمْ . فَقَالَ آخِرُهُمْ : خُذُوا خَيْرَهُمْ . فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جَاءُوهُ لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبَهُ , وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلا يَنَامُ قَلْبُهُ ، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ ، تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ ، فَتَوَلاهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ , فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ ، حَتَّى فَرَّجَ عَنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ ، وَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ، حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ , ثُمَّ أَتَى بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوٌّ إِيمَانًا وَحِكْمَةً ، فَحَشَا صَدْرَهُ وَجَوْفَهُ وَأَعَادَهُ , ثُمَّ أَطْبَقَهُ ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا , فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا , فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا جِبْرِيلُ ، قَالُوا : وَمَنْ مَعَكَ . قَالَ : مُحَمَّدٌ . قَالُوا : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالُوا : فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلا ، يَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ , لا يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ مَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِي الأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ ، فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : هَذَا أَبُوكَ ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ . فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : مَرْحَبًا بِكَ وَأَهْلا يَا بُنَيَّ ، فَنِعْمَ الابْنُ أَنْتَ . فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهْرَيْنِ يَطَّرِدَانِ ، فَقَالَ : " مَا هَذَانِ النَّهْرَانِ يَا جِبْرِيلُ ؟ " قَالَ : هَذَانِ : النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا . ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ , فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ ، فَذَهَبَ يَشُمُّ تُرَابَهُ فَإِذَا هُوَ الْمِسْكُ ، فَقَالَ : " يَا جِبْرِيلُ وَمَا هَذَا النَّهْرُ ؟ " قَالَ : هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ . ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ ، فَقَالَتِ الْمَلائِكَةُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ فِي الأُولَى : مَنْ هَذَا مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ . قَالُوا : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالُوا : فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلا . ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ فِي الأُولَى وَالثَّانِيَةِ ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ . ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ , فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَكُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءٌ , قَدْ سَمَّاهُمْ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَوَعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ ، وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ ، وَآخَرَ فِي الْخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظِ اسْمَهُ ، وَإِبْرَاهِيمُ فِي السَّادِسَةِ ، وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ , بِفَضْلِ كَلامِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ : لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ إِلَيَّ أَحَدٌ ، ثُمَّ عَلا بِهِ فِيمَا لا يَعْلَمُ أَحَدٌ إِلا اللَّهُ تَعَالَى ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى ، وَدَنَا الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَتَدَلَّى ، حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ، فَأَوْحَى إِلَيْهِ مَا شَاءَ فِيمَا أَوْحَى خَمْسِينَ صَلاةً عَلَى أُمَّتِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، مَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ ؟ قَالَ : " عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً عَلَى أُمَّتِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ " . قَالَ : فَإِنَّ أُمَّتَكَ لا تَسْتَطِيعُ ، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ وَعَنْهُمْ . فَالْتَفَتَ إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ ، فَعَلا بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ حَتَّى أَتَى بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهُوَ مَكَانُهُ ، فَقَالَ : " يَا رَبِّ خَفِّفْ فَإِنَّ أُمَّتِي لا تَسْتَطِيعُ هَذَا " ، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَاحْتَبَسَهُ ، وَلَمْ يَزَلْ يَرُدُّهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ ، ثُمَّ احْتَبَسَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ فَضَيَّعُوهُ وَتَرَكُوهُ ، وَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا ، فَرَاجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ . فَالْتَفَتَ إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ ، فَلا يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ ، فَرَفَعَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ , فَقَالَ : " يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِي ضِعَافٌ أَجْسَادُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ , فَخَفِّفْ عَنَّا " . فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : " إِنِّي لا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ، هِيَ كَمَا كُتِبَتْ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، وَلَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَةُ أَمْثَالِهَا ، هِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ , وَهُنَّ خَمْسٌ عَلَيْكَ " . فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ : كَيْفَ فَعَلْتَ ؟ فَقَالَ : " خُفِّفَ عَنَّا ، أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرُ أَمْثَالِهَا " . قَالَ : قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَتَرَكُوهُ , فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضًا . قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَاللَّهِ قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي مِمَّا أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ " ، قَالَ : فَاذْهَبْ بِاسْمِ اللَّهِ . فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ , عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ الأَيْلِيِّ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ ، وَلَمْ يَسُقْ مَتْنَهُ ، وَأَحَالَ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ لَفْظُ الدُّنُوِّ وَالتَّدَلِّي ، وَلا لَفْظُ الْمَكَانِ . وَرَوَى حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، وَقَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ ، لَيْسَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ . وَقَدْ ذَكَرَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ فِي رِوَايَتِهِ هَذِهِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظِ الْحَدِيثَ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ مِنْ نِسْيَانِهِ مَا حَفِظَهُ غَيْرُهُ ، وَمِنْ مُخَالَفَتِهِ فِي مَقَامَاتِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ رَآهُمْ فِي السَّمَاءِ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ . وَقَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ : " فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ " وَمِعْرَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رُؤْيَةَ الْعَيْنِ ، وَإِنَّمَا شَقُّ صَدْرِهِ كَانَ وَهُوَ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ . ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا إِنَّمَا هِيَ حِكَايَةٌ حَكَاهَا شَرِيكٌ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ ، لَمْ يَعُزْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا رَوَاهَا عَنْهُ ، وَلا أَضَافَهَا إِلَى قَوْلِهِ . وَقَدْ خَالَفَهُ فِيمَا تَفَرَّدَ بِهِ مِنْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ , وَعَائِشَةُ , وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَهُمْ أَحْفَظُ وَأَكْبَرُ وَأَكْثَرُ ، وَرَوَتْ عَائِشَةُ , وَابْنُ مَسْعُودٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى { 8 } فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى { 9 } سورة النجم آية 8-9 , الْمُرَادُ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : " وَالَّذِي قِيلَ فِي هَذِهِ الآيَةِ أَقْوَالٌ ؛ أَحَدُهَا : أَنَّهُ دَنَا : يَعْنِي : جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَتَدَلَّى : أَيْ : فَقَرُبَ مِنْهُ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى , عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ، أَيْ تَدَلَّى وَدَنَا ، وَذَلِكَ أَنَّ التَّدَلِّي سَبَبُ الدُّنُوِّ " أَخْبَرَنَا بِهَذَا الْقَوْلِ أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ ، قَالَ : قَالَ الْفَرَّاءُ : " قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى سورة النجم آية 8 , يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ دَنَا مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَتَّى كَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى : أَيْ قَدْرَ قَوْسَيْنِ عَرَبِيَّتَيْنِ أَوْ أَدْنَى ، فَأَوْحَى : يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ إِلَى عَبْدِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ مَا أَوْحَى " قَالَ الْفَرَّاءُ : قَوْلُهُ : فَتَدَلَّى سورة النجم آية 8 : كَانَ الْمَعْنَى : ثُمَّ تَدَلَّى فَدَنَا ، وَلَكِنَّهُ جَائِزٌ إِذَا كَانَ مَعْنَى الْفِعْلَيْنِ وَاحِدًا أَوْ كَالْوَاحِدِ ، قَدَّمْتَ أَيَّهُمَا شِئْتَ , فَقُلْتَ : قَدْ دَنَا فَقَرُبَ ، وَقَرُبَ فَدَنَا ، وَشَتَمَنِي فَأَسَاءَ وَأَسَاءَ فَشَتَمَنِي . لأَنَّ الشَّتْمَ وَالإِسَاءَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ سورة القمر آية 1 الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ : انْشَقَّ الْقَمَرُ وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّهُ تَدَلَّى يَعْنِي جِبْرِيلَ بَعْدَ الانْتِصَابِ وَالارْتِفَاعِ حَتَّى رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَدَلِّيًا كَمَا رَآهُ مُنْتَصِبًا ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ قُدْرَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حِينَ أَقْدَرَهُ عَلَى أَنْ يَتَدَلَّى فِي الْهَوَاءِ مِنْ غَيْرِ اعْتِمَادٍ عَلَى شَيْءٍ وَلا تَمَسُّكٍ بِشَيْءٍ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَى قَوْلُهُ : دَنَا سورة النجم آية 8 , يَعْنِي : جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، فَتَدَلَّى سورة النجم آية 8 , مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا لِرَبِّهِ شُكْرًا عَلَى مَا أَرَاهُ مِنْ قُدْرَتِهِ ، وَأَنَالَهُ مِنْ كَرَامَتِهِ . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَلَمْ يَثْبُتْ فِي شَيْءٍ مِمَّا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ أَنَّ التَّدَلِّي مُضَافٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، جَلَّ رَبُّنَا عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَنُعُوتِ الْمَرْبُوبِينَ الْمَحْدُودِينَ . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَفِي الْحَدِيثِ لَفْظَةٌ أُخْرَى تَفَرَّدَ بِهَا شَرِيكٌ أَيْضًا لَمْ يَذْكُرْهَا غَيْرُهُ ، وَهِيَ قَوْلُهُ : فَقَالَ وَهُوَ مَكَانُهُ ، وَالْمَكَانُ لا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، إِنَّمَا هُوَ مَكَانُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُقَامُهُ الأَوَّلُ الَّذِي أُقِيمَ فِيهِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ

صحابي

شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ

صدوق يخطئ

سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ

ثقة

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ

ثقة حافظ

الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ

ثقة

أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ

ثقة حافظ

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الحافظ

ثقة حافظ

Whoops, looks like something went wrong.