أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ , أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ , نا أَبُو دَاوُدَ , نا ابْنُ كَثِيرٍ , نا سُفْيَانُ , قَالَ : " كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْقَدَرِ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ : ونا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ , نا أَسَدُ بْنُ مُوسَى , نا حَمَّادُ بْنُ دُلَيْلٍ , قَالَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ , يُحَدِّثُنَا عَنِ النَّصْرِ , ح قَالَ أَبُو دَاوُدَ , وَحَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ , عَنْ قَبِيصَةَ , نا أَبُو رَجَاءٍ , عَنْ أَبِي الصَّلْتِ , وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ كَثِيرٍ وَمَعْنَاهُمْ قَالَ : كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْقَدَرِ ، فَكَتَبَ : " أَمَّا بَعْدُ ، أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ , وَالاقْتِصَادِ فِي أَمْرِهِ , وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ رَسُولِهِ , وَتَرْكِ مَا أَحْدَثَ الْمُحْدِثُونَ بَعْدَمَا جَرَتْ سُنَّتُهُ وَكُفُوا مُؤْنَتَهُ , فَعَلَيْكَ بِلُزُومِ السُّنَّةِ فَإِنَّهَا لَكَ بِإِذْنِ اللَّهِ عِصْمَةٌ , ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِعِ النَّاسُ بِدْعَةً إِلا وَقَدْ مَضَى قَبْلَهَا مَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهَا أَوْ عِبْرَةٌ فِيهَا , فَإِنَّ السُّنَّةَ إِنَّمَا سَنَّهَا مَنْ قَدْ عَلِمَ فِي خِلافِهَا مِنَ الْخَطَإِ , وَالزَّلَلِ , وَالْحُمْقِ , وَالتَّعَمُّقِ , فَارْضَ لِنَفْسِكَ مَا رَضِيَ الْقَوْمُ لأَنْفُسِهِمْ , فَإِنَّهُمْ عَنْ عِلْمٍ وَقَفُوا , وَبِبَصَرٍ نَافِذٍ كُفُوا , لَهُمْ عَلَى كَشْفِ الأُمُورِ كَانُوا أَقْدَرَ , وَبِفَضْلِ مَا فِيهِ كَانُوا أَوْلَى , فَإِنْ كَانَ الْهُدَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ لَقَدْ سَبَقْتُمُوهُمْ إِلَيْهِ , وَلَئِنْ قُلْتُمْ إِنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَهُمْ مَا أَحْدَثَهُ إِلا مَنِ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ أَوْ رَغِبَ بِنَفْسِهِ عَنْهُمْ فَإِنَّهُمْ هُمُ السَّابِقُونَ , وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ بِمَا يَكْفِي , وَوَصَفُوا مَا يَشْفِي , فَمَا دُونَهُمْ مِنْ مُقَصِّرٍ , وَمَا فَوْقَهُمْ مِنْ مُحْسِنٍ , قَدْ قَصَّرَ قَوْمٌ دُونَهُمْ فَجَفَوْا , وَطَمَحَ عَنْهُمْ أَقْوَامٌ فَغَلَوْا , وَإِنَّهُمْ بَيْنَ ذَلِكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ . كَتَبْتَ تَسْأَلُ عَنِ الإِقْرَارِ بِالْقَدَرِ , فَعَلَى الْخَبِيرِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَعْتَ , مَا أَعْلَمُ أَحْدَثَ النَّاسُ مِنْ مُحْدَثَةٍ وَلا ابْتَدَعُوا مِنْ بِدْعَةٍ هِيَ أَبْيَنُ أَثَرًا , وَلا أَثْبَتُ أَمْرًا مِنَ الإِقْرَارِ بِالْقَدَرِ , لَقَدْ كَانَ ذَكَرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْجُهَلاءُ يَتَكَلَّمُونَ فِي كَلامِهِمْ وَفِي شِعْرِهِمْ يُعَزُّونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ عَلَى مَا فَاتَهُمْ , ثُمَّ لَمْ يَزِدْهُ الإِسْلامُ بَعْدُ إِلا شِدَّةً , لَقَدْ ذَكَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ , وَلا حَدِيثَيْنِ , قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ فَتَكَلَّمُوا بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ يَقِينًا وَتَسْلِيمًا لِرَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ , وَتَضْعِيفًا لأَنْفُسِهِمْ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ لَمْ يُحِطْ بِهِ عِلْمُهُ , وَلَمْ يُحْصِهِ كِتَابُهُ بِذَلِكَ , وَلَمْ يَمْضِ فِيهِ قَدَرُهُ , وَإِنَّهُ لَمَعَ ذَلِكَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ لَمِنْهُ اقْتَبَسُوهُ وَلَمِنْهُ تَعَلَّمُوهُ , وَلَئِنْ قُلْتُمْ لِمَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَةَ كَذَا , وَلِمَ قَالَ اللَّهُ كَذَا , لَقَدْ قَرَءُوا مِنْهُ مَا قَرَأْتُمْ , وَعَلِمُوا مِنْ تَأْوِيلِهِ مَا جَهِلْتُمْ , وَقَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ : كُلُّهُ بِكِتَابٍ وَقَدَرٍ , وَمَا يُقَدَّرْ يَكُنْ , وَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ , وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ , وَلا نَمْلِكُ لأَنْفُسِنَا ضَرًّا وَلا نَفْعًا , ثُمَّ رَغِبُوا بَعْدَ ذَلِكَ وَرَهِبُوا " . وَلَمْ يَقُلِ ابْنُ كَثِيرٍ : مَنْ قَدْ عَلِمَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |