ذكر الرواية فيه عن عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه


تفسير

رقم الحديث : 376

أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَنْبَأَ أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ الْحَسَنِ ، بِنَيْسَابُورَ ، أَنْبَأَ الْحُسَيْنُ بْنُ بَهَانٍ الْعَسْكَرِيُّ ، أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ ، أَنْبَأَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الأَنْدَلُسِيِّ ، أَنْبَأَ مَالِكُ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ ، قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الظُّهْرِ ، وَكَانَ عَنْ يَمِينِي رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَرَأَ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَلَى يَسَارِي رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ يَلْعَبُ بِالْحَصَا ، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ ، قَالَ : " مَنْ قَرَأَ خَلْفِي ؟ " . قَالَ الأَنْصَارِيُّ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " فَلا تَفْعَلْ ، مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ " . وَقَالَ لِلَّذِي يَلْعَبُ بِالْحَصَا : " هَذَا حَظُّكَ مِنْ صَلاتِكَ " . هَذَا إِسْنَادٌ بَاطِلٌ فِيهِ مَنْ لا يُعْرَفُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ هَذَا إِنْ كَانَ هُوَ الْعُكَّاشِيَّ فَهُوَ كَذَّابٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى الأَوْزَاعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الأَئِمَّةِ ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَ النَّاسِ مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ لَمَا فَزِعَ مَنْ لَمْ يَرَ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الإِمَامِ إِلَى رِوَايَةِ ابْنِ شَدَّادٍ وَغَيْرِهِ ، وَيَنْبَغِي لِمَنْ يَحْتَجُّ بِمِثْلِ هَذَا الإِسْنَادِ وَقَدْ نَظَرَ فِي عَلْمِ الْحَدِيثِ أَنْ يَسْتَحِيَ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ " . وَاحْتَجَّ بَعْضُ النَّاسِ بِأَخْبَارٍ وَاهِيَةٍ ذَكَرْنَا بَعْضُ مَا بَلَغَنَا مِنْ طَعْنِ الْحُفَّاظِ فِيهَا ، ثُمَّ قَالَ : لَمْ يَنْفَصِلِ الْمُخَالِفُونَ عَنْ هَذِهِ الأَخْبَارِ عَلَى كَثْرَتِهَا وَاتِّصَالِ سَنَدِهَا وَاشْتِهَارِ رُوَاتِهَا إِلا بِمَا لا حَاصِلَ مِنْ قَوْلِهِمْ : تَفَرَّدَ فُلانٌ بِهِ ، وَفُلانٌ غَيْرُ حُجَّةٍ وَفُلانٌ ضَعِيفٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ سَاقَ الْكَلامَ إِلَى أَنْ قَالَ : وَجَرْحُهُمُ الرَّجُلَ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ سَبَبِ الْجَرْحِ غَيْرُ مُؤْثِرٍ وَلا مَعْمُولٍ بِهِ لأَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنَّهُمْ يَجْرَحُونَ بِمَا لا يُوجِبُ الْجَرْحَ ، وَمَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِنَا هَذَا وَقَفَ عَلَى خِلافِ مَا وَصَفَ بِهِ أَخْبَارَهُ فَفِيهَا مِنَ الانْقِطَاعَ وَجَهَالَةِ الرُّوَاةِ وَالْمَشْهُورِ مِنْهُمْ بِالْوَضْعِ ، ثُمَّ بِالْخَطَأِ فِي الرِّوَايَةِ مَا لا يُحْصَى ، وَمَنْ لا يَعُدُّ دَنَسَ مَا ثَنَى هَذَا الرَّجُلُ عَلَى أَئِمَّةِ أَهْلِ النَّقْلِ وَمُزَكِّيِّ رُوَاةِ الأَخْبَارِ بِأَنَّهُمْ يَجْرَحُونَ بِمَا لا يُوجِبُ الْجَرْحَ ، وَعَهْدُنَا مِنْهُمْ وَهُمْ لِخَشْيَتِهِمِ اللَّهَ تَعَالَى وَتَقْوَاهَمْ لَمْ يَحَابُوا فِيمَا جَرَحُوا أَوْ عَدَّلُوا ، غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَخْتَلِفُونَ فِي بَعْضِ أَسْبَابِ الْجَرْحِ ، فَرُبَّمَا يَخْتَلِفُونَ فِي جَرْحِ إِنْسَانٍ لاخْتِلافِهِمْ فِي سَبَبِهِ كَمُزَكِّيِّ الشُّهُودِ ، وَرُبَّمَا يَقِفُ بَعْضُهُمْ عَلَى جَرْحِ إِنْسَانٍ دُونَ بَعْضٍ ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ دُونَ مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ ، وَيَكُونُ عَلَيْنَا النَّظَرُ فِي أَقَاوِيلِهِمْ ، وَالْعَمَلُ عَلَى مَا يُوجِبُ الْعِلْمَ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ ، فَإِنْ أُطْلَقَ الْجَرْحُ فَمَنْ مَذْهِبِ الْعِرَاقِيِّينَ قَبُولُ الْجَرْحِ فِي الشُّهُودِ عَلَى الإِطْلاقِ ، فَمَا بَالُ هَذَا الرَّجُلِ لا يَقْبَلُهُ فِي رُوَاةِ الأَخْبَارِ ، وَكَانَ نَسِيَ مَذْهَبَ صَاحِبِهِ فِي الشَّهَادَةِ حتَّى قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فِي الرِّوَايَةِ ، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّا لا نَقْبَلُ مِنَ الأَحَادِيثِ إِلا حَدِيثًا قَدْ عُرِفَتْ رُوَاتُهُ بِالْعَدَالَةِ وَالصِّدْقِ فِي الرِّوَايَةِ ، فَإِذَا كَانَ بَعْضُ رُوَاتِهِ مَطْعُونًا فِيهِ عِنْدَ أَئِمَّةِ أَهْلِ النَّقْلِ فَأَدْنَى حَالِهِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ ثَابِتِ الْعَدَالَةِ وَالصِّدْقِ فَلا نَقْبَلُ حَدِيثَهُ حتَّى نَقِفَ مِنْ حَالِهِ عَلَى مَا يُوجِبُ قَبُولَ خَبَرِهِ ، وَمَنْ ثَبَتَ عَدَالُتُهُ وَعُرِفَ بِالصِّدْقِ فِي رِوَايَتِهِ فَطَعَنَ فِيهِ بَعْضُهُمْ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِيهِ حتَّى يُذْكُرَ مِنْ حَالِهِ مَا يُوجِبُ الْجَرْحَ ، فَإِذَا ثَبَتَ جَرْحُهُ سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ كَمَا نَقُولُ فِي الشَّهَادَةِ ، فَنَحْنُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ قَدِ اسْتَعْمِلْنَا هَذَا الأَصْلَ فِي قَبُولِ مَا قَبِلْنَا مِنَ الأَخْبَارِ وَرَدِّ مَا رَدَدْنَا مِنْهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَغَيْرِهَا ، غَيْرَ أَنَّ بَيَانَ ذَلِكَ فِيمَنْ عَدَّلْنَا وَفِيمَنْ جَرَحْنَا يَطَولُ بِذِكْرِهِ الْكِتَابُ ، وَقَدْ صَنَّفَ فِيهِ مُزَكُّو الأَخْبَارِ كُتُبًا كَثِيرَةً مَنْ أَحَبَّ الْوُقُوفَ عَلَى ذَلِكَ نَظَرَ فِيهَا ، وَاجْتَهَدَ فِي مَعْرِفَتِهَا فَيَقِفُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَادَّعَى هَذَا الرَّجُلُ أَنَّ أَكْبَرَ مَا يُعْلَمُ بِهِ صِحَّةُ الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلِذَلِكَ وَرَدَ الشَّرْعُ بِعَرْضِ الْحَدِيثِ عَلَى الْكِتَابِ ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ فِي عِدَّةِ أَخْبَارٍ ، وَمَا احْتَجَّ بِهِ مِنَ الأَخْبَارِ مُوَافِقٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلِلنَّصِّ الَّذِي قَدَّمَهُ ، وَالإِجْمَاعِ الَّذِي حَكَاهُ ، فَثَبَتَ صِحَّتِهَا وَهَذِهِ الدَّعْوَى بَاطِلَةٌ ، وَالأَخْبَارُ الَّتِي وَرَدَتْ فِي عَرَضِ الْحَدِيثِ عَلَى الْكِتَابِ مَرْدُودَةٌ ، وَهِيَ فِي الانْقِطَاعِ ، وَضَعْفِ ، الرُّوَاةِ وَجَهَالَةِ بَعْضِهِمْ ، كَالأَحَادِيثِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ وَبَيَّنَّا عِلَلَهَا وَضَعْفَهَا ، مَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ رَجَعَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَالَّذِي زَعَمَ مِنْ مُوَافَقَةِ أَخْبَارِهِ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَلَيْسَ كَذَلِكَ فَفِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، أَنَّ عَمَلَ كُلِّ إِنْسَانٍ لِنَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ، وَقَالَ تَعَالَى : لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى سورة طه آية 15 وَقَالَ : لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ سورة البقرة آية 286 وَهُوَ يَقُولُ بِأَخْبَارِهِ الْوَاهِيَةِ : أَنَّ عَمَلَ الإِمَامِ فِي الْقِرَاءَةِ لِلْمَأْمُومِ وَالإِمَامِ ، وَأَنَّ لِلْمَأْمُومِ مَا لَمْ يَكْسِبْ وَلَمْ يَسَعَ بِقِرَاءَةِ الإِمَامِ ، وَالأُصُولُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الإِنْسَانَ لا يَنْتَفِعُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ ، إِلا فِيمَا خَصَّصَتْهَا سَنَةٌ صَحِيحَةٌ كَالْحَجِّ ، وَالْعُمْرَةِ ، وَمَا يُقْضَى عَنِ الْمَيِّتِ مِنَ الدِّينِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَالدُّعَاءِ ، ثُمَّ الْحجُّ ، وَالْعُمْرَةُ ، لا يَكُونَانِ مُشْتَرَكَيْنِ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ عَنْهُ ، بَلْ يَكُونَانِ عَنِ الْمَفْعُولِ عَنْهُ ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمَا مِنَ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا وَمَنْ قَالَ : قِرَاءَةُ الإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ قِرَاءَةٌ جَعَلَهَا مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَخَالَفَ ظَاهَرَ الْخَبَرِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مِنْ حيْثُ أَنَّهُ جَعَلَهَا لِلْمَأْمُومِ وَهُوَ جَعَلَهَا لِلإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ ، وَخَالَفَ ظَاهَرَ الْكِتَابِ مِنْ حيْثُ أَنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ نَفْسٍ مَا سَعَتْ وَكَسَبَتْ ، وَهُوُ جَعَلَ سَعْيَ الإِمَامِ وَكَسْبَهُ بَيْنَ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ ، وَلأَخْبَارِهِ الْوَاهِيَةِ جَمِيعًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَأَخْبَارُهُ الْوَاهِيَةُ مُخَالَفَةٌ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ كَمَا بَيَّنَّا ، فَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، مَا يُوَافِقُ أَخْبَارَهُ الْوَاهِيَةَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ . وَأَمَّا مَا ادَّعَى مِنَ النَّصِّ ، فَبَاطِلٌ لأَنَّ النَّصَّ مَا لا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ ، وَقَدْ حَمَلْنَا مَا احْتَجَّ بِهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالأَخْبَارِ عَلَى وُجُوهٍ صَحِيحَةٍ ، وَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى صِحَّتِهَا بِدَلائِلَ وَاضِحَةٍ ، وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْءَانُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ سورة الأعراف آية 204 ، مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ أَهْلُ الْحِجَازِ وَيَحْتَجُّ بِهِ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْقَدِيمِ ، وَكَذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ مِنَ الأَخْبَارِ ، فَاحْتِجَاجُ هَذَا الرَّجُلِ بِهِ ، وَبِتِلْكَ الأَخْبَارِ كَالْمُتَشَبِّعِ بِمَا لَمْ يُعْطَ ، وَفِي التَّلْبِيسِ كَلابِسِ ثَوْبِي زُورٍ ، وَهُوَ لا يَفْصِلُ بَيْنَ مَا يَسْمَعُ مِنَ الْقُرْآنِ وَبَيْنَ مَا لا يَسْمَعُ ، وَظَاهَرُ الآيَةِ وَتِلْكَ الأَخْبَارُ تُوجِبُ التَّفْصِيلَ ، ثُمَّ قَدْ حَمَلَنَا تِلْكَ الأَخْبَارَ إِنْ صَحَّتْ عَلَى تَرْكِ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ ، وَعَلَى تَرْكِ قِرَاءَةِ السُّورَةِ ، وَكَذَلِكَ الآيَةُ وَنَقَلْنَا الأَخْبَارَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا وَهُوَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَفْعِ الأَصْوَاتِ وَهُمْ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفِي كَلامِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا ، وَنَحْنُ لا نُكَلِّمُ فِي الصَّلاةِ ، وَلا نَرْفَعُ أَصْوَاتَنَا خَلْفَ الإِمَامِ بِالْقِرَاءَةِ بَلْ نَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي سَكْتَةِ الإِمَامِ ، أَوْ مَعَهُ سِرًّا دُونَ الْجَهْرِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ سورة الأعراف آية 205 ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ خِطَابًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَالْمُرَادُ بِهِ هُوَ وَغَيْرُهُ ، وَحَمَلُهُ عَلَى غَيْرِهِ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ وَالرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ أَوْلَى لأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِمَامًا يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ ، فَالْمَأْمُومُ هُوَ الَّذِي يَذْكُرُ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ دُونَ الْجَهْرِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فِي هَذِهِ الآيَةِ ، وَيَسْتَمِعُ لِقِرَاءَةِ الإِمَامِ وَيُنْصِتُ لَهُ بِالإِمْسَاكِ مِنَ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ ، وَعَنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ ، وَعَنْ كَلامِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا كَمَا أَمَرَتْ بِهِ فِي الآيَةِ الأُولَى ، فَقَدْ قُلْنَا بِمُقْتَضَى الآيَتَيْنِ وَسَائِرِ الآيَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لَمْ نُخَالِفْ شَيْئًا مِنْهَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ ، وَمَا ادَّعَى مِنَ الإِجْمَاعِ أَبْطَلُ ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ بِمَا فِيهَا مِنَ الاخْتِلافِ فَأَنَّى إِجْمَاعٌ مَعَهُ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ حتَّى يَدَّعِيهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى ، لَوْلا الْجَهْلُ بِمَذْهَبِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَالتَّجَاهُلُ أَوِ الاعْتِرَاضِ بِرِوَايَةِ الضُّعَفَاءِ ، وَاللَّهُ يَعْصِمُنَا عَنْ أَمْثَالِ ذَلِكَ بِرَحْمَتِهِ . وَاحْتَجَّ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَحَادِيثَ أُخَرَ مَجْهُولَةٍ وَمُنْقَطِعَةٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ فَصْلا فِي صِحَّةِ الاحْتِجَاجِ بِالْمَرَاسِيلِ ، وَالْكَلامُ فِي الْمَرَاسِيلِ وَفِي رِوَايَةِ الْمَجْهَولِينَ مَوْضِعُهُ الأُصُولُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ مَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الآثَارِ ، وَذَكَرِنَا فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مَا يُقْبَلُ مِنَ الْمَرَاسِيلِ عِنْدَ اقْتِرَانِ مَا يُوكِدُهُ بِهِ ، وَمَا يُرَدُّ مِنْهُ فَمَنْ أَحَبَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ رَجَعَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَأَمَّا مَا ذَكَرَ هَذَا الْقَائِلُ مِنْ إِرْسَالِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، فَمَرَاسِيلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَقْبُولَةٌ ، وَكَذَلِكَ مَرَاسِيلُ كِبَارِ التَّابِعِينَ إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهَا مَا يُوكِدَهَا مِنْ عَدَالَةِ رِجَالِ مَنْ أَرْسَلَ مِنْهُمْ حَدِيثَهُ ، وَشُهْرَتِهِمْ وَاجْتِنَابِ رِوَايَةِ الضُّعَفَاءِ ، وَالْمَجْهُولِينَ ، وَمُتَابَعَتِهِ مِنْ أَرْسَلَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ ، مِمَّنْ قَبِلَ الْعِلْمَ مِنْ غَيْرِ رِجَالِهِ ، أَوْ مُوَافَقَةِ مُرْسِلهِ قَوْلَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ ، أَوْ أَقْوَالِ عَوَامٍّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَلَمْ يُخَالِفْ مُرْسِلُهُ حَدِيثًا مُتَّصِلا مَعْرُوفًا ، فَإِذَا خَالَفَهُ كَانَ الْمُتَّصِلُ الْمَعْرُوفُ أَوْلَى ، فَأَمَّا مِنْ بَعْدَ كِبَارِ التَّابِعِينَ الَّذِينَ يَتَسَاهَلُونَ فِي الرِّوَايَةِ عَنِ الْمَجْهُولِينَ وَالضُّعَفَاءِ ، فَإِنَّا لا نَقْبَلُ مَرَاسِيلَهُمْ ، لأَنَّا لا نَدْرِي أَحَمِلَ الَّذِي أَرْسَلَ مِنْهُمْ حَدِيثًا حَدِيثَهُ عَنْ مَوْثُوقٍ بِهِ أَوْ مَرْغُوبٍ عَنْهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَنْبَأَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ذِكْرِ الْمَرَاسِيلِ " فَأَمَّا مَنْ بَعْدَ كِبَارِ التَّابِعِينَ فَلا أَعْلَمُ مِنْهُمْ وَاحِدًا يُقْبَلُ مُرْسَلُهُ لأُمُورٍ : أَحَدُهَا أَنَّهُمْ أَشَدُّ تَجَوُّزًا فِيمَنْ يرْوُونَ عَنْهُ ، وَالآخَرُ أَنَّهُ تُوجَدُ عَلَيْهِمُ الدَّلائِلُ فِيمَا أَرْسَلُوا لِضَعْفِ مُخْرِجِهِ ، وَالآخَرُ كَثْرَةُ الإِحَالَةِ فِي الأَخْبَارِ ، وَإِذَا كَثُرَتِ الإِحَالَةُ كَانَ أَمْكَنَ لِلْوَهْمِ وَضَعْفَ مَنْ يُقْبَلُ عَنْهُ " .

الرواه :

الأسم الرتبة
النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ

صحابي

سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار

يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ

ثقة ثبت

مَالِكُ بْنِ أَنَسٍ

رأس المتقنين وكبير المتثبتين

مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الأَنْدَلُسِيِّ

كذاب

سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ

متروك الحديث

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ

مجهول الحال

الْحُسَيْنُ بْنُ بَهَانٍ الْعَسْكَرِيُّ

مجهول الحال

أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ الْحَسَنِ

مجهول الحال

الْقَاضِي أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.