أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، أَنْبَأَ الْحَسَنُ ، ثنا أَبُو عُثْمَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ السَّرِيَّ , يَقُولُ : " تَدْرُونَ مَا الْيَقِينُ ؟ هُوَ سُكُونُ الْقَلْبِ عِنْدَ الْعَمَلِ بِمَا صَدَّقَ بِهِ الْقَلْبُ ، فَالْقَلْبُ مُطْمَئِنٌّ لَيْسَ فِيهِ تَخْوِيفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَلا يُؤَثِّرُ فِيهِ تَخَوُّفٌ ، فَالْقَلْبُ سَاكِنٌ آمِنٌ لَيْسَ يَخَافُ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلا وَلا كَثِيرًا فَإِذَا هَمَّ الْقَلْبُ بِبَابٍ مِنَ الْخَيْرِ لَمْ يَخْطُرْ بِقَلْبِهِ قَاطِعٌ يَمْنَعُهُ وَلا يُضْعِفُهُ عَنْ مَا نَوَى مِنَ الْخَيْرِ ، سَكَنَ قَلْبُ الْمُوقِنِ وَرَسَخَ فِيهِ حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ طُبِعَ عَلَيْهِ وَجُبِلَ عَلَيْهِ جَبْلا ، وَإِنَّكَ لا تَصِلُ إِلَى نَفْعٍ إِلا بِاللَّهِ وَلا يَكُونُ إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ , وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَلْقَ لا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ شَيْئًا وَلا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ إِلا بِاللَّهِ لِيَسْكُنَ قَلْبُ الْمُوقِنِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ دُونَ خَلْقِهِ , فَلا يَرْجُو غَيْرَ اللَّهِ وَلا يَخَافُ غَيْرَهُ ، وَزَالَ عَنْ قَلْبِهِ جَمِيعُ الْخَلْقِ مِنْ أَنْ يَرْجُوَ مِنْهُمْ أَحَدًا أَوْ يَخَافَهُ ، أَوْ يَتَّكِلَ عَلَيْهِ , أَوْ عَلَى مَالِهِ , أَوْ عَلَى بَدَنِهِ , أَوْ عَلَى احْتِيَالِهِ ، فَلَمَّا عَرَفَ ذَلِكَ عَزَّ وَقَوِيَ وَاسْتَغْنَى بِاللَّهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ دُونَ مَا سِوَاهُ " .