ذكر الرواية فيه عن عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه


تفسير

رقم الحديث : 236

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ ، نا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، نا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، نا يُونُسُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : " لا يَقْرَأُ مِنْ وَرَاءَ الإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ بِهِ الإِمَامُ الْقِرَاءَةَ ، يَكْفِيهِمْ قِرَاءَةُ الإِمَامِ ، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْهُمْ صَوْتَهُ ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ فِيمَا لا يَجْهَرُ بِهِ ، سِرًّا فِي أَنْفُسِهِمْ ، وَلا يَصْلُحُ لأَحَدٍ مِمَّنْ خَلْفَهُ أَنْ يَقْرَأَ مَعَهُ ، فِيمَا جَهَرَ بِهِ ، سِرًّا وَلا عَلانِيَةً ، قَالَ اللَّهُ : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْءَانُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ سورة الأعراف آية 204 " . وَقَدْ رَوَى بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَحَادِيثَ مَرْفُوعَةً ، وَمَوْقُوفَةً ، سِوَى مَا ذَكَرْنَا وَأَنَا لا أُحِبُّ تَدْنِيسَ كِتَابِي بِأَمْثَالِ تِلْكَ الأَحَادِيثِ ، عَلَى وَجْهِ الاحْتِجَاجِ بِهَا ، وَمَنْ قَالَ : بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْقَدِيمِ ، احْتَجَّ بِالآيَةِ ، وَالآيَةُ فِي الاسْتِمَاعِ لِقِرَاءَةِ الإِمَامِ ، فِيمَا يَجْهَرُ بِهَا ، دُونَ مَا يُسِرُّ بِهَا ، قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ : فَهَذَا عِنْدَنَا عَلَى الْقِرَاءَةِ الَّتِي تُسْمَعُ خَاصَّةً ، فَكَيْفَ يُنْصَتُ لِمَا لا يُسْمَعُ ؟ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ احْتَجَّ أَبُو عُبَيْدٍ ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالأَدَبِ ، بِالآيَةِ ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ ، فِي كِتَابِهِ : إِنَّمَا يُسْتَمَعُ لِمَا يُجْهَرُ . قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَلا مَعْنَى لِقَوْلِ مِنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَأْمُومَ مَأْمُورٌ بِالاسْتِمَاعِ لِلْقُرْآنِ وَالإِنْصَاتِ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ الإِمَامُ لا يَجْهَرُ بِالْقُرْآنِ ، فَمَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ عِنْدَ أَرْبَابِ اللِّسَانِ أَنَّ الاسْتِمَاعَ لِلشَّيْءِ إِنَّمَا يُؤْمَرُ بِهِ إِذَا كَانَ الشَّيْءُ مَسْمُوعًا فِي الْجُمْلَةِ ، فَإِذَا كَانَ غَيْرَ مَسْمُوعٍ فِي الْجُمْلَةِ فَلا يُؤْمَرُ بِاسْتِمَاعِهِ وَلا بِالإِنْصَاتِ لَهُ ، وَلأَجْلِ ذَلِكَ ذَهَبَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إِلَى تَرَكِ الْقِرَاءَةِ ، خَلْفَ الإِمَامِ ، فِيمَا جَهَرَ الإِمَامُ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ ، دُونَ مَا خَافَتَ فِيهِ بِهَا ، وَهُمْ أَرْبَابُ اللِّسَانِ . وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " مِنَ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ يَفِرُّونَ مِنْهُ ، صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . فَذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي يَصِيرُ مَسْمُوعًا ، لِمِنَ اسْتَمَعَ لَهُ مِنْ حيْثُ لا يَعْلَمُ بِهِ صَاحِبُهُ ، فَأَمَّا إِذَا قَصَدَ إِلَى الاسْتِمَاعِ وَلَمْ يَسْمَعْ فَإِنَّا لا نَجْعَلُهُ مُسْتَمِعًا ، وَلا مُسْتَحِقًّا لِهَذَا الْوَعِيدِ ، وَإِنْ كَانَ مَأْثُومًا بِمَا وُجِدَ مِنْهُ مِنَ الْقَصْدِ إِلَى الاسْتِمَاعِ ، وَهُوَ كَمَا لَوْ قَصَدَ مَعْصِيَةً ، ثُمَّ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا ، فَإِنَّهُ لا يُقَالُ لَهُ إِنَّهُ فَعَلَهَا ، وَلا صَارَ مُسْتَحِقًّا لِلْوَعِيدِ الْوَارِدِ فِيهَا ، وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَسْتَمِعِ الْقِرَاءَةَ لِصَمَمٍ يَكُونُ بِهِ ، أَوْ تَبَاعُدٍ عَنِ الإِمَامِ ، فَإِنَّمَا يَكُونُ مَأْمُورًا بِالاسْتِمَاعِ ، وَالإِنْصَاتِ ، عَلَى طَرِيقِ التَّبَعِ لِمَنْ سَمِعَهَا ، حُكَمًا وَشَرْعًا ، فَأَمَّا اللُّغَةُ فَعَلَى مَا حكَيْنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَمَنْ قَالَ بِالْقَوْلِ الصَّحِيحِ وَهُوَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ وَاجِبَةٌ خَلْفَ الإِمَامِ ، جَهَرَ الإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ ، أَوْ خَافَتَ بِهَا ، زَعَمَ أَنَّا لا نُنْكِرُ نُزُولَ هَذِهِ الآيَةَ فِي الصَّلاةِ أَوْ فِي الصَّلاةِ وَالْخُطْبَةِ ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ مِنْ سَلَفِ هَذِهِ الأُمَّةِ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ أَوْ بَعْضَ مِنْ رَوَى عَنْهُمُ اخْتَصَرُوا الْحَدِيثَ ، فَقَالُوا : فِي الصَّلاةِ مُطْلَقًا . وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ أَحْفَظُ مِنْ رَوَى الْحَدِيثَ فِي دَهْرِهِ ، ثُمَّ مِنْ تَابَعَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، بِتَمَامِهِ ، مُقَيَّدًا ، مُفَسَّرًا ، بِذِكْرِ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي الصَّلاةِ ، قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ ، حتَّى نَزَلَتْ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ ، فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ ، وَالاقْتِصَارُ عَلَيْهِ ، دُونَ السُّكُوتِ عَنِ الْقِرَاءَةِ ، الَّتِي وَجَبَتْ بِأَصْلِ الشَّرْعِ ، فِي الصَّلاةِ مَعَ إِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ قِرَاءَتِهَا وَالاسْتِمَاعِ لِقِرَاءَةِ الإِمَامِ ، عَلَى مَا نُبَيِّنَهُ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ

ثقة إمام

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ

ثقة حافظ

Whoops, looks like something went wrong.