يَعْنِي مَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الحافظ ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ، نا مُسَدَّدٌ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ ، فَقُلْنَ : مَا عِنْدَنَا إِلا الْمَاءُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ يُضِيفُ هَذَا ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ : أَنَا . فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ ، فَقَالَ : أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَتْ : مَا عِنْدَنَا إِلا قُوتُ الصِّبْيَانِ . فَقَالَ : هَيِّئِي طَعَامَكِ ، وَأَصْلِحِي سِرَاجَكِ ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا الْعَشَاءَ . فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا ، وَأَصْلَحَتْ سِرَاجَهَا وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا ، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تَصْلُحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ ، وَجَعَلا يُرِيَانِهِ كَأَنَّهُمَا يَأْكُلانِ ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " لَقَدْ ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ , أَوْ عَجِبَ , مِنْ فَعَالِكُمَا " . وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ سورة الحشر آية 9 ، روَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ مُسَدَّدٍ ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ , عَنْ فُضَيْلٍ ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ ، عَنْ فُضَيْلٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ " عَجِبَ " ، وَلَمْ يَذْكُرِ الضَّحِكَ . قَالَ الْبُخَارِيُّ : " مَعْنَى الضَّحِكِ الرَّحْمَةُ " . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : " قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَرِيبٌ ، وَتَأْوِيلُهُ عَلَى مَعْنَى الرِّضَى لِفِعْلِهَمَا أَقْرَبُ وَأَشْبَهُ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الضَّحِكَ مِنْ ذَوِي التَّمْيِيزِ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى وَالْبِشْرِ ، وَالاسْتِهْلالُ مِنْهُمْ دَلِيلُ قَبُولِ الْوَسِيلَةِ ، وَمُقَدِّمَةُ إِنْجَاحِ الطَّلَبَةِ ، وَالْكِرَامُ يُوصَفُونَ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ بِالْبِشْرِ وَحُسْنِ اللِّقَاءِ ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ " يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ " ؛ أَيْ : يُجْزِلُ الْعَطَاءَ لَهُمَا ؛ لأَنَّهُ مُوجَبُ الضَّحِكِ وَمُقْتَضَاهُ , قَالَ زُهَيْرٌ : تَرَاهُ إِذَا مَا جِئْتَهُ مُتَهَلِّلا كَأَنَّكَ تُعْطِيهِ الَّذِي أَنْتَ سَائِلُهُ وَإِذَا ضَحِكُوا وَهَبُوا وَأَجْزَلُوا ، قَالَ كُثَيِّرٌ : غَمْرُ الرِّدَاءِ إِذَا تَبَسَّمَ ضَاحِكًا غَلَقَتْ لِضَحْكَتِهِ رِقَابُ الْمَالِ وَقَالَ الْكُمَيْتُ , أَوْ غَيْرُهُ : فَأَعْطَى ثُمَّ أَعْطَى ثُمَّ عُدْنَا فَأَعْطَى ثُمَّ عُدْتُ لَهُ فَعَادَا مِرَارًا مَا أَعُودُ إِلَيْهِ إِلا تَبَسَّمَ ضَاحِكًا وَثَنَى الْوِسَادَا " قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : " قَوْلُهُ " عَجِبَ اللَّهُ " . إِطْلاقُ الْعَجَبِ لا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، وَلا يَلِيقُ بِصِفَاتِهِ ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الرِّضَى ، وَحَقِيقَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الصَّنِيعَ مِنْهُمَا حَلَّ مِنَ الرِّضَا عِنْدَ اللَّهِ ، وَالْقَبُولِ لَهُ ، وَمُضَاعَفَةِ الثَّوَابِ عَلَيْهِ ، مَحِلَّ الْعَجَبِ عِنْدَكُمْ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ إِذَا رُفِعَ فَوْقَ قَدْرِهِ ، وَأُعْطِيَ بِهِ الأَضْعَافُ مِنْ قِيمَتِهِ " . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : " وَقَدْ يَكُونُ أَيْضًا مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَعْجَبَ اللَّهُ مَلائِكَتَهُ وَيُضْحِكَهُمْ ، وَذَلِكَ أَنَّ الإِيثَارَ عَلَى النَّفْسِ أَمْرٌ نَادِرٌ فِي الْعَادَاتِ ، مُسْتَغْرَبٌ فِي الطِّبَاعِ ، وَهَذَا يَخْرُجُ عَلَى سَعَةٍ الْمَجَازِ ، وَلا يَمْتَنِعُ عَلَى مَذْهَبِ الاسْتِعَارَةِ فِي الْكَلامِ ، وَنَظَائِرُهُ فِي كَلامِهِمْ كَثِيرَةٌ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي هُرَيْرَةَ | أبو هريرة الدوسي / توفي في :57 | صحابي |
أَبِي حَازِمٍ | سلمان مولى عزة | ثقة |
فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ | الفضيل بن غزوان الضبي / توفي في :141 | ثقة |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ | عبد الله بن داود الخريبي / توفي في :213 | ثقة |
مُسَدَّدٌ | مسدد بن مسرهد الأسدي / توفي في :228 | ثقة حافظ |
يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ | يحيى بن محمد الذهلي / توفي في :267 | ثقة حافظ |
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ | محمد بن يعقوب الشيباني / ولد في :250 / توفي في :344 | ثقة حافظ |
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الحافظ | الحاكم النيسابوري / ولد في :321 / توفي في :405 | ثقة حافظ |