أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ بِبَغْدَادَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ عِيسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ الطُّومَارِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ فَهْمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ ، يَقُولُ : " كَانَ لِلْمَأْمُونِ وَهُوَ أَمِيرٌ إِذْ ذَاكَ مَجْلِسُ نَظَرٍ ، فَدَخَلَ فِي مَجْلِسِ النَّاسِ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ حَسَنُ الثَّوْبِ ، حَسَنُ الْوَجْهِ ، طَيِّبُ الرَّائِحَةِ ، قَالَ : فَتَكَلَّمَ ، فَأَحْسَنَ الْكَلامَ الْعِبَارَةَ ، قَالَ : فَلَمَّا أَنْ تَقَوَّضَ الْمَجْلِسُ ، دَعَاهُ الْمَأْمُونُ ، فَقَالَ لَهُ : إِسْرَائِيلِيٌّ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ لَهُ : أَسْلِمْ حَتَّى أَفْعَلَ بِكَ وَأَصْنَعَ ، وَوَعَدَهُ ، فَقَالَ : دِينِي وَدِينُ آبَائِي ، فَانْصَرَفَ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَنَةٍ جَاءَنَا مُسْلِمًا ، قَالَ : فَتَكَلَّمَ عَلَى الْفِقْهِ ، فَأَحْسَنَ الْكَلامَ ، فَلَمَّا أَنْ تَقَوَّضَ الْمَجْلِسُ دَعَاهُ الْمَأْمُونُ ، فَقَالَ لَهُ : أَلَسْتَ صَاحِبَنَا بِالأَمْسِ ؟ ، قَالَ لَهُ : بَلَى ، قَالَ : فَمَا كَانَ سَبَبُ إِسْلامِكَ ؟ ، قَالَ : انْصَرَفْتُ مِنْ حَضْرَتِكَ ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمْتَحِنَ هَذِهِ الأَدْيَانَ ، وَأَنَا مَعَ مَا تَرَانِي حَسَنُ الْخَطِّ , فَعَمَدْتُ إِلَى التَّوْرَاةِ ، فَكَتَبْتُ ثَلاثَ نُسَخٍ ، فَزِدْتُ فِيهَا وَنَقَصْتُ ، وَأَدْخَلْتُهَا الْكَنِيسَةَ ، فَاشْتُرِيَتْ مِنِّي ، وَعَمَدْتُ إِلَى الإِنْجِيلِ , فَكَتَبْتُ ثَلاثَ نَسْخٍ ، فَزِدْتُ فِيهَا وَنَقَصْتُ , وَأَدْخَلْتُهَا الْبَيْعَةَ فَاشْتُرِيَتْ مِنِّي ، وَعَمَدْتُ إِلَى الْقُرْآنِ ، فَعَمِلْتُ ثَلاثَ نَسْخٍ ، وَزِدْتُ فِيهَا وَنَقَصْتُ , وَأَدْخَلْتُهَا إِلَى الْوَرَّاقِينَ ، فَتَصَفَّحُوهَا ، فَلَمَّا أَنْ وَجَدُوا فِيهَا الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ ، رَمَوْا بِهَا فَلَمْ يَشْتَرُوهَا ، فَعَلِمْتُ أَنَّ هَذَا كِتَابٌ مَحْفُوظٌ ، فَكَانَ هَذَا سَبَبُ إِسْلامِي " ، قَالَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ : " فَحَجَجْتُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ ، فَلَقِيتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ , فَذَكَرْتُ لَهُ الْحَدِيثَ ، فَقَالَ لِي : مِصْدَاقُ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , قَالَ : قُلْتُ : فِي أَيِّ مَوْضِعٍ ؟ ، قَالَ : فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ سورة المائدة آية 44 ، فَجَعَلَ حِفْظَهُ إِلَيْهِمْ فَضَاعَ , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ سورة الحجر آية 9 ، فَحَفِظَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا فَلَمْ يَضِعْ " ، قُلْتُ : وَفِي الْكِتَابِ ثُمَّ فِي أَخْبَارِ السَّلَفِ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ الأُمَمَ السَّالِفَةَ كَانُوا إِذَا غَيَّرُوا شَيْئًا مِنْ أَدْيَانِهِمْ غَيَّرُوهُ أَوَّلا مِنْ كُتُبِهِمْ وَاعْتَقَدُوا خِلافَهُ بِقُلُوبِهِمْ ، ثُمَّ أَتْبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ، أَقْوَالَهُمْ وَأَفْعَالَهُمْ ، وَفِي هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ حَفِظَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ كِتَابَهُ ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَثَبَّتَهُمْ عَلَى عَقَائِدِهِمْ ، حَتَّى لا يُغَيِّرُوا شَيْئًا مِنْهَا ، وَإِنْ كَانَ فِعْلا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِشَهْوَةٍ أَوْ بِغَفْلَةٍ خِلافَهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى حِفْظِ دِينِهِ ، وَعَلَى مَا هَدَانَا لِمَعْرِفَتِهِ , وَنَسْأَلُهُ الثَّبَاتَ إِلَى الْمَمَاتِ ، وَالْمَغْفِرَةَ يَوْمَ تُحْشَرُ الأَمْوَاتُ , إِلَهٌ سُمَيْعُ الدُّعَاءِ ، فَعَّالٌ لِمَا يَشَاءُ ، وَالصَّلاةُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |